إيه ده؟ ورم ده ولا سحر سُفلي؟!
كتب: أحمد حسين
في حوار دار بين أحد مشتركين موقع تويتر و”راقي شرعي“، كان السؤال من ولنفرض ”س“ إلى الراقي الشرعي أنهم وجدوا الورم الموجود على مبيض أخته بداخله شعر وأسنان فهل هذا ورم أم سحر سفلي ؟ وما العمل؟ فرد الراقي الشرعي بكل ثقة أنها هذا بالتأكيد سحر، والحل في الحجامة والرقية الشرعية لتحصين الأرحام .. وبالشفا.
لم تتوقف أسئلة الرجُل عند هذا الحد، فأراد أن يعرف هل يعيد الورم من المختبر/المعمل لفك السحر أو يكتفوا بالرقية الشرعية؟ فقال الراقي الشرعي أن الأفضل فك السحر بالطبع، فترك السحر كما هو دون فكه هو أمر خاطئ، فالسحر ينتشر ويتوغل ويتدخل ويقتحم ما يمكنه اقتحامه.
ورم ولا سحر سفلي ؟!
لنعرف حجم المأساة، يجب أن نعرف أن هذا الكلام عادةً ما يتم تصديقه، رغم وجود المستشفيات والعيادات الخاصة للأطباء في كل مكان، وطرق الاتصال بالأطباء ليست صعبة. إذا تم سؤال أي طبيب عن هذا الورم ذو الأسنان والشعر، سيقول أن هذا النوع من الأورام يُسمى ”ورم مسخي – Teratoma“، وهو ورم يشبه في تركبيه الأنسجة أو الأعضاء المشتقّة من طبقات التبرعم الثلاث (مجموعة من الخلايا مسؤولة عن إنتاج الأعضاء في عملية التكوين الجنيني). لذلك، غالبًا ما يظهر هذا الورم في المبيض أو في الأطفال حديثي الولادة.
وإذا أردنا التخصص، فتحديدًا هذا النوع الذي اكتشفوه في مبيض أخت صاحب السؤال يُسمى ”الكيسة شبية الجلد – Dermoid cyst“، وهو نوع من أنواع الورم المسخي يحتوي على أنسجة ناضجة كالشعر والدم والعظم والغضاريف والأسنان والأظافر ويظهر غالبًا كعيب خلقي. غالبًا ما يكون هذا الورم حميدًا. لكن، وبالرغم من كونه حميدًا، إلا أنه يجب أن يتم استئصاله بشكلٍ كامل من خلال عملية جراحية نظرًا لوجود احتمالية أن يكون خبيثًا مع ذلك.
تكمن خطورة هذا الورم أيضًا في أمرين، الأول: أنه غالبًا ما يصيب الحوامل، في تلك الحالة، تصبح هناك خطورة على الأم والطفل من العملية الجراحية والتخدير، وخطورة من ترك الورم في المبيض كما هو أيضًا، لذلك غالبًا ما تتم العملية الجراحية من خلال فتح البطن لكن مع الحذر الشديد. الأمر الثاني: أن معرفة هذا الورم تبدو صعبة في بعض الأحيان لتشابهه _عند ظهوره في بعض المناطق_ مع أشياء أخرى كالكيسة الشعرانية أو الناسور الشعري المسدود، وأيضًا تشابهه مع الكيس الدُهني.
هناك حالة شهيرة شديدة الغرابة تم تداولها في وقتها، وهي الطريقة التي علم بها لاعب كرة القدم الكندية ”تيرون جونز“، إذ أنه لم يكتشف وجود هذا الورم في جسده إلا عندما عطس فسقط سنٌ من أنفه، عندها تم الكشف على جونز بالأشعة السينية (x-ray) فاكتشفوا وجود الورم.
تخيل لو أن ”تيرون جونز“ كان يعيش في محيط منطقتنا العربية المضروبة بالخيالات والأساطير وعطس فخرج السن من أنفه، في تلك اللحظة، سيعدل جونز عن الذهاب إلى الطبيب، ويُفضّل الذهاب إلى الراقي الشرعية كي يعطيه الرقية الشرعية السليمة التي ستقضي على هذا السحر السفُلي السخيف الذي يجعل الناس يُخرجون أسنانًا من أنوفهم.
المصادر:
