دراسة جديدة: مخ الإنسان قادر على صنع سكر الفركتوز
كتبت: مها طــه
اكتشفت مجموعة من الباحثين في جامعة ييل أن المخ قادر على صنع سكر الفركتوز وهو سكر بسيط يوجد عادةً في الفواكه والخضراوات والعسل. ليست كل السكريات على قدم المساواة، الجلوكوز أيضًا سكر بسيط ودوره هو توفير الطاقة اللازمة لخلايا الجسم حتى تقوم بالعمليات الحيوية، لكن الفركتوز يعتبر أقل أهمية، ويرتبط عادةً بالإصابة بالبدانة أو مرض السكري من النوع الثاني.
عندما يكون هناك فائض من السكر بعد استهلاكه في العمليات الحيوية، فإنه يُصبح مشبعًا وبالتالي فإن الجسم يحول الجلوكوز إلى فركتوز بدلًا من ذلك، وتُسمى هذه العملية باسم «مسار البوليول»، وهو تفاعل كيميائي يتسبب في مضاعفات السكري، وقد أفاد الباحثون أن المخ يستخدم هذا المسار لإنتاج سكر الفركتوز.
وعلى عكس الجلوكوز الذي يتم تمثيله الغذائي في جميع أنحاء الجسم، فإن الفركتوز يتم تمثيله بشكل طبيعي فقط في الكبد وفي السائل المنوي حيث أنه المسئول عن إنتاج الطاقة اللازمة للحيوانات المنوية. هذا المسار المسئول عن تكوين الفركتوز عادةً ما يجعله يبقى في نفس الخلايا التي تم إنتاجه فيها، وهو ما يجعل مستويات الفركتوز في الدم منخفضة جدًا وبالتالي لا يصل منها إلا القليل للمخ مع مسار الدم، ولكن بعض الدراسات أظهرت سابقًا وجود كميات كبيرة منه في الجهاز العصبي المركزي (المخ والحبل الشوكي).
الأهم من ذلك، أن الأبحاث أظهرت أن التعرض لسكر الفركتوز يُمكن أن يغير كثيرًا في تعبير مئات من الجينات عن نفسها في المخ بما فيها الجينات التي تتحكم في عملية الأيض، والتواصل بين الخلايا والالتهاب ووظائف المخ، وهذا يرجح أن سكر الفركتوز يمكنه أن يغير من وظائف المخ نفسها.
الجدير بالذكر أن المخ يعتمد بشكل كبير على الجلوكوز بتغذية أنشطته، وهناك دليل على أن الذين يعانون من مرض السكري لديهم فرصة أكبر من غيرهم للإصابة بالخرف أو التدهور المعرفي، مما يشير إلى أن التعرض للجلوكوز بشكل زائد يُعتبر سيئًا بالنسبة للمخ، وحتى الآن لم تكن آلية حدوث ذلك مفهومة بشكلٍ جيد.
استخدم فريق الباحثون في جامعة ييل في هذا البحث الأخير تكنولوجيا المسح الضوئي للمخ (الرنين المغناطيسي – MRI) لقياس مستويات الجلوكوز والفركتوز في أدمغة ثمانية من المشاركين الأصحاء. وكانت النتائج أنه بعد 20 دقيقة فقط من ضخ الجلوكوز في الدم، ترتفع مستويات الفركتوز في المخ بشكلٍ ملحوظ وإلى مستويات أعلى بكثير مما في الدم.
ظهرت نفس الأعراض على المشاركين الثمانية، ولكن هؤلاء الذين كانت لديهم نسبة أعلى من الجلوكوز تمتعوا أيضًا بمستويات أعلى من الفركتوز. وهذا يوفر الدليل القاطع على أن المخ البشري قادر على أخذ الجلوكوز الزائد وتحويله بسرعة إلى الفركتوز. وبالتالي فإن إنتاج سكر الفركتوز يمكن أن يكون دليلًا على الآلية التي تجعل الزيادة في نسب الجلوكوز تغير من وظائف المخ.
نتائج هذه الدراسة تعتبر مثيرة جدًا للاهتمام، ولكنها تحتاج إلى توخي بعض الحذر، فهي شملت فقط ثمانية أشخاص وهي عينة صغيرة جدًا، ولإنه من الصعب إجراء التجربة على عدد كبير، فإنه من المرجح تكرار التجربة على الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري، لمعرفة مدى حدوث هذه التأثيرات بسبب التقلبات الطبيعية لمستويات الجلوكوز في الدم لديهم، ولكن في النهاية يمكن لهذه الدراسة أن تغير من الطريقة التي يتم بها دراسة العلاقة بين استخدام السكر وحالة المخ.