اضطراب الوسواس القهري: إنت عندك OCD؟ ده إنت تمسك كاس التميز بقى!
كتب: أحمد حسين
في موقف شخصي حصل وأنا كنت حاضر يعني مع بعض الأصدقاء، ولأني عارف إنهم غالبًا مش هيقرأوا المقال، فالواحد يحكي براحته بقى. أحد أصدقائنا لقى لوحة مش معدولة، فقرر إنه يقوم يعدلها، من باب إنه نمكي بقى أو مابيحبش يشوف حاجة مش معدولة. واحد صاحبنا تاني سأله «إنت عملت كده ليه؟» فرد التاني: «ضايقتني يا عم!» فراح الأولاني قايل له: «يبقى عندك OCD يا معلم». أنا مدرك إنه كان بيهزر، لكن الحقيقة، المرض ده أصعب من إننا نهزر عليه.
من فترة كبيرة انتشر على الفيس بوك مقال مكتوب في أحد أشهر مواقع السخرية، جايب شوية صور فيها حاجات مش على سيمترية واحدة، وكاتب إن الصور دي هتضايق اللي عندهم OCD. وبغض النظر عن إن الفعل ده رخم وممكن فعلًا يضايق ناس، إلا إن معظم اللي نشروا الموضوع وكتبوا فوقيه «أيوه أنا عندي نفس المشكلة، أنا عندي OCD» في الغالب مايعرفوش خطورة المرض ده. وده شيء سخيف بصراحة وعامل زي الشخص اللي يرقد يومين في السرير يقوم قايل إنه مصاب بالسرطان!
الوسواس القهري مش شيء لطيف
الـOCD ده اللي هو بالعربي «اضطراب الوسواس القهري»، وهو مرض مزمن طويل الأمد، يعني من الأخر المصاب به غالبًا بيعيش به طول حياته، وهنتكلم عن العلاج وبيعمل إيه بالظبط.
مرض «اضطراب الوسواس القهري» ده ببساطة بيخلي المصاب به يعمل حاجات هو مش مُتحكّم فيها خالص، سلوكيات وأفكار بتسيطر عليه وتخليه بينفّذها دون إرادة منه وبشكل مؤذي له. يعني مثلًا، المصاب به لو شاف إن إيده مش نضيفة، ممكن يفضل يغسل فيها 9 ساعات كاملة بشكل متواصل، لحد ما يدمي إيده، يعني يعوّر نفسه من كتر ما بيحاول ينضّف إيده.
الوسواس القهري _زيه زي معظم الاضطرابات العقلية_ مش مثار للسخرية وله أعراض مخيفة وما بيتعالجش بسهولة، ومش أي حد بيعدل لوحة ولا شوكة أو معلقة علشان بيحب شكلها يبقى عنده وسواس قهري، الكلام ده هيستيري تمامًا ومش مفهوم سببه.
أعراض المرض
أعراض مرض الوسواس القهري بتنقسم لقسمين: الأول بيتكلم عن الوسواس، اللي هو بيضم التفكير والصور الذهنية اللي بتسبب القلق، وده بيندرج تحته الخوف المرضي من الجراثيم، زائد أفكار غير مرغوب فيها ممكن تبقى مؤذية له ولغيره، لأنه في الأساس بيكون عنيف تجاه نفسه وغيره.
القسم التاني من الأعراض اللي هو بيخص القهر، وده بيوصف السلوكيات اللي بيكررها المصاب بالاضطراب كل شوية، بشكل لا إرادي، زي إنه ينضّف نفسه وإيده بشكل مبالغ فيه جدًا، ويحاول يرتّب كل شيء حواليه بشكل مُحدد، يفضل يطمئن كل شوية على إن كل شيء تمام. الموضوع ده بيوصل ساعات لأن المصاب مايروحش المشوار اللي رايحه مثلًا، لأنه كل شوية بيحاول يتأكد من إن الباب مقفول كويس لساعات طويلة، فالموضوع بيأثّر بالسلب طبعًا على حياته كلها.
بالطبع، في بعض البشر بيحبوا يدققوا أكتر في إنهم قفلوا باب الشقة ولا لأ، أو يتأكدوا إن محبس الميّه مقفول أكتر من مرة، ده مفهوم وطبيعي لبعض الناس، بس لما يبقى فيه خوف مرضي من موضوع زي ده، يمنع الشخص من إنه يخرج من بيته لمجرد إنه مش متأكد إن البيت هيكون آمن، هنا المشكلة.
القلق المُعطّل للحياة
وعلشان نكون واضحين، اضطراب الوسواس القهري مابيكونش له علاقة بالنظافة أو بالخوف بس. عدد كبير جدًا من المصابين بالاضطراب بيعانوا كمان من الاكتئاب ومن اضطرابات القلق، يعني بيعيشوا أيامهم في حزن شديد وقلق من كل شيء حواليهم، الوساوس بتضمّن كمان كل الأفكار السلبية اللي ممكن تيجي للشخص، من أول الانعزال عن البشر، مرورًا لمحاولات أذية النفس، ووصولًا للقتل والانتحار. وعلى فكرة مش لازم يكون ظاهر عليهم الاضطراب، ممكن تكون عارفهم ومش عارف إنهم مصابين بيه أساسًا.
في أكتر من حاجة كمان محتاجين نتكلم فيها، أولهم إن الاضطراب ده بيكون غالبًا وراثي، ومش معروف له سبب لحد دلوقتي غير إنه بينتقل بالوراثة. لكن في بعض العوامل اللي ممكن تكون خطر، زي إن الشخص يكون مصاب بتشوهات في المخ من الأساس، واللي بتعيق أداء عمليات المخ بشكل طبيعي. وفي كمان إن المصاب يكون اتعرّض لاعتداء قوي وهو صغير أدى لإصابته بالاضطراب ده.
طب والعلاج؟
زي ما ذكرنا في البداية، المرض ده مزمن ومالوش علاج مُحدد وواضح، لكن في حاجتين ممكن يساعدوا في تخفيف الأعراض على المصابين، علشان يقدروا يتدرّبوا على التعايش مع الاضطراب. العلاج الأول هو العلاج النفسي، ده اللي بيقدر يوفّر للمصاب طريقة للتعايش مع المرض. وتاني علاج هو العلاج بالأدوية، لكن ده إذا تطلّب الأمر، وكان الاضطراب قوي لدرجة إن المريض مابيستجيبش للعلاج النفسي.
دور العائلة والأصدقاء
وأخيرًا، يتبقى دور عائلة المصاب وأصدقائه، اللي المفروض يكونوا أكتر ناس مُتفهمين طبيعة حالته وفاهمين إزاي ممكن يساعدوه، ومايكونوش هما السبب في زيادة تدهور حالته الصحية. المطلوب منهم في الوقت ده إنهم يعلموا حاجتين، أولًا: يساعدوا المصاب على إنه يتقبّل فكرة العلاج النفسي، لأن معظمهم مش بيكون مدرك إنه مصاب بالمرض أساسًا، ولو أدرك إنه مصاب، غالبًا مش هيكون حابب فكرة العلاج ده، وغالبًا هيقول إنه كويس ومش محتاج لعلاج، وهنا دور الأهل والأصدقاء بقى في إنهم يقنعوه بالعلاج.
ثانيًا: إنهم يتوقفوا تمامًا عن لومه، أو تحميله مسؤولية المرض. بمعنى إيه؟ إنهم مايستخدموش خالص جُمل زي «بطّل تغسل إيدك بالشكل ده» أو «هتقعد تطمن على كل حاجة كل شوية كده بتعطلنا حرام عليك»، كل الكلمات والجُمل دي، بتخليه يحس إنه المسؤول عن حالته دي، وإن وجوده مُتعب وإنه عال على الجميع، وده بيخليه يفكر أكتر في إنه ماينفعش يعيش، وبالتالي بيوصل للتفكير بل وساعات تنفيذ فكرة الانتحار، لذلك الأهل والأصدقاء بالذات يحاولوا يدققوا في كلامهم أكتر.
في النهاية، أتمنى بشكل شخص يعني، إننا نبطّل _كلنا_ الحكم على المرض بلا أي علم، في دكاترة نفسيين دول شغلانتهم في الحياة إنهم يحكموا إذا كان الشخص ده مُصاب ولا لأ، ولو مصاب علاجه يتم إزاي، لكن إن الناس تفتي وأي حاجة بهزار يتقال عليها OCD وDHD، ده يبقى كلام سخيف جدًا ومش مطلوب خالص، لا دلوقتي ولا بعدين.
المصادر: nimh.nih webmd mind psychologytoday psychologytoday