الأجسام العائمة .. إنها تقترب علينا!
كتبت: يارا كمال
فاكر وأنت صغير لما كنت بتلاقي أشكال شفافة في الضوء العالي كده عمّالة تلعب وتتحرك كإنها بتتمشى في أشعة النور؟ ممكن وأنت صغيّر كنت بتخاف منهم أو بتفتكر إن عندك قدرات خاصة تخليك تشوف حاجات محدش تاني شايفها أو حتى إنك بتهلوس، ولما تحاول تركز فيها وتقرب منها تروح. يمكن لما كبرت بقيت عارف إن دي ظاهرة عادية، يمكن مش عارف إيه سببها بالظبط أو فاكر إن عينك بتزغلل، ويمكن أصلًا مابقاش فيك دماغ تقعد تركّز مع الأشكال دي.
بس بما إنه كُن جميلًا ترى الوجود جميلًا، وإن الجمال في عين الرائي، فكل حاجة احنا بنشوفها بتكون من جوانا. دي مش فزلكة والله، دي حقيقة.
الحاجات اللي أنت بتشوفها دي اسمها ”floaters“ أو (عوائم العين) أو (الأجسام العائمة)، واسمها العلمي ”Muscae Volitantes“ ودي كلمة لاتينية معناها (الذباب الطائر). الأشكال دي فعلًا تشبه الدبّان في غلاسته، وبتبقى عايز تهش الأشكال دي، في حين إنها مش حاجة خارجية أصلًا، وبرغم إن الأجسام دي بتتحرّك وتغيّر شكلها مما يوحي بإنها كائنات حية إلا إنها مش كده، زائد إنها مش قدام عينينا، هي جواها!
الأجسام العائمة هي الأجسام الدقيقة اللي بينزل ضلها على شبكية العين اللي هي النسيج الحساس للضوء اللي في آخر العين، بتكون حتت صغيرة خالص من نسيج، كرات دم حمرا أو كتلة من بروتين.
الأجسام دي بتكون عايمة في الخلط الزجاجي ”vitreous humor“ اللي هو السائل الهلامي اللي بيملى العين من جوا. لما عينك بتتحرك، بتتحرك معاها، ولما عينك بتقف، الأجسام بترُد تاني. ممكن ماتاخدش بالك من الأجسام دي، بس هي بتبان أكتر كل ما قربت من الشبكية، زي ما تبقى حاطط إيدك تحت ضوء جاي من فوق، وتحت إيدك ترابيزة. كل ما تقرب من الترابيزة، ظل إيدك يبقى أكبر وأوضح.
الأجسام العائمة بتبان أكتر لما يبقى السطح اللي أنت باصص له لون واحد ومنوّر، زي شاشة الكمبيوتر لو معليهاش كلام وأشكال أو السما وهي صافية.
فيه ظاهرة تانية تشبه الأجسام العائمة، بس مختلفة عنها في السبب. مش أحيانًا تشوف نقط من الضوء عمالة تتحرك؟ الظاهرة دي اسمها ”blue field entoptic phenomenon“. دي بقى مش ظلال، دي زي ما تقول كده شبابيك صغيرة متحركة بتسمح للضوء ينزل على الشبكية. أنا أفهّمك. الشبابيك اللي مدخّلة نور دي سببها كرات الدم البيضا لما بتتحرك جوا الشعيرات الدموية جنب سطح الشبكية.
ممكن كرات الدم البيضا تبقى كبيرة لدرجة إنها تقريبًا مالية عرض الشعيرة الدموية، وبالتالي بيبقى الجزء اللي قدامها من بلازما الدم (وده سائل شفاف من مكونات الدم) فاضي ومفيهوش كرات دم حمرا. عشان كده، الجزء الفاضي من البلازما والمكان اللي فيه كرات الدم البيضا اللي سادة السكة دي ممكن يعدي منه الضوء أكتر من المكان اللي فيه كرات الدم الحمرا.
كل ما يحصل كده، ممكن نشوف نقط الضوء دي وأحيانًا بنشوف وراها زي ديل غامق كده في ظروف الرؤية المثالية، والديل ده هو كرات الدم الحمرا اللي متجمعة ورا كرات الدم البيضا ومش معدية ضوء منها بالنسبة لكرات الدم البيضا والبلازما.
على العموم، المفروض إن مخك بيتعلم مع الوقت يتجاهل الأجسام العائمة، عشان كده بتبدأ ماتلاحظهاش، لكن لو لقيت إن الأجسام دي كبيرة وكتيرة، فده معناه إن عندك مشكلة، لازم تروح للدكتور تشوف مالك.
أهم حاجة إنك تثق في إنك مابتهلوسش، وإن كل حاجة أنت بتشوفها نابعة من جواك (الحتة الأخيرة دي بصوت تخين. الموضوع كده بقى يخوّف أكتر).
المصدر