الخيانة فعل هرموني بحت!

كتبت: مها طـه

خلينا نقول إن تقريبًا 3% بس من الثدييات هما اللي بيتمتعوا بسلوك «الشريك الواحد» بمعنى إنهم بيلتزموا بوجودهم مع شريك واحد بس طول فترة حياتهم، ووفقًا للتصنيف ده فالبشر بيقعوا ضمن فئة الشريك الواحد دي.

من الناحية التطورية، فالالتزام بشريك واحد بيخلق فرصة جيدة لتفاعل بنّاء بين الشريكين، واحد فيهم هيكون دوره حماية الصغار، في الوقت اللي التاني بيبحث فيه عن الطعام وغيره من مقومات الحياة، وده نفس اللي بينطبق على البشر بالمناسبة، لكن ومع ذلك، كتير من البشر بالفعل بيخونوا أو بيكونوا مع شركاء متعددين.

السبب العلمي الأقرب لتفسير الخيانة هو الجين المسئول عن مُستقبلات الدوبامين في المخ، الجين ده بيلعب دور محوري في الميل للخيانة من الستات والرجالة على حدٍ سواء، الدوبامين هو هرمون السعادة، اللي بيفرزه المخ بعد النشاطات المُبهجة، زي اللعب والأكل الحلو والأورجازم (النشوة الجنسية).

الجينات الموجودة على الكروموسومات بتتكون من أليلات، والأليل هو واحد من ضمن 2 أو أكتر من الأشكال المتبادلة للجين، واللي بتنشأ عن طريق الطفرات، يعني ممكن يكون نفس الجين لكن شكل الأليل المختلف يخلي التعبير عن الجين نفسه يختلف.

أحد الدراسات، وجدت إن 50% من الأشخاص اللي بيحملوا الأليل الطويل للجين ده المسئول عن مُستقبلات الدوبامين في المخ، بيكونوا خاينين، في حين إن 22% بس من اللي بيحملوا الأليل القصير بيكونوا خاينين، وبالمناسبة نفس الأشخاص اللي عندهم الأليل الطويل دول بيكونوا أميل لخوض المصاعب ومحبين للأخطار، وبتظهر عليهم في كتير من الأحيان سلوكيات الإدمان، زي إدمان الكحوليات مثلًا.

اللي يخون مرة .. يخون 100 مرة

علميًا الكلام ده صحيح، ولا ننسى المقولة الشهيرة للأستاذ فتحي عبدالوهاب في فيلم سهر الليالي «أنا دمي ده بتجري فيه كور دم بيضا وحمرا ونسوان». مستويات هرمون الفاسوبرسين هي كمان بتعلب دور مهم جدًا في موضوع الخيانة ده، هرمون الفاسوبرسين بيؤثر بشكل مباشر على مدى الثقة في الآخرين وإظهار التعاطف معاهم والقدرة على بناء روابط اجتماعية قوية.

نقص مستويات هرمون الفاسوبرسين في الدم، ممكن يكون دافع لنقص كل المشاعر دي، وبالتالي يحدث الميل للتعدد أو الخيانة. وبالتجربة على نوع من القوارض اللي بتتميز بأنها متعددة الشركاء، تم حقن القوارض دي بهرمون الفاسوبرسين وكانت النتيجة هي إنهم بالفعل أظهروا سلوك مختلف والتزموا بشريك واحد فقط.

على نفس الصعيد كمان، فالأشخاص المصابين بالتوحد بيعانوا من نقص نسب الهرمون ده، وده اللي بيتسبب في عدم قدرتهم على الاندماج مع اللي حواليهم، ولا بناء علاقات اجتماعية قوية، وبالطبع عدم ثقتهم في الآخرين بسهولة.

دراسة تانية اتعملت في سنة 2014، على حوالي 7000 من التوائم، وأظهرت الدراسة دي إن السيدات الخائنات بيكون عندهم تحور في الجين المسئول عن مُستقبلات هرمون الفاسوبرسين وبالتالي حتى لو بيُفرز بنسب عادية، فالمخ مش بيستقبل النسبة الكافية منه، وبالتالي بيُحدِث نفس التأثير.

قصصي ريش طيرك .. لا يلوف على غيرك

نصيحة أم مصرية خالصة الحقيقة، لكن وجب الاعتراف إن الكلام ده علميًا حقيقي جدًا، الفلوس هي أحد الأسباب اللي ممكن تدفع للخيانة، حيث أن الدراسات أثبتت إن الراجل اللي بيتمتع بدخل كبير مقارنةً بدخل مراته، بيكون فرصة خيانته ليه أعلى بشكل كبير.

لكن الحقيقة إن العكس كمان صحيح، الراجل اللي بيكون قاعد في البيت ومراته هي اللي بتشتغل وبتصرف، كمان بيكون احتمالية خيانته أعلى من العادي، صحيح هنا الدوافع بتكون مختلفة عن الراجل الغني، حيث إنه بيحس بإن الخيانة بتعوضه عن الشعور بفقدان السيطرة على الزوجة، واللي غالبًا بيكون نابع من إحساسه بالتبعية المادية ليها، فبيحتاج لوجود ست تانية تعوضه عن الإحساس ده. أما في حالة إن الشريكين بيشتغلوا زي بعض ودخلهم متقارب، بتكون احتمالية الخيانة من الطرفين أقل بكتير.

للخيانة دوافع أخرى

بالطبع الفلوس مش هي العامل المؤثر الوحيد في الخيانة، لكن كمان الجانب العاطفي مهم جدًا في الموضوع ده، لأن عدم الاكتفاء العاطفي ووجود مشاكل لا تُحل على المدى الطويل، ممكن يكون أحد أهم دوافع الخيانة . أحد أهم أسباب الخيانة برضه بيتمثل في الخروج من أزمة عاطفية قوية ثم الارتباط بشخص جديد من غير ما نتجاوز الأزمة القديمة (فيلم عن العشق والهوى مثالا).

كمان أحد دوافع الخيانة اللي أثبتتها الدراسات هي إدمان الكحوليات، وده نظرًا لتأثيرها الكبير على كيمياء المخ، كمان انتشار وسائل التواصل الاجتماعي كان له أثر كبير على زيادة معدلات الخيانة، وده لأنه سهل التواصل بين الناس بشكل رهيب، مما دفع ناس كتير للخيانة كوسيلة للهروب من الواقع الزوجي السئ أو لتخطي الأزمات العاطفية القوية، وكله بضغطة واحدة ومن غير أي خوف من إن حد يشوف أو يعرف عن العلاقات دي.

بالمناسبة كل الدراسات اللي اتعلمت لإثبات وجود علاقة بين الخيانة والجينات، أثبتت إنهم بالفعل مرتبطين ببعض، لكنها وعلى عكس الشائع دايمًا بإن جينات «الراجل» بس هي اللي بتدفعه للخيانة أو للتعدد، الدراسات دي قالت إن مفيش أي فرق بين الراجل والست في الموضوع ده، الشخص اللي عنده مستويات هرمونات أو جينات مختلفة، هيكون أكثر ميلًا للخيانة.

أكثر ميلًا هنا بتعني إنه عنده دافع بيولوجي لكنه مش بالضرورة هيتبع الدافع ده ويخون، ممكن عادي جدًا يكون عندك الدافع البيولوجي لأكل الدهون والسكريات، لكن تمنع نفسك منهم نظرًا للضرر الناتج عنهم.

أخيرًا، صحيح الست والراجل مفيش فرق بينهم في الدوافع اللي ممكن تؤدي للخيانة، لكنهم في الحقيقة بيختلفوا في تعريفهم للخيانة، حيث إن الراجل لا يعتبر نفسه خاين إلا إذا مارس الجنس مع ست تانية، وما دون ذلك مابيعتبروش كخيانة، أما الست فالخيانة بالنسبة لها بتكون هي الخيانة العاطفية أو الخيانة بالمشاعر حتى لو لم تنتج عن المشاعر دي أي علاقة جنسية، ده مالوش دعوة بالقيود الاجتماعية ولا تفريق القانون والمجتمع بين الست الخاينة والراجل الخاين، لكنه له علاقة مباشرة بالطبيعة العاطفية للأنثى.

المصادر: businessinsider  bustle  yourtango  huffingtonpost  ASAPscience