هو إحنا ليه بنحب نتفرج على الماتشات؟!
كتب: أحمد حسين
بدأت معرفتي بالرياضة أو خلينا نقول بالكورة تحديدًا من حوالي 18 سنة، كاس العالم 98 اللي اتلعب في فرنسا، الماتش النهائي، البرازيل هتواجه فرنسا على أرضها ووسط جمهورها، المنتخب البرازيلي تقريبًا محبوب من معظم اللي بيشجعوا كورة على وجه الأرض ومتابعين ماتشات الكورة، فريق فيه نجوم حريفة جدًا لدرجة إن اللي مالوش في الكورة ممكن يحب يتفرج عليهم.
دلوقتي الماتش هيتلعب، وأنا طفل صغير مش فاهم أوي الفكرة، بس مستمتع باللي بيحصل، وحسبت بمتعة وإثارة أكبر لما ”زين الدين زيدان“ جاب الجون الأول في البرازيل. على الرغم من إني ماكنتش ساعتها بشجع فرنسا، لكن مخي ترجم اللحظة دي على إنها لحظة مهمة وعظيمة، ومن ساعتها تقريبًا بدأت علاقتي بالكورة تكون أقوى.
من نهائي كاس العالم 98 لنهائي اليورو (كاس أوروبا) 2000، مرورًا بكاس العالم 2002 وبطولة أوروبا 2004 ووصولًا للأمم الأفريقية في التلات نسخ اللي كسبناهم 2006 و2008 و2010. كل المحطات دي خليتني أركز مع الرياضة بشكل عام، ومع الكورة بشكل خاص جدًا، والسؤال هنا بقى: أنا ليه حبيت أتفرج على الرياضة بالشكل ده؟ ليه عمومًا بنحب فعلًا نتفرج على ماتشات الرياضة بشكل عام يعني؟
معظمنا عارف إن الهرمونات بتتحكم في انفعالاتنا بشكل كبير. لما بتحضن حد واحشك من فترة _أو تحضن حد بشكل عام_، جسمك بيفرز هرمون الأوكسيتوسين واللي بيصيبك بحالة من الهدوء والسعادة. ولما بتكون متوتر بسبب امتحان أو مقابلة شخصية ما، جسمك بيفرز هرمون الكورتيزول واللي يمكن بيوترك أكتر برضه لكن بيخليك مركز جدًا.
الفرجة على الماتشات لأيًا كان نوع الرياضة اللي بتحبها ليها نفس التأثير على الجسم؛ بمعنى إنها بتساعد الجسم إنه يفرز هرمون التستوستيرون أكتر. وعلى الرغم من إن هرمون التيستوستيرون مرتبط أكتر بموضوع الذكورة والتفاعلات الإجتماعية وكده إلا إنه بيساعد كمان على زيادة تركيز المخ ونمو العضلات. العلماء كمان اكتشفوا إنك لما بتشوف فريقك المفضّل أو الشخص اللي إنت بتشجعه في لعبة فردية بيكسب، نسبة التيستوستيرون بتعلى في جسمك جدًا.
زائد إنه كمان لما فريقك بيكسب أو بتشوفه يحرز هدف مثلًا، ده بيخلي المخ يفرز هرومون الدوبامين اللي هو هرمون السعادة فتحس بنشوة فعلًا من الحدث ده. كمان المخ بيتحفّز جدًا في الوقت ده، فبيزود قدرته على التعلّم والتذكّر، وده لما بيحصل المخ بيفرح بيه، فبيطلبه كل شوية بقى علشان كده الناس بتفضل تتفرج على الرياضة بشغف وحماس.
المخ بيحتوي كمان على عصبويات بيطلق عليها ”الخلايا العصبية المرآتية – Mirror Neurons“، العصبويات دي بيتم تحفيزها بشكل كبير جدًا لما بيكون وراك مهمة وتتمها بنجاح، ومش بس كده لأ، دي بتتحفز كمان لما تشوف حد بينجح في مهمته أو حتى بتسمع عنها، ويمكن ده السبب اللي خلّى معظم صُنّاع السينما في العالم يفضّلوا النهايات السعيدة علشان لما تتفاعل مع البطل وينتهي الفيلم بنهاية سعيدة ليه في الآخر، تخرج إنت كمان مبسوط من السينما.
هو ده بالظبط اللي بيحصل لما فريقك المفضّل يرفع الكاس وتلاقي نفسك طاير من الفرحة، على الرغم من إنك لا اشتركت في الفوز ولا ساهمت ولا عملت حاجة، هو الموضوع كله إن العصبويات المرآتية تحفزت بشكل كبير، لما لقيت إن الشخص/الفريق اللي إنت بتحبه بيستلم كاس أو جايزة أو ميدالية مثلًا.
وده على فكرة اللي بيخلينا متعاطفين مع البشر بشكل عام. العلماء اكتشفوا إن الاشخاص اللي عندهم خلايا مرآتية سليمة، بيقدروا يتفاعلوا ويتعاطفوا مع البشر كويس. عكس الناس اللي عندهم خلل في الخلايا دي، واللي غالبًا بيكونوا طول الوقت غير متعاطفين مع أي حد ولا أي حاجة أو بيوصل الموضوع لبعضهم إنهم يبقوا قتلة متسلسلين محترفين.
المهم يعني، لما تسمع حد بعد كدة بيقول إنه عايز يتفرج على الماتش، سيبه يتفرج وماتفضلش ترخّم عليه إلا لو بيشجع فريق بيخسر على طول ..هاا، لأن ده معناه إنه هينكد عليكم، فساعتها حاول على قد ما تقدر تمنعه أو تبوّظ الريسيفر، وبالتوفيق بقى وكده.
المصادر