
شباب هندسة ”الشاطرة تغزل برجل حمار!“
كتب: فريق تحرير ”نيون“
في ظل تركيز الإعلام بشكل مكثف على السيارة البرمائية الهوائية الخرافية اللي بتطير، ومع تتابع الأخبار في الفترة اللي فاتت عن اختراعات طلاب المنوفية، كانت مجموعة من شباب كلية الهندسة جامعة القاهرة بيعملوا في صمت، وبيشتغلوا على مشروع جاد وحقيقي وهو صُنع عربية تقدر تمشي أكبر مسافة بأقل استهلاك للوقود للاشتراك في مسابقة ”مارثون شِل البيئي – Shell Eco-marathon“، اللي بتشارك فيها فرق من جميع جامعات العالم.
اتشرفنا في ”نيون“ بمقابلة أربعة من أعضاء الفريق من كلية الهندسة جامعة القاهرة _كلهم قسم ميكانيكا_ علشان يحكوا لنا تجربتهم من البداية لحد الوقت الحالي وهما: ”أحمد كرم“ قائد الفريق والمسئول عن كل شيء فيما يخص الإدارة، ”أحمد حسين“ المسئول عن جسم العربية وصُنعه بألياف الكربون، وهي مادة شبيهة بالقماش، أقل من وزن الحديد بأضعاف لكن بنفس صلابته وأعلى، ”عاصم أحمد“ مسئول الديناميكا الهوائية أو Aerodynamics ، وده العلم المتخصص في دراسة القوى المؤثرة على جسم ما أثناء حركته في مقابل القوى دي (وهنا بيكون قوة الهواء في مواجهة حركة العربية) والمسئول عن تصميم هيكل العربية، وأخيرًا وليس آخرًا ”أحمد جمال“ مسئول نظام التعليق، أو بمعنى أصح يعني العفشة، بمعنى آخر هو المسئول عن التوازن والثبات في العربية في أثناء الحركة.
قبل البداية
سنة 2012، بدأت شركة ”Shell“ تبعت للجامعات الكبيرة في قارة أفريقيا إنها عايزة فرق من كلية الهندسة تشارك في المسابقة. بعتت لجامعات القاهرة والأسكندرية وعين شمس تبلغهم بالأمر، كمان بعتت لجامعة كيب تاون بجنوب أفريقيا علشان تشارك في المسابقة.
بدأت كلية الهندسة جامعة القاهرة تعلن عن اختبارات لاختيار الفريق اللي ممكن ينافس في المسابقة، اتقدم عدد كبير من الطلبة ساعتها، فبدأوا الدكاترة في ترتيب الإختبارات وتقسيمها لمراحل لإختيار الفريق المكوّن من 30 فرد فقط. الفريق نفسه منقسم إلى فرق صغيرة، كل فريق مسؤول عن تصنيع جزء في العربية، ولكل فريق صغير في قائد، بيتواصل مع قائد الفريق ككل.
لما تم اختيار الفريق، وبدأ الشغل المشاكل الفعلية بدأت تظهر..
بداية الانطلاق
أول مشكلة واجهت الفريق بعد اختياره هي إنه ماحدش منهم تقريبًا كان عنده أي معلومة عن صنع العربيات، لإن مفيش قسم “ميكانيكا سيارات” في كلية هندسة جامعة القاهرة، الفريق ما وقفش عند النقطة دي كتير، وبدأ يجيب كتب ومراجع يذاكر من خلالها طرق صناعة العربيات من الألف إلى الياء، ولما كانت بتظهر للشباب عقبة، كانوا بيروحوا لبعض من أستاذة الكلية اللي كانوا على استعداد إنهم يساعدوهم ، ويشرحوا لهم اللي هما مش فاهمينه.
تاني مشكلة وأكبر تحدي كان بيواجه فريق العمل هو نقص الإمكانيات!
خلونا نتكلم عن النقطة دي بالتفصيل وسط كلامنا عن المسابقة اللي منظماها شركة ”Shell“ العالمية، واللي بتنقسم لشقين، الأول تصنيع السيارة ”Prototype“ أو النموذج البدائي، لأن المعيار الأول والأخير اللي بيتم مراعاته في العربية دي هو الكفاءة، بمعنى إن الشكل وكيفية القيادة بداخلها والنواحي الجمالية فيها مش مهمة لكن الأهم هو تحقيق مبدأ إن العربية تمشي أكبر مسافة ممكنه بأقل استهلاك للوقود (بنزين – ديزل – كهربا – إيثانول وغيرهم).
عربية الفريق المصري الـprototype المشاركة في المسابقة في 2014
أما الشق التاني، فهو تصنيع السيارة الـ”Urban concept“، وفي أثناء تصنيعها بيتم مراعاة كل شيء، بدايةً من قدرة العربية على إنها تمشي في الشوارع العادية، مرورًا بشكل العربية الخارجي كأي سيارة تجارية، انتهاءًا بفكرة تحقيق أقل استهلاك ممكن للوقود برضه.
في 2014، اشترك الفريق المصري من كلية الهندسة جامعة القاهرة في فئة سيارة الـ Prototype. ورغم تصورنا إن التحدي هنا هيكون أسهل، إلا إن الفريق عانى من نقص الإمكانيات المطلوبة لشراء المعدات والمواد المطلوبة لصنع العربية. يعني مثلًا، من شروط المسابقة إن الفريق يصنع كل شيء بشكل ذاتي، حتى طرمبة البنزين اللي استخدموا بدلًا منها زجاجة مياه غازية.
موتور العربية ده الجزء الوحيد اللي مسموح بشرائه وتركيبه في العربية كما هو، بالإضافة للكاوتش واللي لازم يراعوا عند اختياره إنه يكون مقاوم للاحتكاك علشان يكون أسرع، ومايستهلكش طاقة ووقود أكتر، وكمان المرايات علشان دي بيتم تصنيعها بزوايا وأشكال مُعينة.
ده عن أجزاء السيارة بعينها، لكن طبعًا فيه مواد بيتم استخدامها في عملية التصنيع نفسها زي ”الكاربون فايبر“ اللي بيتم استخدامها لتصنيع جسم العربية الخارجي، واللي اضطر الفريق إنه يستوردها من إنجلترا بمبلغ كبير، لأنها مش بتتصنع في مصر غير في المصانع الحربية بس لأنها في الأساس بتستخدم لصناعة هياكل الطائرات والصواريخ، لكن لكونها أخف من الحديد بكتير فكانت الاختيار الأنسب، لأن كلما قل وزن العربية، قل استهلاكها للوقود، وده بيحقق الهدف الرئيسي للمسابقة.
الفريق بعدما قدر يوفر المواد والخامات اللازمة لبدء تصنيع العربية، قابله سؤال العربية هيتم تصنيعها فين؟ عقبة اختيار المكان أو الورشة اللي هيبدأوا الشغل فيها.
الفكرة إنه بالرغم من وجود ورش في كلية هندسة، إلا إن كان في مشكلتين بيواجههم الفريق، أولهم صِغَر مساحة الورشة الواحدة المُتاحة لكل فريق بيشتغل على مشروع مختلف.
تاني مشكلة إنه كان مش مسموح لفريق العمل إنهم يشتغلوا على الآلات أو المكن الموجودة في الورش الخاصة بكلية الهندسة لأن تشغيل الأجهزة دي كان مقتصر على بس المتخصصين اللي بيعرفوا كيفية تشغيلها ومسئولين عن ده قصاد الكلية وللأسف كانوا أغلب الوقت مش متواجدين، عشان كده كان الشباب بيشتغلوا ويصنعوا بإيديهم فيالورشة لكن الشغل المحتاج الآلات كان بيتم إنجازه في ورش الجامعة الألمانية.
جزء من عمل الفريق كان في مصنع ”قادر“ الحربي، اللي وفر لهم إمكانيات أكتر من ورش الجامعة لكونه مصنع بالأساس، وفقا لبروتوكول بين المصنع وجامعة القاهرة – كلية الهندسة أو في بعض الأوقات في ورش خراطة، وكل دة علشان يعملوا منتج محترم يقدر ينافس في المارثون.
رحلة البحث عن تمويل المشروع Fundraising:
من المشاكل اللي قابلت الفريق في بداية طريقهم كانت عدم وجود مموّل/راعي رسمي يموّل المشروع. ناهيكم ع
ن المجهود الإضافي المطلوب منهم إلى جانب دراستهم الأساسية والمشروع كمان مطلوب منهم يتعلموا تشويق وFundraising، ده غير إن أغلب الرُعاة اللي تواصل معاهم الفريق شافوا إن الموضوع مفيش فيه مكسب فقرروا عدم المشاركة، والبعض الآخر شاف إن الموضوع مش هيكون فيه دعاية كافية فطلب منهم إنهم يعملوا حفلة، ويجيبوا نجم كبير يغني، ويكون في يافطة أو Banner كبير موجود على المسرح والحفلة يكون فيها على الأقل 5000 شخص علشان يقبل إنه يرعى مشروعهم، ويكون التمويل عايد عليه بفايدة وجايب همه من الأخر. بس الفريق قدر يقنع ”الرواس“ إنه يكون الراعي ليه في 2013، ومؤسسة منصور للتنمية السنة اللي فاتت 2015.
لما سألناهم عن الدعم اللي بيتم تقديمه من جامعة القاهرة، قالوا إنه بالنسبة لهم الدعم جيد، لكنه مش على المستوى المأمول مع ذلك. ولكنهم أشادوا بدور الجامعة في تقديم التسهيلات الممكنة لإنجاز الأمور دي، أو في أوقات السفر لما يكونوا في آخر مراحل التحضير وناقص لهم مبلغ مُعين مثلًا 20 ألف جنية، فتوفر لهم الجامعة المبلغ دة علشان يقدروا يسافروا إلخ.
أعضاء فريق shell Eco Marathon – CUT مع ”رانيـــا حمود“
المدير التنفيذي بمؤسسة منصور للتنمية في كلية الهندسة
الانطلاقة الأولى في ”مانيلا“
اشتغل الفريق على المشروع بمجهود ذاتي تمامًا، فبدأوا يجمّعوا تمن المواد بنفسهم. وبالفعل قدروا يشتركوا في مسابقة ”مانيلا 2014“، اللي أقيمت في الفلبين، وقدروا يحققوا فعلًا المركز الـ8 بعد ما قطعت عربيتهم مسافة 122 كيلومتر بلتر بنزين واحد، يعني تقريبا المسافة المساوية من القاهرة للعين السخنة.
كان شئ مشرف إن الفريق قدروا يحصلوا على المركز التامن رغم إنها اول سنة ليهم في المشاركة، وكمان في ظل وجود فرق بتشارك في المسابقة من بدايتها سنة 1984، وفرق آخرى بتاخد دعم كامل، سواء من الراعي الرسمي ليها أو من الجامعة نفسها.
فريق أحد البلاد العربية المشاركة كمثال، سافر للمسابقة في “طيارة خاصة”، وكان متوفر لهم في مانيلا عربيات تنقلهم من الفندق لحد مكان المسابقة، وإن كانت كل دي رفاهيات ممكن تجاوزها، الأهم إن عدد كبير من قطع غيار العربية كان متوفر عندهم، لدرجة إنهم لو حصل أي شيء في جزء من أجزاء العربية بيغيروه فورًا، يعني من الأخر الفريق كان عنده القدرة إنه يغير العربية كلها لو حصل فيها حاجة بمنتهى البساطة!
يعني لو تخيلنا توافر كل الإمكانيات والدعم الممكن للفرق المصرية زي فريق هندسة المشارك في مسابقة ”Shell“، مش هيكون احتمال بعيد نهائي إنهم فعلًا يقدروا يفوزوا بالمركز الأول، لو مش مصدقين، تعالوا نشوف المشاركة التانية لفريق ”Shell Eco Marathon – CUT“..
الانطلاقة الثانية.. ما بعد خوض التجربة
في منتصف سنة 2014، بدأ فتح باب الالتحاق بالفريق اللي هيشارك في مسابقة 2015، ودي كانت عملية دورية بتتم كل سنة لتجديد الفريق، وضخ دماء جديدة خاصةً إن بعض من أعضاء الفريق اللي أخد المركز الـ8 في 2014 اتخرّجوا من الجامعة.
في الانطلاق الثاني، الوضع بدأ يكون أفضل شوية، من حيث الاهتمام بالمسابقة خاصةً بعد تكريم الجامعة للفريق بعد رجوعه من مانيلا، وبعد تغطية بعض الصحف لهذا التكريم، رغم إن مساحة التغطية الإعلامية كانت قليلة برضه لو تم مقارنتها بتغطية أخبار الطلبة المخترعين من المنوفية أو الوحش المصري اللي صاحبه ولع فيه مؤخرًا!
المرة دي تمت اختبارات تقديم الأعضاء الجدد أجراها الفريق القديم، جدير بالذكر إن الأعضاء القدامى بيساعدوا الطلبة الجدد بخبراتهم السابقة، ومن التجربة اللي خاضوها قبلهم وملاحظاتهم اللي سجلوها عن الفرق الآخرى المشاركة في المارثون، زي مثلًا اللي استفادوه من الفريق الكوري الجنوبي عن قيمة العمل الجماعي والوقت، ودول أكتر حاجتين إحنا للأسف متأخرين فيهم، ودة من وجهة نظر أعضاء الفريق جميعًا سبب كتير من المشاكل اللي إحنا فيها حاليًا، واللي بتؤثر بشكل كبير على أي محاولة للتقدم العلمي أو الصناعي.
كمان الفريق استفاد من فكرة إن يكون للمشروع تقرير عن كل سنة فيه الإيجابيات والأهم السلبيات أو الاخطاء اللي وقع فيها الفريق في السنة دي، عشان الفريق الجديد يقدر يتجنب الوقوع في نفس الأخطاء، ويستفيد بتجربة اللي قبله توفيرًا لحاجات كتير جدًا زي الوقت والمجهود والتكاليف حتى، ورغم أهمية وبديهية الفكرة الخاصة بالـreports لما تسمعها إلا أنها تقريبا ماكنتش موجودة عندنا وشبه مستحدثة.
عن العقبات؛ الأهل: مذاكرتك أولًا.. خلينا نبدأ بصعوبة المسابقة نفسها بمراحلها المختلفة، من ناحية التحضير، واللي بتتطلبه من وقت ومجهود ضخم، ودة كان مخلي بعض الأهالي خايفين على مستقبل أولادهم من ناحية النجاح الجامعي في دراستهم العادية، وخوفهم إن المشروع ياخد وقتهم بالكامل. بالرغم من إنهم كانوا بيشتغلوا على المشروع من الساعة 5 للساعة 12 بليل، زائد أيام الخميس والجمعة، ده غير طبعًا الأيام اللي بتكون قبل التقدم للمسابقة، واللي بيضطروا يبقوا مقيمين 24 ساعة بسببها في الجامعة، إلا أنهم قدروا يوفّقوا بين وقت المشروع ووقت المذاكرة، وبالفعل نجحوا في امتحاناتهم، ومش بس نجاح، لا دة فيهم اللي تفوّق وحجز مكان في العشرة الأوائل على الكلية.
“عارفين العربية اللي محلب ماعرفش يخرج منها؟ دي عربيتنا”
في الفترة دي، قدر الفريق يعمل عربيتين، منهم عربية ”أنوبيس 1“ واللي كانت وش السعد عليهم، بس مش وش السعد أوي، لسبب بسيط، هو إن العربية دي اللي دخلها رئيس الوزراء السابق ”إبراهيم محلب“ وماعرفش يخرج منها.
القصة دي جات إزاي؟ كان في احتفال بجامعة القاهرة بمناسبة عيد العلم وبحضور المهندس إبراهيم محلب. فكر الفريق في استغلال الموقف، وتمكنوا من عرض مشاريعهم هم وفرق تانية في بهو مبنى القبة حيث الاحتفال. في أثناء مروره ألقى إبراهيم محلب رئيس الوزراء حينها نظرة على السيارة، مش بس كده كمان قرر إبراهيم محلب خوض التجربة بنفسه، وفتح الباب ودخل العربية. قبل ما يلحق أعضاء الفريق يحذروه من إن أبعاد العربية مخصصة لحجم السائق، كان رئيس الوزراء السابق أصبح بداخل العربية خلاص، وقضي الأمر.
تم التقاط صور ساعتها للي حصل، وانتشرت بشكل كبير جدًا على مواقع التواصل الإجتماعي، واتعمل منها أعداد من الكوميكس رهيبة. ساعتها بقى، بدأ الإعلام يلتفت للموضوع، ويركز عليه بشكل موسّع، واتفرد له مساحة في البرامج والصحف.
أما رد فعل الفريق على الموضوع كان له توجهات تانية، وإزاي كان ممكن يفيدهم فعلًا، لدرجة إن ”أحمد كرم“، قائد الفريق، قال وهو بيضحك: ”عدد اللايكات على بعض الكوميكس وصل لحوالي 9 مليون لايك، يعني لو كل واحد في الـ9 مليون دول إدانا ربع جنية كان هيبقى عندنا دعم كافي جدًا للمسابقة“.
صعوبات المسابقة والتغلب عليها.. حيث الفنيات
من أكتر العقبات صعوبة اللي واجهت الفريق الحالي _والفريق السابق_ هي مرحلة اختبارات الآمان اللي بتتم على العربية قبل ما يتم نزولها لساحة السباق. الاختبارات دي بتكون صعبة جدًا، وبتصفي عدد كبير من الفرق اللي بتتقدم للمسابقة. ومش بس كده، ده كمان قبل ما يتم التقديم للمسابقة لازم الفريق اللي عايز يشترك يبعت لهم توثيق بالخطوات اللي تمت بالظبط، علشان يتأكدوا إنك عامل كل شيء في العربية بنفسك.
لكن الفريق شايف إن كل الصعوبات دي بتزودهم في الخبرة. بحسب الطالب ”أحمد حسين“، فموضوع عمل كل شيء بنفسك دة بيديك خبرة مش بس في تنظيم وقتك ومجهودك لا، كمان بيديك خبرة في التعامل مع كل المسئولين عن الصناعة دي _صناعة السيارات_ من أول رؤساء الشركات مرورًا بدكاترة الجامعة، لحد البياعين اللي في السبتيّة وعمال الورش.
أما عن المسابقة نفسها، فالمسابقة _بحسب وصف أحمد كرم_ بتهتم بالكفاءة أكتر من السرعة، بمعنى إيه؟ إنها بتهتم تشوف كفاءة العربية في استهلاك كمية الوقود، وأقل عربية بتستهلك وقود وتمشي أكبر مسافة هي اللي بتفوز. بيتم قياس الموضوع دة إزاي؟ المسابقة عبارة عن 5 جولات، كل جولة 10 لفات بما يعادل 12 كيلو، في أول جولة بيدوا لك 250 ملّي وقود، وبعد ما تلف الـ10 لفات، يقيسوا الوقود المتبقي معاك، وأقل عربية استهلاكًا للوقود هي اللي بتفوز. بس السرعة برضه مهمة، لأنهم بيدوا لك وقت أقصى (25 دقيقة) تخلص فيهم الجولة.
تطوير العربية كمان ساعد الفريق في تخطي عقبات كتير. التطوير ده كان في تركيب أجزاء زي الكاوتش المقاوم للاحتكاك، واللي بالمناسبة شركة ”ميشلان” بتصرف عليه مبلغ ضخم جدًا، رغم إنه مابيعودش عليها بأي رِبح مادي مباشر.
كمان عدّلوا أجزاء في الموتور زي الـ Drive cycle، ودي مجموعة من البيانات مسئولة مثلًا عن تنظيم سرعة العربية بالنسبة للطريق، يعني لو العربية ماشية على مُنحنى مثلًا، يبدأ الموتور يبطّل، والعربية تتحرك بقوة القصور الذاتي (Inertia) أو في المنحنيات العُليا مثلًا يبدأ الموتور يبذل طاقة أكبر علشان تقدر العربية تتخطى المنحنى ده، وبكده تقدر العربية تحافظ على أكبر قدر ممكن من الوقود.
حصل الفريق على المركز الرابع بعربية ”أنوبيس 1“ في فئة الـ Urban concept أو سيارات الضاحية، في مسابقة مانيلا 2015، بعد ما قطعت العربية مسافة 57 كيلومتر بأقل استهلاك للوقود. وكان الفرق بينهم وبين الفريق الباكستاني اللي أخد المركز التالت في المسابقة هو كيلومتر واحد بس.
وبكده، بدأت مرحلة جديدة في حياة الفريق..
”أنوبيس2“ والتحدي الجديد..
في الوقت الحالي، بيستعد الفريق للمشاركة في مسابقة 2016، بعربية ”أنوبيس 2“ الموفرة للوقود، واللي في اتجاه عالمي حاليًا لتصنيع المزيد منها، نظرًا لكارثة تغيُر المناخ واللي هتجبر الجميع على الحفاظ على الموارد الطبيعية قدر الإمكان. جدير بالذكر إن الفريق قدر يوقع عقد رعاية مع “مؤسسة منصور للتنمية” ودة هيديهم دفعة قوية لتحقيق مركز متقدم في المسابقة الجاية.
سيارة ”أنوبيس 2“ التي يشارك بها فريق هندسة جامعة القاهرة في مسابقى Shell لهذا العام 2016
سباق بلا نهاية
سألنا أعضاء الفريق اللي شرّفونا عن أحلامهم والمستقبل اللي بيتمنوه ممكن يكون شكله إيه بالنسبة لهم؟ كل واحد فيهم كان له حلم مختلف:
– أحمد كرم، قائد الفريق، قال إنه نفسه يكمل الطريق للآخر، بمعنى إن يكون للعربية خط إنتاج، هتكون تكاليف تصنيعها أقل من تكلفة تصنيع العربية اللي داخلين بيها المسابقة مخصوص اللي بلغت 45 ألف جنيه، وبكده هيكون عندنا عربية في السوق مُصنّعة بالكامل في مصر زي تونس وغانا وغيرهم. بس المشكلة إن آليات السوق بتفرض إن العربية تنزل بسعر مُعين علشان مايبقاش في فرق أسعاد كبير بينها وبين العربيات التانية.
– أما أحمد حسين، المسئول عن خامة تصنيع العربية من ألياف الكربون، فقال إنه هيكمل في مجال ألياف الكربون واللي بالفعل بدأ يكون له سوق في مصر عن طريق أحد المشاركين السابقين في الفريق، وهو خريج حديث من كلية الهندسة، واشتغل في المجال ده وحقق نجاحات بالفعل. استخدام آلياف الكربون أصبح شيء مش غريب على مصانع السيارات الكبرى حاليًا لأن الآلياف أخف بكتير من الحديد أو الصاج، وكمان أكثر قدرة على تحمل الصدمات عن طريق توجيه الألياف لاتجاه محدد، بمعنى إنه لو في احتمالية كبيرة إن العربية تتخبط خبطة في الجزء الأمامي فبتركّب الألياف بشكل مُعيّن في الاتجاه الأمامي بحيث تمتص الصدمة.
– لكن عاصم أحمد، المسئول عن تصمم هيكل العربية، قرر إنه يكمل في مجال الديناميكا الهوائية والتصميم، كمان، لما اتسأل عن امكانية تركيب الأجزاء دي (آلياف الكربون والعجل المقاوم للاحتكاك) في العربيات اللي موجودة في السوق حاليًا، قال إنه الموضوع دة بيحصل فعلًا وبيكسب جدًا.
-أما أحمد جمال، مسئول نظام التعليق أو العفشة بلغتنا الدارجة ، كان له رأيين بالنسبة للمستقبل، الأول: إنه يعلى بمصر في مجال السيارات عمومًا، سواء في التصميم (اللي مش موجود في التوكيلات اللي هنا أساسًا) أو في المجالات الأخرى، والتاني: إنه في حالة لو مانجحش ده، فهيشتغل على إنه يعلى بنفسه بره مصر من خلال الدراسة والتدريب والشغل.
يعني بالرغم من نقص الامكانيات، وقلة الدعم اللي بيتقدم للمشاريع والأبحاث العلمية، إلا إن في شباب قدروا فعلًا يحققوا إنجاز عظيم، لينطبق عليهم مثلنا الشعبي اللي بيقول “الشاطرة تغزل برجل حمار” فعليًا. الفكرة إن الشباب دول وصلوا بالفعل لخبرة كبيرة في وقت قليل، اتعلموا كمان قيمة إن الناس تتعلّم من أخطاء اللي قبلهم. الناس دي بتدينا أمل إن فيه ناس عندها استعداد تعمل حاجة بأقل الإمكانيات، وإن عندنا كوادر في البلد تقدر تصنع تغيير حقيقي فقط لو أتيحت لها الفرصة!
فريق تحرير “نيـون” مع بعض أعضاء فريق Shell Eco Marathon – CUT