الهندسة الإسلامية وبساطة التعقيد الجميل!
كتب: أحمد حسين
لما كنت بزور القلعة، كنت بحب جدًا أدخل مسجد محمد علي، وهو تقريبًا من أهم وأشهر معالم القلعة لدرجة إن الناس بترمز للقلعة في أوقات كتير بالمسجد نفسه. تصميم المسجد ده يشبه في تصميمه إلى حد كبير مسجد آيا صوفيا اللي موجود في تركيا، من حيث تصميم القبة والمئذنة والسقف الداخلي للمسجد، وحتى أنماط الدواير والمثلثات الموجودة في الرسومات بداخل المسجد.
رؤية المسجد ده من جوا بتخليني مستغرب _ومتعقد في نفس الوقت_ من الهندسة الإسلامية أو المعمار الإسلامي يعني، إزاي الناس دي بإمكانياتهم اللي يمكن تكون أضعف من إمكانياتنا وقتها قدروا يعملوا أنماط ورسومات وخطوط وألوان يمكن أحلى من اللي بتتعمل دلوقتي بكتير.. إيه السر يعني ورا الجمال والتنسيق والعظمة دي؟
مبدئيًا، الهندسة الإسلامية بدأت من القرن الثامن الميلادي، خلال الفترة دي الإسلام كان بيمر بأحد أفضل مراحله الذهبية. الحرفيين في الوقت ده كانوا بياخدوا الأنماط اللي موجودة بالفعل في الثقافة الرومانية والفارسية، ويطوروا الأنماط دي بشكل كبير جدًا علشان تتحول في النهاية لتجربة بصرية عظيمة.
العلماء كمان في الفترة دي كانوا بياخدوا العلم اللي وصلت إليه الحضارات السابقة، ويطوروه ويبنوا عليه علشان يواكب عصرهم ده، في الوقت ده اتطورت الهندسة والرياضيات بشكل كبير جدًا، وده اللي ساعد الحرفيين علشان يوجدوا أنماط حلوة بالشكل ده.ومن رسومات الورد المعقدة اللي كانت على السجّاد للدوائر والأنماط اللي شكلها بيوحي لك إنها بتتكرر بشكل لا نهائي.
النقطة اللي من وجهة نظري عظيمة جدًا في الموضوع، إن كل الأنماط والأشكال اللي بنشوفها دي ممكن تتعمل ببرجل ومسطرة بس! يعني الحرفيين والمهندسيين الإسلاميين كل اللي كانوا محتاجينه _بعيدًا عن الخيال والعقل وكده_ إنه يكون معاهم برجل ومسطرة وكثير من الخيال زي ما بيقولوا علشان يعملوا الخطوط والدواير اللي بتتكرر في الأخر في شكل أشبه بالمتتاليات كده عشان تشكل في الأخر الشكل العظيم اللي بنشوفه ده.
الموضوع بيبدأ إزاي؟ سهلة، كل شيء بيبدأ بدايرة تمام؟ يعني أول حاجة بتترسم بتكون دايرة عادية جدًا بتترسم بالبرجل. بعد كده بتيجي مرحلة التقسيم، معظم الدواير بتتقسم لتلات أشكال، إما أربع مربعات متساوية، أو خمس مثلثات، أو ست مثلثات، وكل شكل في دول هيؤدي لنتيجة مختلفة تمامًا. كل شكل في دول بقى بيضاف له شكل شبهة بالظبط (متناظر/سيمتري)، فيكوّن نجمة واللي بتعتبر من أشهر الأشكال المستخدمة في الهندسة الإسلامية.
معظم النجوم دي بقى بتحوّطها مجموعة من البتلات (أشكال بتخلي شكل النجمة أقرب للوردة)، ومن عدد البتلات دي بتعرف الشكل اللي هيليق على النجمة دي. يعني لو ستة يبقى الشكل السداسي للشبكة (Grid) هو اللي هيليق، ولو خمسة يبقى الخماسي للشبكة اللي هيليق، لو 8 يبقى المُربّع للشبكة هو اللي هيليق وهكذا بقى.
بعد كدة بيترسم شيء أشبه بالشبكة كده، الشبكة دي ببتقسم الدايرة لـ8 أجزاء، وبعد كده بيترسم خطوط متقاطعة كده اسمها ”خطوط البناء – Construction lines“، الخطوط دي بتبقى حجر الأساس في الرسمة واللي بيختار المهندس على أساسها الشكل اللي عايز يرسمه بالظبط، وكل الرسومات اللي بتشوفها في المساجد دي عبارة عن قِطع أو شرائح اختارها المهندس من خطوط البناء، وعمل منها شكل وبدأ يكرره في متتالية شبكية بيطلق عليها ”الفسيفساء – Tessellation“ أدت في الأخر للشكل اللي بتشوفه.
الجميل بقى في الموضوع، إنه بعد ما المهندس يفنن ويخطط ويظبّط الرسمة، بيبدأ بقى يختار لها الشبكة اللي هيحطها فيها، وبعد ما يختار الشبكة بيبدأ يكرر العملية دي تاني وتالت لحد ما تعمل عنده شكل هندسي عظيم. طبعًا الموضوع كان بيتطور يوم عن يوم، والمهندسين الإسلاميين بقوا يبدعوا بقى في تركيب الأشكال على بعضها ولأنهم كان عندهم شيء اسمه ”الفزع من الفراغ“ فكانوا مابيسيبوش أي جزء في الرسمة فاضي، وكان لازم يملوه بمثلث أو دايرة أو مستطيل أو مربع أو شكل سداسي أو رسومات لأشياء طبيعية زي السمك والطيور، حسب ما يكون الجزء الفارغ يعني.
ولمدة 1000 سنة وأكتر، ظلت الهندسة الإسلامية من الأشياء الملهمة لمعظم فنانين ومهندسين العالم، وكل شيء في النهاية بدأ من برجل ومسطرة وعقل مبدع مش أكتر.
استمتعوا بالرسومات:
المصادر: