.
هيدروجينا

كيف تخليت عن هواجسي لأحب العلوم؟

كتبت: آية أشرف المرسي

إحم.. الافتتاحية، أو ما ينبغي أن تكونه.

بعد الترحيب والسلام، وأشرقت الأنوار بزيارتكم العزيزة لموقعنا «نيون»، حديث العهد في ساحة الفضاء الإلكتروني، والذي منه.. لقد تهللت أساريري بأن رفاقي المشاركين لي في هذه التجربة أطلقوا لي مطلق الحرية في أن أفتتح معكم أولى مقالات الموقع كيفما يشاء لي، ولأنني حديثة العهد بالمسائل العلمية، فلن نتحدث اليوم عنها، بل عن كيف أحببت العلوم!

في 2008، تم عرض فيلم الكارتون «Horton Who Hears A Who»، ولمن لا يعرف الفيلم، هو ببساطة يتحدث عن الفيل هورتون، الذي يكتشف  بمحض صدفة ذرة غبار بيضاء اللون، وأصغر ما يكون حجمها، عالقة أعلى ذرة بريّة، تمثل عالمًا كاملًا مأهول بساكنيه من مواطني الـ(Who-Ville). لن يسعفني الكلام هنا عن عظمة ما يقدمه هذا الفيلم إنسانيا عن تقبل الآخر، والاعتراف به مهما كان صغيرًا كبقية الأفلام المأخوذة عن روايات الرائع “دكتور سوس” للأطفال الصالحة تماما للكبار أيضًا في رأيي. ولكني أحب أن أنقل لكم ما شعرت به عند إدراكي لقيمة ما قدمّه الفيلم علميًا على الجانب الآخر، عندما رأيت صورة «النقطة الزرقاء الباهتة» كما أطلق عليها عالم الفضاء «كارل ساجان»، والتي طلب من وكالة ناسا أن تلتقطها بكاميرات إحدى مركباتها الفضائية (Voyager 1) في عام 1990، لتصور لنا كيف يبدو كوكب الأرض على بعد أربعة مليارات من الأميال أي 6.4 مليار كيلومتر تقريبا!

لأحدٍ ما في الفضاء، نحن كذرة الغبار البيضاء المتناهية الصِغر، تلك التي خاض «هورتون» الفيل من أجلها الأهوال لحمايتها، ولأنفسنا نحن كساكني الـ(Who-Ville) الذين صَعُب إقناعهم بانهم ليسوا الوحيدين في هذا الكون، وعليهم أن يدافعوا عن وجودهم إن أرادوا بقاء هذا الوجود. يقول “ساجان” عن تلك النقطة الزرقاء الباهتة في كتابه «كوكب الأرض .. نقطة زرقاء باهتة»:

8-pale-blue-dot

من نقطة النظر هذه قد لا تبدو الأرض ذات أهمية خاصة. لكن بالنسبة لنا، الأمر مختلف. انظر للنقطة مرة أخرى. إنها هنا! إنها الوطن! إنها نحن! عليها كل من تحب، كل من تعرف، وكل من سمعت عنه. كل كائن وُجِدَ طوال التاريخ عاش حياته هناك. محصلة كل الأفراح والأحزان. ألوف الأديان والنظريات ومذاهب الحياة. كل صياد وقاتل. كل بطل وجبان. كل خالق وهادم لحضارة. كل ملك وفلاح. كل شابين عاشقين. كل أم وأب. طفل ذي أمل. مخترع ومكتشف. كل ناشر لخُلقٍ حميد. كل سياسي فاسد. كل نجم سينمائي. كل قائد عظيم. كل قديس وآثم في تاريخ وجود كائننا البشري. كل هؤلاء عاشوا هناك. على ذرة من غبار، عالقة في شعاع شمسي.

كبساطة عرض مثل هذه الحقيقة العلمية عننا وعن كوكبنا الممتدة أطرافه من خلال فيلم كارتون للأطفال، كبساطة عرض قيمة مثل هذه المعلومة بدلالاتها لنا كأناس، أحببت العلوم، وتأثرت بها، بل وشعرت أن لديها الكثير لتقدمه لي بدلًا من تمثلها لي في صورة بعبع يطاردني أو مجرد مادة سخيفة ومعقدة لا ينقصها الملل. وربما سيندهش البعض من تحدثي عن العلوم بضمير الغائب كصديق أخبركم عنه، ولكن هذه الحقيقة التي توصلت لها، لكي أهضم العلوم كوجبة دسمة عليها أن تكون لذيذة الطعم، سهلة الإعداد، وحسنة التقديم، وهو غاية آمالنا فيما نقدمه لكم في «نيون»، دمتم فاهمين ومبسوطين : )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى