.
نوّرها

عن ”الأسلحة الكيماوية“.. ومن إمتى الاتفاقيات بتمنع؟!

كتبت: يارا كمال

عارف لما تبقى ماشي في الزحمة، ومش طايق نفسك ولا طايق الناس، وعايز تجيب قنبلة ذرية تفجّر بيها الكورة الأرضية! أنا بقى أقول لك بقى على فكرة مبتكرة أكتر لناس تانيين: ”الأسلحة الكيماوية“. الحمد لله إنك راجل هادي وأمير وابن حلال، وماقررتش تحوّل رغباتك دي لحقيقة لكن يا بني لازم تعرف إن العالم زي ما فيه خير، فيه شر، وإن فيه ناس مجانين قررت تموّت أخواتها في الإنسانية بالطريقة البشعة دي فعلًا.

تخيّل كده لو اتضايقت منك، فقررت أرشّك بمبيد حشري؟ إيه رأيك؟ أهو هو ده السلاح الكيماوي. السلاح الكيماوي من أسلحة الدمار الشامل، اللي ممكن تقتل آلاف الناس، وهو أي سلاح بيستخدم فيه مواد كيماوية مصنّعة لقتل الناس.

464002269_getty_bought_web

أول سلاح كيماوي يستخدم في معركة كان غاز الكلور، اللي بيحرق ويدمّر أنسجة الرئة. شوف بقى مع إننا بنحطه لتنقية الميه وقتل البكتريا، بس برضه ممكن نستخدمه في القتل. في الحرب العالمية الأولى، الجيش الألماني أطلق أطنان من الغاز ده بحيث الرياح توديه ناحية العدو، فيشموه ويموتوا.

وفي سنة 1995، فيه جماعة دينية في اليابان اسمها ”أوم شنريكيو“، أطلقوا غاز السارين وده غاز أعصاب هنتكلم عليه كمان شوية، في مترو أنفاق طوكيو (طلع عندهم داعش زيينا). في الحادثة دي مات 12 شخص وآلاف اتصابوا.

من أيام الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، الأسلحة الكيماوية اتسببت تقريبًا في أكتر من مليون مصاب وقتيل، طبعًا دلوقتي في اتفاقيات بتمنع استخدامها.

ف 1925، اتوقع على بروتوكول جنيف، اللي بيمنع استخدام الأسلحة الكيماوية في الحرب، بس البروتوكول ده كان فيه مشاكل كتير زي إنه مابيمنعش تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة الكيماوية، لأ وكمان، الدول اللي وقّعت على البروتوكول بقى ليها الحق تستخدم النوع ده من الأسلحة ضد الدول اللي ماوقعتش عليه أو تستخدمه كنوع من الرد لو السلاح الكيماوي استخدم ضدها.

وفعليًا في الحرب العالمية التانية (1939-1945)، الغازات السامة اُستخدمت في معسكرات الاعتقال النازية وفي آسيا عادي جدًا.

وكمان فترة الحرب الباردة شهدت تطوير كبير وصناعة وتخزين للأسلحة الكيماوية. وبحلول فترة السبعينات والتمانينات، كان فيه حوالي 25 دولة بتطوّر الأسلحة الكيماوية. بس الشهادة لله، السلاح الكيماوي اُستخدم مرات قليلة من ساعة نهاية الحرب العالمية التانية، ومن المرات دي استخدام العراق ليه في حربها على إيران في التمانينات.

وبعد 12 سنة من المفاوضات، توصلوا لمعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية في مؤتمر نزع السلاح في جنيف سنة 1992، وفعّلوا الاتفاقية سنة 1997، وأسسوا منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بحيث تبقى مسئولة عن تنفيذ المعاهدة دي.

على آخر سنة 2008، أكتر من 40% من السلاح الكيماوي المتخزن اللي مُعلن عنه كان اتدمّر، وهنشرح كمان شوية بيدمروه إزاي.

طب إيه اللي بتعمله الأسلحة الكيماوية؟

الأسلحة الكيماوية ليها كذا نوع: فيه الأسلحة اللي بتأثّر على وظيفة الجهاز العصبي، وفيه اللي بيسبب إصابات في الجلد تشبه الحروق، وفيه أسلحة بتأثّر على وظايف الجسم، من خلال إنها بتمنع الاستخدام الطبيعي للأوكسجين في أنسجة الجسم، وفيه أسلحة بتستهدف الجهاز التنفسي، وفيه بقى اللي بتأثّر على التفكير والمزاج بس من غير ما تسبب اضطرابات فظيعة في الجهاز العصبي اللا إرادي أو إعاقة خطيرة، والنوع ده من الأسلحة ممكن يسبب فقدان للإحساس أو شلل أو هلاوس، وفيه السموم، ده غير الغازات اللي بتستخدم في مكافحة الشغب زي الغاز المسيّل للدموع.

دلوقتي بقى هندّي شوية أمثلة عن الأسلحة دي، عشان تعرفوا قد إيه هي أسلحة مش خطيرة بس، لأ وكمان غلسة:

غاز السارين.. الواقف بين البصلة وقشرتها:

الغاز ده غاز أعصاب، بمعنى إنه بيأثّر على الآلية اللي بتتواصل بيها الخلايا العصبية. السارين بيمنع إنزيم الكولين ستريز، اللي الخلايا العصبية بتستخدمه عشان تطهّر نفسها من الأستيل كولين، واللي الخلايا العصبية بتتواصل بيه وبتبعت الرسايل لخلايا تانية معاه، عشان مثلًا عضلة تنقبض. لو الكولين ستريز ما طهّرش الخلايا من الأستيل كولين، العضلات هتبدأ تنقبض من غير قدرة على التحكّم فيها. وفي الآخر ده بيسبب الموت بالاختناق لإن الحجاب الحاجز في الآخر عضلة.

الغاز ده بيبتدي يعمل تأثّير من 5 ساعات  لـ12 ساعة. بس لو أنت اتحبست في أوضة حجمها متر مكعب، وفيه 100 مللي جرام غاز سارين في هواها، وأنت شميته، هتموت في دقيقة. وللعلم كمان، الغاز ده مش صعب يتصنّع. الأحلى بقى إنه مالوش لا لون ولا طعم ولا ريحة، يعني هتموت من غير مقدمات كده على خوانة. زائد بقى إن الغاز ده بيُنتج على هيئة سائل، بس بيتبخّر بسرعة لما بيتعرّض للبيئة.

غاز السارين ده اتصنع كمبيد حشري بالأساس في ألمانيا سنة 1938، ومن وقتها وفيه حكومات محلية كتير اتعاملت معاه على إنه غاز أعصاب سام. كمان الغاز ممكن يفضل في الهدوم لحوالي نص ساعة، يعني الواحد ياخد الضربة ومايقعدش يتمشى بيها عشان ما ينشروش.

غاز الخردل .. هولّع فيكم:

مش كل حاجة بتحرق تبقى نار. الغاز ده بقى بيسبب حروق في الجلد والعين والرئتين، وممكن كمان يسبب السرطان والعمى. تم استخدام غاز الخردل في الحرب العالمية الأولى. النوع ده من الغاز بيلبد بقى، يعني ممكن يفضل في الجو كام يوم، وممكن لشهور في البيئات الباردة جدًا.

Agent 15.. مزاج الخييييييير:

النوع ده من السلاح الكيماوي هو عبارة عن مركّب اسمه ”3- quinuclidinyl benzilate“. وده برضه غاز أعصاب قوي، ومالوش ريحة، وممكن نمتصه عن طريق الجهاز التنفسي، أو عن طريق الجلد أو الجهاز الهضمي. كلها ساعة من امتصاص المادة دي، ويبدأ الشغل. هيبدأ بقى يسبب رعشة وارتباك وذهول وهلوسة وغيبوبة، يعني سلاح وكيف لأول مرة في نفس ذات الوقت.

مشتبه في استخدام المادة دي في الصراع البوسني اللي حصل سنة 1995، وكمان وفقًا لبعض الدبلوماسيين في الولايات المتحدة الأمريكية، في سنة 2013، فقوات النظام السوري استخدمت المادة دي ضد الثوار، بس مفيش حاجة أكّدت الكلام ده.

VX .. السم في قطرات قليلة:

المادة دي كمان بقى ليها نفس تأثير السارين بس سايلة، وسُميّتها أشد 10 مرات من السارين. 10 مللي جرام منها (يعني كام نقطة) كافية إنها تقتل شخص. كمان المادة دي ممكن تفضل على الأرض أو الآلات أو المواد التانية لفترات طويلة.

طيب دلوقتي احنا عملنا معاهدات واتفاقيات عشان نمنع السلاح الكيماوي،

نخلص بقى من اللي موجود إزاي؟

بصوا، زمان قبل 1972، كانوا بيغرقوا الأسلحة دي في المحيط. الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وألمانيا ودول تانية رموا مئات الآلاف من الأطنان من السلاح الكيماوي. عارف لما تكنس وتلم اللي كنسته تحت السجادة، فتوسخ الدنيا أكتر؟ أهو ده اللي حصل. الأسلحة الغرقانة في المحيط دي تأثيرها مانتهاش، وقتلت الصيادين عند ساحل إيطاليا. والسمك لحد سنة 2005 كان فيه نسب خطيرة من الزرنيخ. بس الحمد لله، فيه معاهدة اتعملت سنة 1972 منعت الطريقة دي في التخلص من السلاح الكيماوي. فأصبح دلوقتي فيه طريقتين: الحرق والمعادلة.

بالنسبة للحرق فهو اشتعال محكوم للمواد دي والاشتعال ده بيحوّلهم لرماد أو بخار ميه أو ثاني أكسيد الكربون أو نواتج تانية من عملية الحرق.

أما المعادلة بقى فهي إنهم بيضيفوا على المادة المضرة دي مادة تانية لما تتفاعل معاها تخليها مش مضرة. يعني مثلًا الميه السخنة كافية لمعادلة غاز الخردل، أما مادة ”VX“ بتحتاج ميه سخنة وهيدروكسيد الصوديوم، عشان نعادلها.

مع كل الاتفاقيات والإجراءات دي، إحنا لسه بنعاني من السلاح الكيماوي وتبعاته. فزي ما قلنا وفقًا لبعض الدبلوماسيين الأمريكيين، الجيش السوري استخدم غاز السارين ضد المدنيين، بس الكلام ده مش أكيد.

وفي سبتمبر في نفس السنة وقتها، انضمت سوريا لاتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية. في أكتوبر 2014، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إن الأسلحة الكيماوية في سوريا اتقضى عليها خلاص. بس للأسف وللحسرة، فيه براميل كلورين متفجرة اترمت على المدنيين السوريين في مارس 2015.

معنى كده، إن لعنة السلاح الكيماوي لسه بتطاردنا، أو الخلاصة إنن مش هنرتاح إلا لما نخلّص على بعض كبني آدمين. وفيه كمان دول زي كوريا الشمالية ما وقعتش على المعاهدة بتاعة حظر السلاح الكيماوي، فممكن تطلقوا لخيالكم العنان، حاجة زي الفل يعني.

فأضعف الإيمان لو مش هنقدر نوقف قتل كل إنسان، على الأقل نمنع ونحظر النوع ده من الأسلحة ومثيلاتها اللي بتكسح البشر بالزوفة في غير رحمة أو عقل حتى.


المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى