إيه اللي هيحصل لو كل البشر بقوا نباتيين؟
كتبت: مها طـه
في أثناء رحلتي لألمانيا واجهت شوية تحذيرات من إن الأكل عندهم مش أحسن حاجة، وإني طبعًا محتاجة اخد بالي من طريقة الدبح ونوع اللحوم اللي هاكلها، وده كان مسبب لي أزمة بشكل ما، وفي يوم وقت الغدا واجهت المنيو بكل شجاعة وقررت إني أبعد عن اللحوم وأخد “البرجر النباتي”
كل تصوراتي وقتها انحصرت في إنه هيكون عبارة عن حاجة أشبه بالطعمية عندنا، خضراوات مطحونة مع بعضها وعليها توابل ومقلية ومحطوطة في عيش، وفجأة اكتشفت إنه عبارة عن ورقتين خس وورقة كرنب بنفسجي وشريحة بتنجان مقلي وهو ده كدة البرجر!
وبعيدًا عن خيبة املي في البرجر المزعوم، النباتيين بيروجوا لنظامهم الغذائي دايمًا على إنه صحي أكتر ومفيد للجسم، وباتباعه بتقل أخطار أكل اللحوم زي الإصابة بالنقرس وارتفاع الكوليسترول في الدم.
كمان مؤخرًا ظهر نوع تاني من الأنظمة الغذائية الشبيه بالنباتيين شوية فيما عدا إنهم مش بياكلوا تقريبًا غير البقوليات والخضراوات والفواكه، بعيدًا عن السكر ومنتجات الألبان والبيض وبالطبع اللحوم وبيبقى اسمهم (فيجن-Vegan) . ومن هنا سأل البعض سؤال مُعين، إيه اللي يحصل لو البشر كلهم بقوا نباتيين؟
تأثير النباتيين على الكوكب
مبدئيًا عدد الأشخاص النباتيين على الكوكب قليل جدًا، وجودهم مثلًا في أفريقيا يكاد ينحسر في دول شمال أفريقيا زي المغرب وتونس والجزائر وده كنتيجة للعادات المجتمعية في الأصل، في الولايات المتحدة الأمريكية مثلًا عدد النباتيين بيمثل حوالي 4 أو 5% من تعداد السكان، أما في دولة زي الهند ودي من أكتر الدول اللي فيها نباتيين، نظرًا لوجود عادات دينية ومجتعية مرتبطة بعدم أكل اللحوم، وبرضو النسبة لا تتجاوز الـ40% من تعداد السكان.
لو مشينا وراء الافتراض ده، هتكون النتيجة هي وجود 20 مليار فرخة و1.5 مليار بقرة وأكتر من مليار خروف بلا سوق ليهم لأن مفيش بشر هياكلوهم، وبالتالي تدريجيًا هيختفوا تمامًا.
نتيجة لاختفاء العدد ده كله، هتفضى مساحة كبيرة من الأراضي المُستغلة لتربية الحيوانات دي، تقريبًا 33 مليون كيلومتر مربع من الأراضي _ما يُعادل مساحة قارة أفريقيا_، ده غير كمان المساحة اللي بتتزرع عليها النباتات اللازمة لإطعام الحيوانات دي.
النظام الغذائي النباتي هيقلل من تغيُر المناخ
الأراضي دي ممكن استغلالها لزيادة المحاصيل اللازمة للغذاء، لكن الحقيقة إن أغلب مساحات الأراضي المُستغلة لتربية الحيوانات هتكون جافة جدًا وغير صالحة للزراعة وممكن تتحول لصحاري، إلا لو تدخل البشر وأضافوا ليها المُغذيات والأسمدة اللازمة بشكل خارجي بقى.
على صعيد تاني لو تم الاهتمام بالأراضي دي فهي ممكن ترجع لطبيعتها الأولية خالص، في إنها تبقى غابات ومناطق عشبية، وده طبعًا هيساهم في مكافحة تغيُر المناخ، ففي النهاية أحد أسباب ارتفاع نسب غاز ثاني أكسيد الكربون هي إزالة أشجار الغابات بهدف الزراعة.
البقر وغيرهم من الماشية كمان بيأثروا على المناخ لأنهم بينتجوا كميات كبيرة من غاز الميثان (فضلات الحيوانات). قدرة الطاقة الناتجة عن غاز الميثان على تغيير المناخ على الكوكب أكتر من غاز ثاني أكسيد الكربون بـ25 مرة.
بالإضافة لعوامل تانية زي إزالة الغابات وغيرها من مسببات تغيُر المناخ، فالإنتاج الحيواني مسئول عن انبعاث حوالي 15% من غازات الاحتباس الحراري، وده معناه أن نسبتها أكتر من كل اللي بتنتجه الطيارات والقطارات والعربيات في العالم كله. ففي الحقيقة عدد من العلماء شايفين إن تقليل استهلاك اللحوم فعليًا ممكن يكون أحد أفضل الاستراتيجيات المُتبعة للتعامل مع تغيُر المناخ.
نظام الغذاء النباتي هيوفر في استهلاك المياه
حوالي 70% من الاستهلاك العالمي من المياه العذبة بيُستخدم في الزراعة، مثلًا إنتاج كيلو لحمة واحد بيستهلك حوالي 15 ألف لتر مياه، وإنتاج كيلو واحد من الفراخ يلزمه 4000 لتر، بالمقارنة بقى مع 1600 لتر لإنتاج كيلو من الحبوب (أرز أو ذرة أو قمح)، و900 لتر للفواكه، و300 لتر للخضراوات.
بمقارنة كيلو اللحمة بكيلو من الفواكه، فأكيد اللحمة بتحتوي على سعرات حرارية أكتر لكن كمان لو قارنتهم من حيث نسبة احتفاظهم بالماء، هتلاقي إن كيلو جرام واحد من اللحمة بيحتفظ بالماء أكتر بخمس مرات من كيلو الفواكه، وبسبع مرات أكتر من الخضراوات، وبـ20 مرة أكتر من الحبوب.
بناءًا على الكلام ده نقدر نقول إن اتباع نظام غذائي نباتي كله فوايد.
لأ مش كله فوايد طبعًا، إزاي؟
لو افترضنا عدم وجود الحيوانات واختفاءها نتيجة اتباع كل البشر للنظام النباتي، البشر هيخسروا معاها مصدر رخيص ومتوفر لحاجات كتير بنستخدمها في حياتنا اليومية، زي الجلود والدهون الحيوانية المُستخدمة في مستحضرات التجميل والشموع والمنظفات وغيرها من الصناعات.
المشكلة الأبرز هنا بتكمُن في وجود حوالي مليار شخص حوالين العالم، كل شغلتهم هو تربية الحيوانات والاهتمام بيها، ومُعظمهم أصحاب مزارع صغيرة في البلدان النامية، صحيح في جزء منهم ممكن يتجه بقى لإنتاج الألبان والبيض بس أو إنهم يضطروا يلجأوا للزراعة كبديل، لكن كمان في جزء كبير منهم مش هيقدر يتعامل مع المشكلة دي.
في الواقع، حاليًا أعداد النباتيين في زيادة مستمرة، لكنها زيادة تدريجية مش زيادة مفاجئة، والغريب والمُذهل إن في نفس الوقت، بلاد زي الصين والهند ومع زيادة معدلات الثراء، فالسكان هناك بيتجهوا لأكل اللحوم أكتر، وبالتالي بيتحقق التوازن بين الأشخاص النباتيين وغيرهم.
عمومًا المقال ده في النهاية بيفترض حدوث حاجة زي دي، لكن من الصعب جدًا إن كل البشر يبطلوا ياكلوا حيوانات، لأن كمان أكل الحيوانات له فوايد صحية، يكفي إن أحد أهم الأمراض اللي بتواجه البشر وهي الأنيميا، بيتسبب فيها نقص عنصر الحديد اللي بيكون متوفر بشكل كبير في اللحوم الحمراء.
المصادر: conservation independent bitesizevegan AsapSCIENCE