.
هيدروجينا

عن ”مواجهتنا الفاشلة مع العالم“: وجودك زي عدمه يا بابا؟!

كتبت: آية أشرف المرسي

تنويه هذا المقال مخصص لمن يعانون من متلازمة الـ”Would it help؟“

اكتشتف إني تقريبًا بقى لي شهور بعاني من متلازمة الـ”Would it help؟“، يعني أنا تقريبا ينطبق عليّ في تعاملي مع قضايا الكوكب اللطيف إيفيه سمير غانم: ”جيت أظبط البنطلون قامت الجاكتة ضربت، جيت أظبط الجاكتة البنطلون ضرب“.  مش عارفة ده عشان حظي كملايين من الناس وقع في منطقة الشرق الأوسط ، تحديدًا المنطقة العربية ولا غباء من الآخرين؟ ما علينا، فنظرًا إن الموضوع بقى العادي بتاعه إنه يتخطى دايرة الواحد الشخصية وبقينا مربوطين بشكل مريب بقضايا العالم الكبرى وعندنا إحساس إنها هتجري ورانا يوم القيامة، لكل الأسباب دي قلت ألجأ لجوجل يساعدني. دورت على طرق للتخلص من الضغط  وتوتر الأعصاب، وإزاي الواحد يقدر يساعد نفسه عشان يخفف من شعوره  بقلة الحيلة والعجز؟ والحقيقة اتفاجئت!

CPDS14QUwAEXSAi

يعني أنا هاأقولكم أنا وصلت لإيه بالبحث، وفعليًا أنا بعمل إيه في الواقع لأنه طلع هناك فرق في السرعات حقيقي.

يعني الطريقة اللي اتكررت عند أكتر من مصدر هي إننا نلعب رياضة، أيروبكس بقى  ونروح الجيم  نجري على التريدميل أو في تراك النادي. طبعًا وأنا بقرا الكلام ده لقيتني بقول نو نو نو، خاصةً وأنا بفتكر أخر مرة روحت فيها النادي وعلاقتي بالأطفال مابقتش قد كده وأعصابي باظت أكتر، ولما قلت أنزل الجيم لقيت الطريق بياخد نص ساعة ساعة إلا ربع وفرهدة وحر وتلزيق وعوادم.  كما إن التلاجة كانت بتمثل لفترة لا بأس بها من حياتي خط الدفاع الأول للتخلص من التوتر، بعدين عرفت إنها مؤامرة قذرة من الكورتيزول في جسم الواحد مننا، فيخلينا نلجأ للشعور بالتخمة كحل مؤقت وسريع نندلق بعده ننام ونصحى تاني يوم ويبىقى يحلها الحلّال بقى!

لما كنت بصحى ساعتها تاني يوم تعبانة وبقى ييجي لي ارتجاع،  بالإضافة إلى إن المشكلة مش بتتحل بالعكس بتزيد بزيادة عدد الكيلوجرامات  لذلك  قررت إني أعمل وقفة مع النفس. هنا لجأت لتاني حل قابلته وهو التأمل، هيأت الأجواء،  نور شموع خفيف، هدوء قدر الطاقة، بخور في المكان بس مع أول تريلا معدية تحت البيت حيث إني ساكنة في إحدى المدن الجديدة، تمت الإطاحة  بتركيزي اللي حاولت أستجمعه في فترة طويلة نسبيًا.

وهنا يظهر الحل المصري،  تشغيل كوليكشن لطيف من أغاني أساتذة الغناء الشعبي والبكاء على الأطلال والأحوال، السيد أحمد شيبة والفنان طارق شيخ وعمهم عبد الباسط حمودة. لما كررت المحاولة اكتشفت إن الأصوات الخارجية للعربيات والكلاكسات أخف وطأة من الأصوات اللي جوه دماغي اللي أحيانًا صعب تسكتها ولو بالطبل البلدي .. غالبًا دماغنا بالعة ردايو خربان ومحتفظة بيه عشان يقرفنا إحنا. الزتونة كلها بقى حسب اللي قريته إن محاولة السيطرة التامة أو فقد السيطرة التام الاتنين هيفشلوا فشل ذريع، يعني تركيزك مع كل تفصيلة هيؤدي بيك لحالة جنون داخلي لا طاقة لك بها مع شعور بالعجز التام خارجيًا، أما اللا تركيز تمامًا ده بينطبق عليه جملة ”بنضيع أهو أهو ..“!

بعدين بتلاقي حلول تانية على شاكلة حدد أهدافك، رتب أفكارك، ماتركزش على الناتج الأخير وركز على اللي بتمر بيه خلال العملية نفسها واكتسبت منه إيه، سافر واخرج وغيره. مايعرفوش اللي فيها عالم طيبة أوي يا جدع!

مشكلتي الحقيقية إن الموضوع تعدى مشاكلي الشخصية وبقى متصدر لي في الوش كده مشاكل تانية أعظم وأكبر وخارج نطاق سيطرتي بس بتؤثرعليّا بشكل كبير جدًا، ففي الآخر تسرب لي شعور وترسخ جوايا إن أي حاجة هاعملها لن تشكل فارق على أي حال. بقيت حاسة إني كورة كبيرة من الطاقة السلبية اللي بتدحرج على الأرض، خايفة أدوس أي حد يقابلني في طريقي، فبحتفظ بمشاعري لنفسي ومش بعبر عنها لحد ولا بتكلم مع حد. وفي نفس الوقت، منطق تجنب المواجهة والتجاهل عادةً بيفشل لأننا بندخل في دوامة أخرى من مشاكل تأنيب الضمير والشعور بالذنب، يعني مجرد كنسنا التراب وحطيناه تحت السجادة!

10385563_503955466418493_4706710241330058606_n

لما قرأت أكتر وبحثت لقيت إني  وبلا فخر على الطريق السليم لمساعدة نفسي على الإحساس بالعجز ”feeling helpless“ وتنمية الشعور ده جوايا، واللي يعتبر من أهم مسببات الشعور بالاكتئاب والدخول في طريق تاني غير لطيف على الإطلاق. والأسوأ إن المناخ العام حوالينا بيدفعنا دفع لزيادة الإحساس ده سواء من خلال برمجة نفسنا عليه من خلال تأثير دوايرنا الاجتماعية السلبي علينا أو لتأثير الإعلام الضاغط بشكل سلبي تماما.

لحد ما لقيت مقالة لطبيبة نفسية حطت إيديها على الجرح وقدرت تستوعب مشكلة الخلط بين العام والخاص اللي بتواجهني أنا وكتير غيري من خلال حل بسيط لكن جدير بالاهتمام حقيقي يا جماعة، وهو تكنيك لإدارة التوتر والضغط العصبي. بمنتهى البساطة تخيل الدايرتين دول: دائرة الـconcern  وفيها كل حاجة وأي حاجة ممكن تشغل بالك ومساحات من تفكيرك، ودائرة الـinfluence  اللي فيها كل ما يمكنك التأثير فيه، أي حاجة ممكن يكون لك بصمة عليها.

concern1

الحقيقة العلمية بتقول إن دايرة التأثير هتبقى دايما أصغر من دايرة الاهتمامات، الجانب التشاؤمي هنا إن الحياة مسببة للضغط فوق طاقتنا، الجانب التفاؤلي إن الحياة دايما في حالة حركة وتغير، وإن دوام الحال من المحال، ولا يستوي الأسود دون أبيض، فيعني لازم هتتفاجئ معاها بحاجات حلوة زي ما بتضغط عليك بحاجات سخيفة.

الخبر الحلو إن كل ما ركزت على دايرة التأثير بتاعتك، كل ما دايرتك وسعت وبقت أكبر لأنك حسيت إن بذلت مجهود و بتعمل حاجة فعلًا ممكن تعمل فرق، وتقلل من حدة التوتر اللي بيضغط على أعصابك أغلب الوقت.

على العكس، بقى لو أهملت دايرة التأثير وركزت على دايرة الاهتمامات وكل الأمور اللي شاغلة بالك وتفكيرك، هتصاب بإحباط وخيبة الأمل هتبقى راكبة جمل حقيقي لحد ما توصل زيي لمتلازمة ”would it help؟“ ودايرة التأثير بتاعتك تتقلص بشكل حقيقي ومخاوفك تبقى غول بيطاردك نتيجة لحالة الخوف عندك وإحساسك بالعجز التام.

شخصيًا وبعد قراءتي للكلام ده، أحب أقولكم إني اكتشفت إن دايرة التأثير بتاعتي مش تقلصت بس لأ دي خدت طلقة في دماغها .. أي والله!

فخلاصة القول يعني، ولو عجبوكم الكلمتين فكروا فيهم ولو ماعجبكوش ولا كأنكم قريتوا حاجة، إنه من أول الحاجات اللي لازم نعملها هو إننا نفصل بين مشاكلنا الشخصية وقضايا العالم الكبرى، الخلط بين الاتنين بيعمل لنا زبادي خلاط  مايتشربش ولا هنقدر نتعامل معاه أصلًا.

تاني حاجة حضرتك مش هتغير الكون، دي حقيقة. هو أكبر منك ومهلهل عليك وهتتكعبل فيه وإنت ماشي، بس حضرتك قادر تمامًا على خلق تغيير في دايرتك الشخصية ومحيطك الاجتماعي الصغير واللي بدوره ممكن يكون له تأثير تراكمي على خلق حل أكبر لمشكلة أكبر كنت عاجز عن مواجهتها لوحدك،  فزي ما أنتوا عارفين أثر الفراشة لا يرى لكن الأهم إنه أثر الفراشة لا يزول برضه.

تالت حاجة وأنا أسفة لو هتعمل لكم لخبطة، بس ابعد عن الناس وقرب من الناس برضه، فعلًا؟! أه فعلا ومن غير هزار. من حقك إنك تبعد عن الناس اللي بتبرمجك على سيستم سلبي من العجز والشعور باللاشئ، اللي بيطوروا مهاراتك على الاحتراق الذاتي الداخلي ده، وده مش معناه اعتزال الناس أو الانطواء. وعلى الجانب الآخر قرب من الناس اللي بتحبهم واللي يقدروا يدعموك بشكل حقيقي وعندهم استعداد يسمعوك ويفكروا معاك ويحسسوك إنك مش لوحدك. أنا بعد شهور أو ما يقارب سنة أدركت إن عزاء الإنسان الحقيقي في المحبة. أي حاجة هتقدر تواجهها، طول ما حواليك ناس بتحبك وبتحبهم سواء عيلة أو أصدقاء أو أحبة. وعلى رأي الحكمة الإنجليزية ”A problem shared is a problem halved“ يعني نص حل المشكلة بيكون في مشاركتها مع حد تاني.

أنا شخصيًا حسيت إني أفضل بعد ما شاركتكم حالتي النفسية وفكرت معاكم في الحل، وهاحاول أعمل الكلام ده، لأني كنت بطبق منطق التجاهل بس اكتشفت إني كنت بفلفص مش أكتر، وهنا في هذا المكان من العالم اللي بيجمعني أنا وأنتوا لازم نحاول نطفو ع السطح عشان نكمل ونوصل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى