تفسير العلم لظاهرة الانجذاب العاطفي
كتبت: مها طه
كلنا بنشوف إن المشاعر الرومانسية والإحساس بالإعجاب والإنجذاب لشخص معين، كلها أحاسيس متعلقة بقلوبنا وعواطفنا، وإن اللى بيتحكم فيها هو إحساسنا، بس مين قال إن الإحساس مالوش تفسير علمى، وإن قلبك مالوش دعوة غير بضخ الدم لجسمك لكن الإعجاب والحب بيبقى سببه المخ. وهنا مش هتكلم عن هرمونات الحب والسعادة اللي بيفرزها المخ وبتخلينا نحس بالحب، إحنا هنرجع خطوة لورا ونتكلم عن الإعجاب، إيه اللي بيحصل فى المخ ويخليه يستجيب ويفرز هرموناته دي؟!
نظرية الانجذاب العاطفي: بحبك بكل حواسي!
فى الحقيقة مخك بيقوم بسلسلة معقدة من الحسابات فى خلال ثواني، وهي اللي على أساسها بيتحدد الإعجاب لكن مش مخك لوحده هو اللى بيقوم بالعملية كلها، وحواسك الخمسة بتلعب دور كبير فى العملية دي، وبيعملوا زى مجلس أمن كده صغير، وكل واحد فيهم من حقه يصوت هو موافق على المُرشح ده و لا لأ.
مين السبب فى الحب، القلب ولا العين؟
”العين“ هى أول حاجة بتحدد الإعجاب، وده طبعًا عن طريق القبول الشكلي للشخص ده، وخلينا نقول إن الجمال أصلًا كمفهوم بيختلف من كل واحد للتاني، وكل واحد بيحب ملامح معينة أو بيرتاحلها، وكمان اختلاف الثقافات والأماكن والعادات بيفرق فى تقييمنا كبشر للجمال لكن العين مش بس بتحدد الجمال الشكلى، دي ممكن تحدد العلامات اللي بتدل على الشباب والصحة والخصوبة كمان، زى مثلًا الشعر الطويل فى الست، البشرة النضرة الخالية من الحبوب والتجاعيد، ودول دايمًا مرتبطين باللياقة الجنسية، ولما العين بتلمح حاجة بتحبها، على طول بتحفزك إنك تقرب منها، وبكدة باقى الحواس تقدر تقول رأيها.
وعطورك الهادية اللى دايبة فيكى كل ما تلمسك بتقول آهات
”الأنف“ دورها الرومانسي دايمًا مرتبط عندنا بالمشهد التقليدي اللي بتمر فيه البنت اللي عطرها بيهفهف، يقوم البطل يلتفت على طول ويقول هي دي اللي أنا بأحلم بيها. الأنف مش بس بتشم الريحة الحلوة، لأ دي بتقدر تميز الإشارات الكيميائية الطبيعية اللى بيفرزها الجسم والمعروفة بإسم ”الفيرمونات“، المواد الكيميائية دي مش بس بتوضح معلومات فسيولوجية أو وراثية عن الشخص اللي صادرة منه لكنها كمان بتقدر تحفز الاستجابة الجسدية أو السلوكية للمُستقبل.
فى دراسة اتعملت على مجموعة من الستات، فى مراحل مختلفة من دورة التبويض _يعني مستويات الهرمونات مختلفة عندهم_، خلوهم يلبسوا تيشيرتات زى بعض بالظبط لمدة 3 أيام، ونقوا مجموعة عشوائية من المتطوعين الرجالة، وخلوهم يشموا التيشيرتات دى، فأظهرت النتيجة إرتفاع فى مستوى هرمون التستوستيرون _هرمون الذكورة_ فى عينات اللعاب عند الرجالة اللى شموا التيشيرتات اللى لبسوها ستات كانوا فى خلال مرحلة التبويض _أعلى معدل للهرمونات فى دورة التبويض_، وده معناه إنها فى قمة فترة خصوبتها، وده ممكن يلفت نظر واحد لواحدة مكنش واخد باله منها خالص.
الستات بقى بينجذبوا لريحة جزيئات (MHC) _ودي مجموعة من البروتينات المسئولة عن تعرف الجهاز المناعي على الأجسام الغريبة، وبالتالي الدفاع عن الجسم_، والستات بتنجذب للرجالة اللى بتختلف عندهم جزيئات (MHC) عن اللي عندهم. وبالفعل، اتعملت التجربة بالعكس، القائمين على الدراسة خلوا رجالة يلبسوا تيشيرتات زى بعض، وخلوا مجموعة من المتطوعات يشموا التيشيرتات دي، فالستات انجذبوا لريحة الرجالة اللى بيختلفوا عنهم فى الـ(MHC)، وده طبعًا بيعزز الفكرة العلمية اللى بتقول إن تزاوج الستات و الرجالة اللى جيناتهم مختلفة، بينتُج عنهم أجيال جديدة قدراتها المناعية أقوى.
الأذن تعشق قبل العين أحيانًا
وأكبر دليل على ده هو عشاق الست أم كلثوم اللى كانوا كتير أوى، مع إنها مكانتش أجمل الستات، لكن صوتها كان الأجمل والأروع. العلم بقى بيقولنا إن الرجالة بتفضل الست اللي تردد صوتها عالي ونفسها واضح، يعني الستات اللي صوتها أرفع ومليان تنهدات وفي بُعد بين الكلام وبعضه واللي مرتبط بإن جسم الأنثى يكون أصغر، فى حين إن الستات بتفضل الرجالة اللى تردد صوتهم منخفض يعني صوتهم تخين والكلام عندهم قريب من بعضه، الأمر اللي بيرجح كون حجم جسم الراجل أكبر.
من أول لمسة
طبعًا مش محتاجين نقول قد إيه حاسة اللمس مرتبطة بشكل كبير بالرومانسية والتواصل الحقيقي بين أي اتنين لكن من الناحية العلمية كان لازم وجود إثبات، فاتعملت دراسة على مجموعة من الناس، وقبل ما يدرك المشاركين إن التجربة بدأت، طُلب من المشاركين إنهم يمسكوا فناجين قهوة، فى منها السخن ومنها المتلج، بعدها خلوا المشاركين يقروا قصة عن شخص افتراضي، وطلبوا منهم يقولوا انطباعهم عن الشخص الافتراضي ده، فالناس اللي كانوا ماسكين فناجين سخنة، قالوا إنه شخص سعيد واجتماعى أكتر وكريم وتلقائى، في نفس الوقت اللي كانوا ماسكين الفناجين الباردة، قالوا إنه شخص بارد وغير حساس وعنده القدرة على إخفاء مشاعره، وده إن دلّ على شئ فيدل على إن اللمسة فعلًا بتفرق فى إحساسنا.
____________________________________________________________
بعد كل الاختبارات دي لو الشخص ده نجح ومجلس قيادة حواسك قال إنه ينفع، فمخك هياخد الأمر ويخلي الدم يتدفق أكتر فى جسمك كله وهو شايل هرمون اسمه ”نورأدرينالين“، وده اللي بيخلي جسمك مستعد للمواجهة أو للهروب، وإنت ونوع شخصيتك بقى. الهرمون ده بيخلي ضربات قلبك أسرع وبؤبؤ عينك أوسع وجسمك بيحرر جلوكوز أكتر عشان يمد جسمك بطاقة إضافية، وكل الأحداث دي مش عشان إنت فى خطر حقيقي لكن عشان جسمك بيحاول يقولك: خد بالك إنت داخل على حد مهم أوى، وصدقني ساعتها إنت محتاج تركز أوي.
”النورأدرينالين“ بيخلى عينك ماتشوفش غير الشخص اللي إنت منجذب له، وكأنك فعليًا مش شايف غيره فى الدنيا لدرجة إنه بيفقدك الإحساس معاه بالزمن، فتقعد تتكلم بالساعات وتحس إنها فعلًا ثواني، ويشجع الذاكرة عندك إنها تحتفظ بكل تفصيلة صغيرة فى اللي الشخص اللى إنت معجب بيه أو نقدر نقولها اللي خلاص بقيت بتحبه.
وطبعًا فكرة ربط الحب بالعلم ممكن يخليك تحس إنه مش رومانسى، حب زى ما إنت عاوز لكن كمان خليك عارف قد إيه جسمك بيساعدك و بيشتغل بكل قوته عشان يضمن لك إنك تختار الشخص المناسب اللي تقع فى حبه.
المصادر: