ولا أنا مش مواطن إنسان طبيعي .. أنا عندي قدرات خارقة!
كتبت: يارا كمال
عارفين جو فيلم ”ماتريكس“، لما البطل وقّف الطلقات في الهوا وتنى المعلقة؟ بلاش، شفتوا البنت اللي كانت في فيلم ”قدرات غير عادية“ اللي كانت بتجيب التفاح من على الدولاب بمجرد النظر ليه؟
أنا كنت فاكراها بتجيبه بشعاع من عينيها، بس الموضوع كله طلع مرتبط بحاجة اسمها ”telekinesis“ أو التحريك الذهني. التحريك الذهني هو القدرة على التلاعب بالأشياء وتحريكها باستخدام قوة العقل بس. القدرات دي مش موجودة في الأفلام وبس، لأ ده في ناس ادّعوا إن عندهم القدرات دي وإنهم يقدروا يحركوا حاجات في الهوا ويفتحوا البيبان ويتنوا المعالق باستخدام قوة عقلهم بس، والكلام ده مش من قريّب ده من قرون.
بس يا ترى القدرات الخارقة دي حقيقية ولا هجص؟
عشان نعرف ده محتاجين نستخدم الأسلوب العلمي. التحريك الذهني بيندرج تحت فرع من العلم اسمه الباراسيكولوجي واللي بيدرس الظواهر النفسية. علماء الباراسيكولوجي بيشوفوا إن اللي بيعملوه ده علم، في حين إن بقية العلماء مش شايفينه كده. طيب خلونا إحنا نتكلم عن نقط محددة تقول لنا: هل التحريك الذهني حقيقة ولا لأ؟
أولًا: مفيش أي دليل علمي يقول إن ده حقيقي، ومفيش دراسات اتعملت بالطريقة العلمية واتكررت في ظروف معملية تقول إن التحريك الذهني موجود بالفعل. في التلاتينات، ”جوزيف بانكس راين“ اللي بيعتبر أبو الباراسيكولوجي، اختبر في المعمل إذا كان الناس ممكن يخلّوا الزهر يلف على الرقم اللي هما عايزينه ولا لأ. بس العلماء ماقدروش يوصلوا لنفس النتايج اللي هو وصل لها، ولإن تكرار النتايج أساسي في التأكّد من حقيقة اللي عاوزين نوصل له، فدي كانت مشكلة تخلينا مانقدرش نقول إن التحريك الذهني حقيقة قائمة بالفعل.
ده غير إن دايمًا الناس بتتعامل مع اللي بيقولوا إنهم بيحركّوا الأشياء ذهنيًا على إنهم محتالين، أو إنهم مايقدروش يعرضوا قدراتهم الخارقة دي إلا في ظروف هما مسيطرين عليها تمامًا، وده معناه إنهم بيتحايلوا على الظروف عشان الموضوع يبان زي ما هما عايزين.
فيه مؤسسات كتير بتعرض جوايز مالية ضخمة لأي حد يقدر يثبت إن القدرات النفسية زي التحريك الذهني حقيقية، ولحد دلوقتي محدش طالب بواحدة من الجوايز دي.
ثانيًا: لو حابينا ندرس التحريك الذهني، مش هنبقى عارفين إحنا المفروض نقيس إيه بالظبط. هل مثلًا إن موجات المخ قوية جدًا لدرجة تمكنها من تحريك حاجة على بعد؟! كما إن العلماء مش قادرين يتفقوا على حاجة، وصعب نطبّق ده على معايير الأبحاث، وده شيء ضروري عشان نتأكّد من صحة فكرة من عدمها.
ثالثًا: العلم وظيفته إنه يكتشف اللي مش معروف. وعادي جدًا إن الاكتشافات الجديدة تبقى عكس المتعارف عليه في العلم، وممكن تقلب فروع كاملة في العلم رأسًا على عقب، بس الاكتشافات دي لازم تُثبت بطريقة أكثر عناية عشان تقدر تواجه أي شك فيها. في حالة التحريك الذهني، الفكرة عكس اللي بيقوله العلم المتعارف عليه، بس ملهاش دليل علمي تواجه بيه المتعارف عليه.
الكون بتحكمه شوية قوانين فيزياء، والقوانين دي بتقول إن موجات المخ ماتقدرش تتحكم في الاشياء لإنها لا هي قوية للدرجة دي ولا تقدر تتحكم في حاجات بعيدة، بحيث تأثّر على الحاجات اللي بره الجمجمة. الفيرياء بتقول القوى اللي تقدر تتحكّم في الأشياء عن بُعد هي القوة المغناطيسية والجاذبية بس.
يمكن أقرب حاجة للتحريك الذهني يقدر العلم يشرحها هو استخدام الأفكار في التحكم في ذراع روبوتي. الباحثين زرعوا أسلاك دقيقة في المنطقة اللي بتتحكّم في الحركة في مخ المرضى المصابين بالسكتة الدماغية واللي مابيقدروش يتحركوا، وبعد كده بيمرنوا المرضى على إنهم يركّزوا على إنهم يحركوا الذراع الروبوتي ده، وبالفعل الدراع بيتحرّك، بس مانقدرش نقول على ده تحريك ذهني. هنا بقى، دي مش مجرد أفكار غامضة غير قابلة للاكتشاف، لأ دي إشارات مخ بتتنقل عن طريق الأسلاك للروبوت، والعلم يقدر يقيسها ويختبرها ويشرح هي إزاي بتحرّك الدراع.
وبكده نقدر نقول إن موضوع التحريك الذهني مجرد اعتقادات ومانقدرش نقول عليه إنه علمي أصلًا. آسفة يعني للناس اللي فصلناهم، بس للأسف مش هتقدر تجيب لنفسك ميه وأنت قاعد على السرير، ولا تجيب الريموت وأنت نايم على الكنبة قصاد التليفزيون. الوحيدة اللي عندها قدرات في التحريك الذهني هي ماما، باستخدام الشبشب عشان تحركك ذهنيًا عشان تقوم تذاكر أو تجيب لها حاجة من تحت.
المصدر