.
نوّرها

لما الشتا يدق البيبان بيجيب معاه.. الاكتئاب!

كتب: أحمد حسين

لما تلاقي نفسك بدأت تسيب أغاني عمرو دياب وجو الصيف بشواطئه ومايوهاته، وتدخل في مرحلة الأستاذ علي الحجار وتبدأ تسمع ”لما الشتا يدق البيبان، لما تناديني الذكريات“، وبعدها الـsound cloud يكمل لك الليست، وندخل بقى على ”وبرد الخوف بيتكتك سنان الخيل”، اعرف يا معلم إنك كده دخلت فترة الحُزن البارد أو ما يُعرف باسم اكتئاب الشتاء أو Winter blues.

اكتئاب الشتاء جاي يلومنا ع اللي فات ويصحي الذكريات

اكتئاب الشتاء ده جزء من حالة مرضية يُطلق عليها اسم ”اضطراب الاكتئاب الموسمي – Seasonal affective disorder “، واللي يستحق جائزة أكتر اختصار لايق على الحدث وهو (SAD) ماشاء الله اسم على مُسمى، ودي حالة بتصيب بعض البشر بكآبة شديدة وتغيّر في كيمياء المخ، لأن الاكتئاب بيقلل من نسبة إفراز هرمونات السعادة زي السيروتونين مثلًا. الاكتئاب الموسمي بيزور المصابين به في الوقت اللي المواسم بتتغيّر فيه، يعني في بداية الصيف والربيع والخريف، لكنه بيظهر بوضوح وبيكون أقوى في بداية الشتاء، لذلك اقتطعوه بمفرده وأطلقوا عليه اسمه اكتئاب الشتاء.

خلينا بس مبدئيًا نفرق بين الحُزن كحالة مزاجية ونفسية جميع البشر بيمروا بيها، وبين الاكتئاب اللي هو مرض نفسي/عقلي بالأساس وبيخلي المصاب يشعر بالحزن حتى لو بيضحك أو في مكان هو مبسوط فيه، لأنه بيغيّر في كيمياء المخ زي ما ذكرنا في أول المقال. يعني ببساطة، لو حاسس إنك حزين بسبب الشتاء مثلًا، ده مش لازم يكون اكتئاب خلاص، وبلاش تقول عليه اكتئاب، ولو مش مطمئن ممكن تستشير طبيب نفسي هو هيقدر يحدد حالتك ويساعدك.

اعرف أكتر عن مرض الاكتئاب من هنا.

اكتئاب الشتاء

طيب، ليه الشتاء تحديدًا؟ الكلام ده اتعمل عليه دراسات كتير، لأنه سؤال مُحيّر للعلماء نفسهم، لكن معظم نتائج الدراسات كانت بتوصل لنتيجة واحدة، وهي قلّة التعرّض للضوء. معروف إنه في الشتاء الشمس بتغرب بدري فالدنيا بتضلّم بدري. الضلمة في الأساس لها وقع كئيب في النفس، فهي بتوحي دائمًا بزيادة الخطر. زمان، أيام الإنسان الأول، كان المخ متعوّد على الانتباه ليلًا أكثر من النهار، لأن الخطر بيزيد بليل والدنيا مظلمة، فمخ الإنسان ربط الليل بالخطر خلاص من ساعتها لحد دلوقتي، لذلك الليل بشكل عام بيبعث على النفس الكآبة.

اضطراب الساعة البيولوجية واكتئاب الشتاء

طيب هو اكتئاب الشتاء ده أعراضه إيه؟ هي أعراضه مختلفة عن الاكتئاب العام شوية، يعني مثلًا في وقت اكتئاب الشتاء بيكون المصاب به عنده تهيّج في المشاعر، يعني ماعندوش القدرة على إنه يظبط مشاعره على قدر الحدث اللي بيحصل بالظبط، وممكن جدًا يبالغ في رد الفعل.

أما بقية الأعراض فبتتنوع ما بين:

  • تعب وطاقة منخفضة طول الوقت.
  • مشاكل في التعامل مع البشر بشكل عام.
  • بيكون حساس زيادة تجاه الرفض.
  • الإحساس العام بالتقل طول الوقت وحاسس بحِمل زيادة في دماغه وعلى دراعاته وفي رجليه.
  • النوم الكتير.
  • الرغبة القوية في أكل الطعام اللي بيحتوي على كربوهيدرات ودهون كتير، وده بيؤدي لزيادة الوزن، اللي هي بتخليه يحزن أكتر!

ومن ضمن أسباب الاصابة به، بعيدًا عن فكرة قلة التعرض للضوء دي، اضطراب الساعة البيولوجية واللي يعتبر من أهم الأسباب اللي بتصيب البشر بالاكتئاب بشكل عام، بيزيد عليها بقى تغيّر كيمياء المخ وهبوط مستوى السيروتونين أو هرمون السعادة، وأخيرًا اضطراب مستويات الميلاتونين، وده الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم، الكوكتيل ده مع بعضه بقى، بيأثر سلبًا على المصاب، ومعاك يا معلم أحلى اكتئاب شتاء بقى.

الساعة البيولوجية ”الملخبطة“ دليل على ضعف موقفك.. اعرف أكتر من هنا

اكتئاب الشتاء

والأسباب اللي ذكرناها فوق مش هي بس المسببة في اكتئاب الشتا، لكن كمان في عوامل تانية محيطة بيكون لها تأثير. زي مثلًا إن المرض بيصيب الإناث أكتر من الرجال، وبيصيب صغار السن أكتر من الكبار، وكمان لو الشخص عنده تاريخ من اكتئاب الشتا في عيلته، نسبة الإصابة بيه عند الناس اللي عايشين بعيد عن خط الاستواء بتكون أكبر، وهي البلاد اللي بيكون عدد شهور الشتاء فيها أكتر من عدد شهور الصيف. زائد طبعًا لو مصاب باكتئاب عام من الأول.

هل ده معناه إن الناس اللي عايشين في القطب الشمالي _يعني مابيشوفوش الشمس طول الوقت تقريبًا_ بيزيد عندهم الإصابة باكتئاب الشتاء؟ الإجابة لأ، وده يبدو غريب لأن اللي بيصيبهم اكتئاب الشتاء في الأماكن دي بيمثلوا حوالي 9% من عدد السكان مجتمعين. والسبب في ده ببساطة إنهم أساسًا عايشين طول الوقت في الشتاء، فما بيحصلهمش لا اضطراب في الساعة البيولوجية، ولا تغيّر في كيمياء المخ.

اكتئاب الشتاء يحب ضوء الشمس 

طيب الكلام ده مالوش علاج؟ لأ طبعًا له وبيكون أسهل شوية من الاكتئاب العام أو السريري. علاج اكتئاب الشتاء بيتم عن طريق تلات حاجات، أولهم العلاج بالضوء أو بيُطلق عليه اسم ”العلاج الضوئي – Phototherapy“. العلاج ده بيتم عن طريق إن المصاب يقعد في أوضة فيها ضوء بيحاكي ضوء الشمس، والتعرّض للضوء ده بيقلل من تأثير اكتئاب الشتاء.

اكتئاب الشتاء

تاني حاجة هو العلاج بالأدوية، إذا تطلّب الأمر. وتالت حاجة هو العلاج النفسي وجلسات الاستماع، وطبعًا كل ده لازم يتم بإشراف الطبيب. وعلى حسب نصائح الأطباء، التواجد في بيئة يكثر فيها ضوء الشمس والمشي فيها أو ممارسة الرياضة، كل ده بيقلل من تأثير اكتئاب الشتاء برضه.

في النهاية، ممكن نقول يعني ربنا يبعد عننا الشتاء باكتئابه وبفيروساته وبرودته. ونحاول على قد ما نقدر نتجنّب الأغاني اللي فيها شتاء وأغاني فيروز كمان، ونحاول نركز في آيس كريم في ديسمبر، وربنا يعدي الشتاء على خير.


المصادر: webmd  mayoclinic  webmd

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى