
”الجزري“: ساعة الفيل معاك كام لو سمحت؟
كتب: أحمد حسين
خلينا نتخيل مثلًا، إن في أحد العُمّال، بيصحى الصبح زيّه زي غيره، بيدخل الحمام ويغسل وشه ويعمل الأشياء المنطقية اللي أي حد مكانه بيعملها لما بيصحى. العامل ده بيلبس هدومه، وبيبدأ يتكلّم مع مراته _في شيء ما مالناش دعوة بيه_ ويبص في ساعته فيعرف إنه اتأخر، وينزل جري يركب أتوبيس الشغل علشان يوصل مصنعه اللي بعيد عن بيته بمسافة كبيرة.
بيروح العامل ده، يقف قدام الماكينة اللي هو مسئول عنها، ويبدأ رحلة العمل اللي بتخلص كل يوم تقريبًا بعد 8 ساعات، ويمكن أكتر. طول الوقت ده، العامل بيدي أوامر للماكينة، والماكينة _طوعًا لا كرهًا_ بتنفذ الأوامر اللي هو بيأمرها بيها، وهكذا بقى لحد آخر اليوم. طيب معلش ثواني، هو الكلام ده علاقته إيه بالجزري وساعة الفيل؟
بديع الزمان أبو العز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري، اللي هو في الحقيقة ملقب بالجزري كاختصار للاسم الطويل المتناسق ده. اتولد سنة 1136 في منطقة قريبة من العراق أو سوريا، والسبب في اللغبطة دي إن حياة الجزري الأولى ونقطة انطلاقه وبداياته مش معروفة تقريبًا لأي حد، لكن بتبدأ حياته المعروفة لمعظم البشر من ساعة ما بدأ في الاختراع.
الجرزي كان مهندس ميكانيكي ومخترع وفنان وعالم رياضيات. سنة 1206 ألّف كتاب اسمه ”الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل“، والكتاب ده يعتبر ضمن أول كُتب الاختراعات في التاريخ، حيث إنه شرح فيه فكرة حوالي 100 اختراع، منهم حاجات فضلت مستخدمة لفترة طويلة جدًا زي آلات رفع المياه. بس باختصار شديد، ممكن نقول إنه صاحب اختراع تحويل الطاقة الدائرية لطاقة خطيّة، يعني إيه الكلام ده؟ يعني ببساطة هو اللي كان مسئول عن اختراع الموتور اللي بيلف فبيدفع العربية مثلًا أو القطر عن طريق مجموعة من التروس.
بمناسبة آلات رفع المياه. كان في كام عالم كده بيتجوّلوا في دمشق من حوالي عشر سنين، واكتشفوا اكتشاف كان غريب بالنسبة لهم جدًا، اكتشفوا إن في زي طاحونة مياه اتعملت حوالي القرن الـ13 على نهر يزيد في سوريا، والطاحونة دي كانت مبنيه بناءًا على الخطوات اللي مكتوبة في كتاب الجزري.
الطاحونة دي _واللي كانت بتوصّل مية للحي كله_ كانت بتشغل إزاي بقى؟ عن طريق التروس، ترس أفقي مربوط فيه حيوان بيجرّه، الترس ده بيلف على ترس تاني رأسي متركب فيه، والترس الرأسي ده بيلف الترس الأكبر اللي هو الطاحونة، والطاحونة بقى متركّب فيها جرادل بتجيب المياه من النهر وتوصلها لقناة مائية، وعن طريق القناة دي المياه بتوصل للحي كله. الكلام ده كان مبهر بالنسبة لهم ليه بقى؟ مبهر لأنه ماوصلش أوروبا غير في حوالي القرن الـ15، يعني بعد اختراع الطاحونة دي بقرنين.

أما أعظم اختراعاته اللي بيعتبرها العلماء والمهندسين تحفة في مجال الهندسة والميكانيكا والهيدروليكا هي ”ساعة الفيل“. ليه بقى تعتبر اختراع عظيم؟ علشان الاختراع ده مكوّن من أكتر من جزء، الجزء العلوي مثلًا _واللي عليه ما يشبه الديك_ موجود فيه دوائر فضّية وسوداء بتقدر تبلغك بالساعة حسب دورة النهار والليل. أما في المنتصف، ففي تمثال لراجل كده ماسك قلم، أهو القلم ده هو اللي بيقدر يقول لك على الدقائق. يعني تقدر تعتبر الدائرة الفضية دي العقرب الصغير، والراجل اللي ماسك القلم ده العقرب الكبير.
المبهر بقى فعلًا، هو الجزء الداخلي اللي موجود جوّه الفيل، واللي هو عبارة عن خزّان مياه، موجود على سطحه طبق، الطبق ده فيه خرم صغير بيخليه كل شوية يغرق جوّه الخزان. لما بيغرق الطبق بيشد حبل موصول بينه وبين الجزء العلوي من الساعة، واللي موجود جواه ترس بيلف فبينزّل كورة، الكورة دي بنزل عن طريق التنين الخشبي لفتحة على ضهر الفيلم بتنزل منها الكورة في المياه والطبق بيطلع تاني على السطح.

أنا عارف إن الكلام غريب، بس هو ملحمي فعلًا وماينفعش مايتذكرش، لأن ساعة الفيل دي تعتبر فعلًا من أعظم اختراعات الإنسانية، وهي اللي أدت دلوقتي للساعة اللي إنت لابسها في إيدك، أو اللي بتبص عليها في الموبايل. ومش بس كده، ده أي حاجة بتعتمد على وجود موتور ماكنش هيبقى ليها وجود لولاه.
*بعض اختراعات الجذري:






المصادر: