كل الطيور بتهاجر وبترجع أرضها .. ده لو ماحدش اصطادها!
كتبت: مها طـه
بمناسبة اليوم العالمي لهجرة الطيور اللي شعاره السنة دي محاربة الصيد الجائر والمتاجرة غير الشرعية بالطيور، وبعيدًا عن الفراخ والحمام والبط حبيت أخدكم معايا لرحلة كدة نعرف منها شوية معلومات عن مصر وأحوال الطيور المهاجرة فيها، ويا ترى إيه علاقة السماّن بالخريف؟
كل سنة بيكون في ملايين الطيور اللي بتعدي على مصر في أثناء رحلة هجرتها للمناطق الشتوية الدافئة في أفريقيا، وبما إن مصر زي ما كانوا بيقولوا لنا دايمًا في المدرسة إنها ”قلب العالم القديم“ وموقعها متوسط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، فهي فعليًا بتعتبر الجسر اللي بتهاجر منه الطيور ما بين القارات دي وبعضها، وعشان كده مصر بتُصنف كتاني أهم منطقة للطيور المهاجرة في العالم، وكانت دايمًا لفترة طويلة وجهة لكتير من السياح المهتمين بالطبيعة والطيور اللي كانوا بييجوا مرتين في السنة عشان يقدروا يستمتعوا بالطيور دي وجمالها وتنوعها الكبير.
الطيور بتهاجر عشان تدور على أكل عيشها!
الطيور هي كمان طلعت زي البشر أو يمكن إحنا اللي اتعملنا منهم، بتهاجر من مكان لمكان عشان سببين رئيسيين، السبب الأول هو البحث عن الطعام، لما تلاقي المكان اللي هي فيه ابتدت مصادر الأكل تقل فيه أو المنافسين عليه يزيدوا، فتقوم رايحة لمكان تاني أفضل، السبب التاني هو عشان تضمن لولادها مستقبل أحسن، مش بهزر والله ده حقيقي، الطيور بتحاول توصل للمكان الأفضل لبناء العش، وكمان لأن الغدد الجنسية عند الطيور بتتأثر بطول فترة النهار، فالطيور في المعظم بتفضل إنها تتواجد في المناطق الأدفأ وتبعد عن المناطق الباردة الشتوية عشان تحسن من الإنتاجية بتاعتها.
الطيور المهاجرة في مصر بتمر من خلال الأراضي الرطبة والجبال العالية والصحاري والوديان والسهول الساحلية والواحات والجزر البحرية اللي بتعتبر ملاذ للطيور المهاجرة من الشمال للجنوب ومن الجنوب للشمال.
أكتر من 600 ألف طائر مائي بيقضوا الشتاء بتاعهم في مصر وطبعًا عشان يستمتعوا بالشتاء بيقضوه على البحيرات الشمالية، واللي بتعتبر من أكتر المناطق الجاذبة للطيور المهاجرة زي بحيرة ناصر وبحيرة المنزلة، والمحميات الطبيعية زي جزر البحر الأحمر، ومحمية رأس محمد في جنوب سيناء.
الطيور اللي بتهاجر عن طريق مصر بتنقسم لنوعين، طيور مائية وطيور مُحلقة، الطيور المُحلقة اللي بتطير من مصر هي النسور والبجع واللقلق ، الطيور دي بتنزلق مع التيارات الهوائية الحرارية اللي جاية من ناحية سلاسل جبال سيناء، وده الطريق اللي بتسلكه الطيور المهاجرة على البحر الأحمر.
في حوالي 1.2 مليون من الطيور الجارحة، و300 ألف من اللقالق المهاجرة كل عام. الطيور المُحلقة بتحافظ على طاقتها عن طريق عدم تحريك أجنحتها وبتكون حساسة جدًا للتغيرات المناخية ولتغيرات البيئة، الطيور دي في الحقيقة بتلعب دور حاسم جدًا في تحقيق التوازن في النظام الإيكولوجي.
الطيور جواها GPS، وعمرها ما تتوه أبدًا
”أسامة الجبالي“، مدير مشروع حماية الطيور المهاجرة في جهاز حماية شئون البيئة، بيقول إن الطيور بقى لها سنين طويلة بتهاجر عن طريق مصر، وإن عملية الهجرة دي مش بتتم بعشوائية، الطيور بتحدد طريقها عن طريق خطوط الطول ودواير العرض، حيث إن العلماء اكتشوف مؤخرًا إن الطيور بتستخدم المجال المغناطيسي للأرض لمعرفة طريقها في أثناء الطيران، ودي نفس الفكرة اللي قام عليها الـGPS، وأضاف ”الجبالي“ إن مراقبة الطيور مهمة جدًا لفهم الظروف البيئية لأن سلوك الطيور بيُعتبر مؤشر قوي على نسبة تلوث المياه، وتأثير إزالة الغابات على تغيُر البيئة.
الهجرة الشرعية للطيور .. بتواجه مخاطر غير شرعية
الطيور بتواجه مخاطر كبيرة جدًا في أثناء رحلتها. الصيد لوحده بيؤدي لموت عشرات الآلاف من الطيور المهاجرة، كتير من الطيور المُحلقة بيكون طيور جارحة، واللي غالبًا بتتباع بأسعار غالية جدًا وخصوصًا في منطقة الخليج العربي.
الطيور كمان بتواجه خطر الموت بالتصادم أو الموت كنتيجة للصعق الكهربائي بسبب عواميد الضغط العالي، واللي بتبقى موجودة على طول طريق هجرة الطيور بالإضافة لتوربينات الرياح، واللي ببساطة ممكن تتسبب في موت كتير من الطيور المهاجرة في حال كانت موجودة في طريق هجرتها. حاليًا بيحاول العلماء يعرفوا الطرق اللي بتسلكها الطيور عشان يتفادوا وضع توربينات الرياح فيها.
”عبدالله الحجاوي“، رئيس مشروع قطاع حماية البيئة في سيناء، قال إن أخطر مشكلة بتواجههم في حماية الطيور المهاجرة هي الصيد غير المشروع، وإنه على الرغم من توقيع مصر على اتفاقية ”بون“ للحفاظ على الأنواع المهاجرة إلا إنه مفيش أى إجراءات رادعة ضد الصيد غير المشروع عشان كده أطلق الإتحاد الألماني لحماية البيئة حملة ضد مصر احتجاج على القسوة اللي بتُمارس ضد الطيور المهاجرة في الساحل الشمالي في مصر، واللي غالبًا بتتمثل في صيد بأعداد كبيرة.
السمان والخريف .. علاقة مرعبة
صيادين السمان في بورسعيد شايفين إنهم مابيعملوش أي انتهاك للقانون لما بيصطادوه لأنهم مش بيستخدموا أساليب متوحشة في الصيد، وكمان السمان بيبقى عدده كبير وعمره قصير، وبالتالي صيده بيعتبر قانوني. غالبًا بيتم صيد حوالي 2 مليون طائر كل خريف من على ساحل البحر المتوسط بما فيها الطيور المُهددة بالانقراض أصلًا، وده بيمثل مشكلة بيئية حقيقية.
لو فاكرين إن المشكلة خلصت عند السمان فخلينا نزيد من الشعر بيت، ونقول إن صيد الطيور الجارحة ده مشكلة لوحده أصلًا لأن غالبًا الأشخاص اللي بيصطادوا الطيور الجارحة دي، بيبقوا مش فاهمين قيمتها وبالنسبة لهم بتبقى مجرد بوابة للوصول لمبلغ محترم، بيدفعه ثري خليجي عشان يمتلك نسر أو صقر، يعني مثلًا الصقر ”شاهين“ بيتباع الطير واحد منه بحوالي 50 ألف جنية! أما ”الحباري“ وده نوع تاني من الطيور المُحلقة، فسعره بيوصل لـ100 ألف جنيه، حتى طائر اللقلق بيتباع في الخليج بمبالغ كبيرة، لأنهم بيعتقدوا إنه بيجلب الحظ والمطر والخصوبة.
الحفاظ على الطيور يعتبر حفاظ على الحياة نفسها
الطيور بتعتبر منزل طبيعي عالمي، وعشان كدة الاتحاد الألماني قام بالحملة دي ضد مصر لأن الطيور اللي بتتعرض للخطر دي عندنا بتؤثر على التوازن البيئي للعالم كله لأنه ببساطة لو ما تمتش المحافظة على الطيور دي، هتنقرض بمنتهى البساطة. وإذا انقرضت فالتوازن البيئي هيختل لأن كل كائن في البيئة له دوره في التوازن ولو اختفى، التوازن ده هيختل. وفقًا للتقارير في حوالي من 60 لـ70 نوع من الطيور البحرية في شمال سيناء انقرضت فعلًا دلوقتي، ومن ضمنها طائر أبو منجل اللي كان بيُعتبر رمز مقدس في الحضارة المصرية القديمة.
وبعيدًا عن القتل والصيد الجائر، فالطيور كمان بيهددها خطر تاني، وهو تغيُر البيئة اللي بيعيشوا فيها، واللي بيحصل من خلال استصلاح الأراضي والتلوث النفطي، بالإضافة للنفايات اللي بتتراكم في البيئة واللي بتعرض الطيور لخطر التسمم عشان كده تعتبر المحميات الطبيعية الموجودة في مصر هي الملاذ الآمن للطيور المهاجرة واللي بتعمل وزارة البيئة على تتبعهم، وتسجيل الأنواع الجديدة اللي ممكن تهاجر عن طريق مصر.
مشاهدة الطيور المهاجرة بتُعتبر من أهم الانشطة السياحية ”المضروبة“ في مصر ، واللي بيقوم بيها المُهتمين بدراسة ومشاهدة الأنواع المختلفة من الطيور واللي تخطى عددهم الـ80 مليون شخص سنة 2013، ومع إن مصر بتعتبر وجهة عالمية للطيور المهاجرة إلا إن إقبال السياح الأجانب على المجئ لمصر ومشاهدة الطيور انخفض من سنة 2008 بشكل ملحوظ، وعشان كدة بتحاول وزارة البيئة بالتعاون مع منظمة السياحة العالمية إنها تعمل حملات لجذب السياح، واللي في الحالة دي ممكن تمثل مصدر جيد للدخل القومي، أهوو نأمل ونتمنى!
المصادر: worldmigratorybirdday eeaa eeaa.gov allaboutbirds communitytimes