.
النشرة

التاريخ الإنساني على ”كارت ميموري“!

كتب: أحمد حسين

ذات مرة، كتب د. أحمد خالد توفيق، في أحد أعداد سفاري، بالتحديد عدد (الأخير)، كلمة على لسان قبائل ”البوشمن“، حينما تحدثوا عن التوثيق والزمن: ”يوم نموت سيمحو، النسيم الرقيق آثار أقدامنا علي الرمال.. بعدما يفنى النسيم، ترى من يخبر الأبدية أننا مشينا ها هنا مرة في فجر الزمان؟“

منذ البداية، والإنسان يحاول دائمًا أن يترك أثرًا له حتى يوثّق لما قام به في خلال رحلته التي قضاها على ظهر هذا الكوكب الأزرق. في سبيل توثيق قصصه، قام الإنسان بالنحت، والكتابة على الحوائط في كل مكان، في الكهوف والصخر وكل شيء، كتب الإنسان، بلغة أشبه بالرسم، لتوثيق اللحظات المهمة في جميع الحضارات.

الآن، لدينا الكثير من الطرق لنسجّل ونوثّق عشرات الآلاف من البيانات والذكريات على شريحة صغيرة بحجم عقلة الإصبع، لتحمي هذه البيانات لمدة طويلة. لكن، بعض العلماء ساروا بخطواتٍ واسعة، ففي جامعة ثاوثهامبتون، طوّر بعض العلماء، طريقة جديدة لحفظ البيانات، يمكنها أن تبقى إلى الأبد.

في عام 2013، قدم فريق العلماء هذا تقنية جديدة لتخزين البيانات في أحد مراكز البحث بالجامعة، وكشفوا من خلال اجتماع عُقد في مركز البحث، عن تخزين ملف بحجم 300 كيلوبايت على شريحة صغيرة من الزجاج، يمكن تسجيل البيانات عليها باستخدام الليزر.

تسجل الشريحة البيانات عن طريق نقاط صغيرة، تُصنع عن طريق جزئيات الضوء الدقيقة، السريعة، التي يتم توجيهها إلى السطح الزجاجي للشريحة. يتم تسجيل البيانات في ثلاثة نقاط والتي لا يزيد سُمكها عن سُمك شعرة رأس الإنسان موضوعين فوق بعضهم البعض، في خمسة أبعاد مختلفة، لتُحقق مبدأ الاحتفاظ بالبيانات لفترة طويلة.

الفكرة في هذه الشريحة الزجاجية الصغيرة، كما قال فريق العلماء، أنه يمكنها تسجيل بيانات بحجم 360 تيرابايت من البيانات. إذا افترضنا مثلًا، أن حجم الكتاب الإلكتروني لا يتعدى الـ2 ميجابايت، فيمكن لهذه الشريحة خماسية الأبعاد، أن تُخزّن حتى 180 مليون كتاب الكتروني. ولأن عدد الكتب التي تم كتابتها إلى الآن، يُقدر بـ130 مليون كتاب تقريبًا، فإننا يمكننا بالفعل، أن نُسجل التاريخ الثقافي للبشر على شريحة واحدة فقط من هذه الشرائح.

يمكن لهذه الشرائح، أن تبقى إلى نهاية الزمن، بعدما يفنى جميع البشر. فتحت درجة حرارة عالية، تصل إلى 190 درجة مئوية، يمكن لهذه الشريحة أن تبقى كما هي، محتفظة بالبيانات لمدة 13.8 مليون سنة، وهو نفس العمر الكون من البداية حتى الآن تقريبًا.


المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى