هي كيرفي، إذن هي سيكسي!
كتبت: آية أشرف المرسي
كنت في الصف الثالث الإعدادي ، أي منذ ثمانية أعوام تقريبًا، عندما طالعت بالصدفة تقرير في الصفحة الأخيرة من جريدة أخبار اليوم عن الموضة والاتجاه العام ناحية ألا يقتصر عالم الأزياء على عارضات الأزياء بمقاس وسط ”زيرو“. اختارت كاتبة التقرير جملة ” بعد غصن البان العودة إلى أشجار الجميز“ عنوانًا له!
زمان كان الحوار يدور كالآتي:
-ماما هو أنا تخينة؟
-لا يا حبيبتي ما تقوليش كده، انتِ ملفوفة، تنزلي بس اتنين كيلو ولا حاجة، وتبقي زي الفل!
ملفوفة كانت مرادفة ضمن مرادفات أخرى مثل: سمبتيك، بطاية، مليانة وغيرها كبدائل عن استخدام لفظ ”تخينة“ سيئة السمعة لما يقترن بها دائمًا من دلالة سلبية، فلو زمان كان يتم الاستغناء عنها من أجل إن ”سوق البنت مايقفش“، فالآن يتم الاستغناء عنها من أجل أن ”مانهدمش ثقة البنت في نفسها“!
بالمثل في عالم الأزياء، ظهر اتجاه جديد نحو الاحتفاء بالريّانات من النساء، والريّانة هي ممتلئة القوام، من خلال الاستعانة بعارضات أزياء ممتلئات ليصبح هناك أزياء تناسب جميع الفتيات والسيدات بمختلف أحجامهن . ربما كان للأمر جانب نسوي من خلال تشجيع المرأة على أن تحب نفسها، وأن نكسر القوالب النمطية التي تحدد ماهيتنا كإناث، وتفرض علينا منظور معين لرؤية الجميل والقبيح. لكن كما الماضي في فكرة التحايل على المسميات، ظهر اتجاه رائج بشدة لدي الغالبية حول استبدال تعبير ”plus-size model“ لوصف عارضات الأزياء الممتلئات أو البدينات ليصبح ”Curvy model“، وكأن plus-size model أصبحت لعنة وسيئة السمعة هي الأخرى!
لا أعلم لم تبدو كلمة curvy كلمة أنيقة في نفسها، تبدو وكأنها قانون لأحد العلماء ”هي كيرفي، إذن هي سيكسي“. دارت مشاورات ومحاورات على مواقع ومجلات الأزياء العالمية وغيرها حول هذا الوصف تحديدًا، والذي انتقل لعالمنا العربي بعدما وجدت فيه كثير من البنات العربية ما يحقق لها حالة من الرضا عندما يصفها الآخرين بها أو حتى عندما تطلقها هي على نفسها، في حين لم يخلو الأمر من سخرية الجانب الآخر من الرجال وبعض الإناث من المصطلح المتحايل، وعمل كوميكس تسخر من فكرة تهرب البنات من الاعتراف بأنها بدينة!
الغريب في الأمر أن الكلمة تحملت أكثر مما ينبغي فالـcurve تعنى الانحناء، ويمكن أن تطلق على كثير مما حولنا حتى إنها تستخدم لوصف منحنيات الطرق السريعة وغيرها. ففي اعتقادي، أغلب النساء ”كيرفي“ _بصرف النظر عن استخدامنا للمصطلحات الأجنبية المصدرة لنا استخدامًا يصل حد الابتذال_ فكلنا لدينا انحناءات طبيعية في أجسامنا، والبعض منّا يعمل على نحت هذه المنحنيات لتبدو أكثر جمالًا كما يترآى لهن.
الخلاصة، أن تهربنا من استخدام وصف بعينه ومحاولة استخدام أساليب بديلة عنه، يضرب قضية تقبلنا لأجسادنا في مقتل، بل إنه أشبه بالخروج من قالب للدخول في قالب أخر مفروض بشكل غير مباشر. صناعة الأزياء وخطوط الأزياء تستغل هذا الأمر في التسويق لمنتجاتها، في خلق جمهور من السيدات يرون أنفسهن مثيرات كونهم curvy ، دون استخدام لأوصاف كبدين أو fat لأنها ستجعلنا نحجم عن المنتج الذي يقدم لنا.
ثارت حملات مضادة هائلة ضد عارضات الأزياء الممتلئات المعبرات عن الـplus-size models بشكل حقيقي كونهن يروجن للسِمنة، ونظام الحياة غير الصحي، ونشر أمراض مثل القلب والسكري، وأنهن غير قادرات على ممارسة الرياضة أو اليوجا بسبب أوزانهم الزائدة، حتى أن البعض يتابع هؤلاء العارضات على شبكات التواصل الاجتماعي، ويتعمد أن يكتب تعليقات غاية في القسوة على صورهن في هجوم عنيف!
ربما هذه هي الإشكالية الحقيقية التي تستحق الوقوف عندها، وتبادل أطراف النقاش حول الصورة الذهنية التى نكونها عن أجسادنا ، وعن أنفسنا، وإلى أي مدى تؤثر صناعة الموضة وعالم الأزياء وشركات الإعلان والإعلام عليها بل وتتحكم بها، وكيف تؤثر على صحتنا، فنتيجة الاتجاه نحو موضة النحافة الشديدة، ماتت ألاف الفتيات بسبب البوليميا (مرض الشره العصبي)، أو اتباعهن لحمية غذائية قاسية، والآن مع رواج العارضات الممتلئات صار هناك تخوفات من أمراض السِمنة المحتملة وما يرتبط بها من مشاكل صحية، ناهيكم عن المعضلة النفسية التي تعاني منها الفتيات والتي قد تصل لحد دخولهن في مراحل اكتئاب أو عزلة.
أخيرًا عليك عزيزتي أن تؤمني بأنك جميلة ، فلكلِ منّا جماله الخاص، ومهم أن تقتنعي بهذا الأمر من داخلكِ، فأنتِ مرآة الآخرين لما يرونك عليه. حافظي على صحتك، لياقتك البدنية والنفسية، تابعي معدلاتك الطبية فطالما أنها بخير، أنتِ بخير أيًا كان شكلك حجمك أو مقاس خاصرتك.