.
النشرة

دراسة: الفيروسات تطورت لتكون أكثر فتكًا بالرجال عنها بالنساء

كتبت: مها طـه

أحد أكثر الألغاز المحيرة في مجال العلوم الطبية، هو سبب ظهور بعض الأمراض المعدية التي تتسبب في الوفاة بأعراض أكثر شدة في الرجال مما هي عليه في النساء، مثلًا، الرجال المصابون بالسل عرضة للموت أكثر من النساء بمرة ونصف، وأكثر عرضة للإصابة بالسرطان عند الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري HPV.

حاليًا توصل العلماء لإجابة محتملة لهذا السؤال، حيث يعتقد العلماء أن أجساد النساء تُمثل بيئة أفضل للفيروسات، وهو ما يجعل مسببات الأمراض تتطور لتبقي على النساء أكثر عمرًا من الرجال، بمعنى أن الفيروسات تتطلع من خلال تطورها إلى الحفاظ على حياة الإناث في مقابل الرجال.

قال ”فرانسيسكو أوبيدا“، أحد أعضاء فريق البحث، من جامعة رويال هولواي في لندن، أن السبب في هذه الأمراض أقل ضراوة في المرآة حيث أن الفيروس يعتبر وجوده في جسم الأنثى فرصة لانتقاله منها إلى أطفالها، إما عن طريق الرضاعة الطبيعية أو من خلال الولادة.

الفيروسات ومسببات الأمراض هدفها الأساسي هو أن تتكاثر وتنتشر من العائل إلى المستقبل، لا أن تصيب العائل بالمرض، وعلى الرغم من أن المرض هو أحد الآثار الجانبية السيئة للإصابة بالعدوى إلا أن الفيروس نفسه يعتبر المرض من الأمور السيئة، حيث يمكن أن يتسبب في وفاة المريض وبالتالي توقف دورة حياة الفيروس نفسه.

حينما يُصيب الفيروس أنثى، فإنه يعرف جيدًا أنه في البيئة المناسبة للانتشار من شخص لآخر، حيث تتصل الأنثى أكثر مع العديد من الأشخاص، وخاصةً أطفالها، من خلال الحمل والرضاعة أ حتى الاحتكاك المباشر، بينما الرجل لا يمكن أن ينقل الفيرس إلا من خلال التعامل المباشر فقط، ولذلك تختار الفيروسات الناس أكثر من الرجال، ولا تتطور بالشكل الكافي داخل أجسامهم ما يتسبب في وفاتهم أكثر.

قرر ”أوبيدا“ وفريقه، التعرف على مسببات تفضيل الفيروسات للنساء عن الرجال من خلال النظر في استراتيجية الفيروس وليس استجابة المريض، وبدلًا من التركيز على اختلافات الجهاز المناعي للذكور والإناث، وكيف يمكن لهذا أن يؤثر في شكل الأعراض التي تصيب المريض.

قام الباحثون بعمل نموذج رياضي لمحاكاة انتقال مسببات الأمراض بين الرجال والنساء، وهو المنظور الأفضل لمعرفة الاستراتيجية التي يتبعها الفيروس في تفضيلاته، وكان الفيروس المختار من قبل الباحثون هو HTLV-1 والموجود في اليابان ومنطقة الكاريبي وغرب أفريقيا.

أظرت النتائج أن فيروس HTLV-1، كانت احتمالية تسببه في الإصابة بسرطان الدم في اليابان أكثر بـ3.5 مرات في الرجال عنه في النساء، في حين أنه يظهر تساوي في نسب الإصابة بين الرجال النساء في منطقة الكاريبي.

وبالنظر للفيروس اتضح أنه ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، أو من الأم إلى الطفل من خلال الرضاعة، وكان هذا هو السبب لتفسير تباين النسب بين نساء الكاريبي ونساء اليابان، حيث أن النساء اليابانيات يرضعن أطفالهن طبيعيًا ولفترى أطول مقارنةً بنساء الكاريبي، وهو ما يعتبره الفيروس فرصة أكبر لتتكاثر والانتقال من الأم للأطفال.

هناك الكثير من الأمثلة التي تدعم هذه الفرضية، ولكن تبقى سؤال واحد، وهو كيف يتعرف الفيروس على جسم العائل، وهل هو إمرأة أم رجل؟، وهو ما يُمكن أن تكون إجابته هي الاختلافات الهرمونية والكيميائية التي تميز الرجال عن النساء والتي يمكن للفيروسات التعرف عليها، ولكن إثبات هذا الأمر أو نفيه يعود للباحثين فقط.

المصادر: nature  newscientist  sciencealert

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى