الزمن مجرد وهم أم حقيقة مطلقة؟
كتب: أحمد حسين
تخيل إن النهاردة يوم صيفي هادئ في واحدة من المدن الساحلية، نسمة هواء خفيفة تخليك تحس بالسعادة بشكلٍ ما، فقررت استغلال اللحظة قبل فوات الأوان. نزلت من البيت، ووقفت قدام البحر عشان تتفرج على غروب الشمس، بلونها الأحمر الهادئ، وحسيت بلحظة سلام نفسي حقيقي. افتكر إن كل اللي انت شايفه قدامك ده مجرد صورة للحظة حصلت من 8 دقايق وإن الشمس خلاص غربت واللي كان كان.
الزمن من وجهة نظر الفيزياء الكلاسيكية
كان الزمن _ومازال_ الشغل الشاغل بالنسبة للإنسان من بداية الخلق ولحد دلوقتي. فمثلًا في اللحظة اللي بتقرأ فيها الكلام ده هتكون بتمر بكل مراحل الزمن (الماضي والحاضر والمستقبل). فهل ده معناه إن الزمن ممكن اعتباره وِحدة واحدة ثابته ولا بيتغير بتغير عوامل تانية مختلفة؟
السير”إسحاق نيوتن“ كان بيقول إن الزمن شيء مطلق، وِحدة مستقلة خاصة بذاتها مش بتتأثر بالعوامل الخارجية، فالزمن بيتقدم بشكل متسق ومتناسق بغض النظر عن أي شيء في الكون. والأنسان _بالنسبة لنيوتن_ بيدرك تغير هذا الزمن بصورة ثابته عن طريق مراقبة/ملاحظة حركة الأجسام الكبيرة زي القمر والشمس.
اعرف أكتر| 7 معلومات عن نيوتن الفيزيائي العظيم: برلماني سابق ومحاضر ممل!
فلو الإنسان مثلًا، قرر السفر إلى الفضاء، والمسافة اللي قطعها كانت ملايين السنين الضوئية _وبالمناسبة السنة الضوئية مسافة مش زمن_، وكانت مدة الرحلة شهر، هيرجع يلاقي الأرض مر عليها شهر واحد بس برضة.
لكن نيوتن هنا ما اخدش في الاعتبار عوامل المسافة والسرعة، لأنه يعتبر من الأساس إن الزمن شيء مطلق في طبيعته، بيمر بشكل دوري، وبدون تأثير من أي عناصر خارجية، وذلك نتيجة لوجودة في فضاء (مكان) مطلق، ثابت، غير متحرك، ولا يرتبط بأي عنصر آخر.
لكن الكلام ده تم نفيه تمام لما طرح ”آينشتاين“ نظريته النسبية الخاصة سنة 1906.
اينشتاين ووهم الزمن
سنة 1906 قال آينشتاين إن الزمن مش مطلق ولا ثابت، وعلى العكس بيتغير نتيجة تغير العوامل المؤثرة عليه زي السرعة والمسافة، بمعنى إن الزمن بالنسبة لكل شخص متعلق بشكل أساسي بحركته بالنسبة للعوامل دي كلها. فإذا فرضنا مثلًا إنك قررت تسافر في رحلة إلى مجرة ”أندروميدا“ أقرب مجرة بالنسبة لنا، والمسافة اللي هتقطعها هتكون حوالي 2.5 مليون سنة ضوئية، وأنك هتسافر بسرعة قريبة من سرعة الضوء وزمن الرحلة _ذهاب وعودة_ شهر، فإنت لما ترجع هتلاقي إنه مر على ذهابك _بزمن الأرض_ 20 سنة، وإن جميع أصدقائك بقوا أكبر منك في العمر، ومعنى كدة إن العمر اللي زاد شهر بالنسبة لك زاد 20 بالنسبة لهم.
إذن الزمن بيختلف بإختلاف السرعة والمكان، فالزمن _كمعادلة رياضية_ يساوي المسافة على السرعة، معنى كدة إن العلاقة بينه وبين السرعة علاقة عكسية، وكل ما زادت السرعة تباطئ الزمن. في السبعينات، قام بعض علماء الفيزياء التجريبية بعمل تجربة لقياس المعادلة دي (السرعة في مقابل الزمن) وقاموا بوضع ساعة من السيزيم – بتقيش الزمن بالنانو ثانية- على الأرض ووضعوا التانية في طائرة نفاثة سرعتها كبيرة جدًا، وقاموا بإطلاقها لبعض الوقت، ولما رجعت لقوا إن الساعة التي كانت على الطائرة تأخرت بقدر ضئيل عن الساعة الموجودة على الأرض بنفس النتيجة الحسابية لمعادلة الزمن (المسافة على السرعة).
اعرف أكتر| 6 معادلات فيزيائية غيرت وجه التاريخ
السفر عبر الزمن ممكن؟!
بعد معرفة الكلام ده، ”هل ممكن السفر عبر الزمن؟ هل ممكن السفر إلى الماضي أو المستقبل؟“ والإجابة أيوة. بحسب اينشتاين فالكون كله عبارة عن أسطوانة مضغوطة، زي زجاجة بلاستيكية مضغوطة مثلًا، ومراحل الزمن الثلاثة (الماضي – الحاضر – المستقبل) بيحصلوا في نفس الوقت، لكن عقولنا متقدرش تشوف غير زمن واحد بس وهو الحاضر، فيبقى الماضي زمن منتهي والمستقبل زمن لسة مجاش.
مثلًا تخيل إن 3 أشخاص قرروا يتفرجوا على فيلم مدته 120 دقيقة، وكل شخص فيهم شايف بسرعة مختلفة عن التاني، فمنهم اللي بيشوف بسرعة تسمح له يشوف الـ120 دقيقة على إنهم خمس دقائق، والتاني يشوف الـ 120 دقيقة بمقدارهم الطبيعي اللي إحنا بنشوفه، والأخير شايف ببطئ شديد لدرجة إنه بيشوف الـ 120 دقيقة على أنهم 160 دقيقة.
فلما الأول يخلص الفيلم هيكون الثاني والثالث لسة في بداية الفيلم، فهو بالنسبة لهم شاف المستقبل، وهم بالنسبة له ماضي، وهم بالنسبة لنفسهم حاضر بيحصل دلوقتي.
وبكدة نفهم إن الأزمان كلها موجودة، لكن هل ممكن نسافر للزمن اللي عاوزينه؟ بحسب اينشتاين فالموضوع ممكن، لكنه صعب جدًا، لأن الأنسان عشان يقدر يسافر عبر الزمن لازم يتحرك بسرعة تساوي سرعة الضوء، وده صعب لأنه كل ما زادت سرعة الإنسان زادت كتلته، وكل ما أقترب فعلًا من سرعة الضوء تصل كتلته إلى اللانهائية فيتلاشى، وعشان كدة منقدرش لحد دلوقتي نسافر عبر الزمن، لحد ما نقدر نخترع سفينة فضاء تقدر تسافر بسرعة الضوء من غير ما تغير كتلة البشر داخلها.
اعرف أكتر| أشهر 10 نظريات علمية ثبُت خطأها
المصادر: plato.stanford iflscience space spaceplace
