.
نوّرها

”الزهراوي“ عبقري الطب وأبو الجراحة الحديثة

كتب: أحمد حسين

في مدينة قُرطبة بالأندلس في القرن التاسع تقريبًا، كان في عملية ولادة مُتعسرة، الوضع صعب وخطير على الأم والجنين. رفعت الأم راسها وسألت الطبيب بصوت مُنهك: ”الطفل ده هيعيش؟“، فطمّنها بإنه قال لها إن الطفل هيعيش، الموضوع كان مُطمئن على نحو ما ليها، على الرغم من إنها ماسألتش هي نفسها هتعيش ولا لأ، لكن الإجابة بإن الطفل هيعيش أثلجت صدرها بشكلٍ ما.

بعد قليل، استخدم الطبيب شيء أشبه بالخُطّاف أو آلة خلع الأسنان بس كبيرة شوية، الشيء ده اسمه ”الكليب“، واستخدامه أنقذ الطفل، اللي أول ما شافته أمه، ابتسمت ابتسامة واسعة جدًا وأخدته في حُضنها، وراحت في نوم عميق. الوضع كان خطير والموت بالفعل كان قريب وبيهدد ان الأم والجنين يروحوا، لكن طبيبنا اللي بنتكلم عنه تعامل مع الأمر بذكاء شديد.،  وهو ”أبو القاسم الزهراوي“ عبقري الطب وأبو الجراحة الحديثة.

اتولد الزهراوي ونشأ في قُرطبة سنة 936 ميلاديًا، ودرس الطب وبرع فيه بشكل غير عادي، لدرجة إن المؤرّخ والطبيب ”جوستاف لوبون“ قال إنه أشهر جراحي العرب على الإطلاق، واختراعاته هي اللي بنستخدمها في الطب لحد دلوقتي. الزهراوي تقريبًا يعتبر هو اللي اخترع كل أدوات الجراحة الحديثة، زي المشرط مثلًا والمقص والخُطّاف والكليب وخيوط الجراحة، ودي لوحدها ليها قصة لطيفة.

الزهراوي عمل خيوط الجراحة الداخلية كمان، تفتكروا عملها من إيه؟ من أمعاء القطط، أيوة أمعاء القطط، والسبب في ده إن الخيوط دي أولًا الجسم بيتقبّلها عادي فمش هتعمل أي التهابات ولا مضاعفات، زائد إن الخيوط دي الجسم قادر على هضمها وإخراجها، بمعنى إنها هتدوب بعد ما تؤدي الغرض وبعد التئام الجرح. ده غير إن الزهراوي كان بيستخدم معالق خاصة كده علشان يفحص اللسان والحنجرة، ودي النسخة الأولى من البتاعة الخشب اللي كلنا ماكناش بنحبها لما بنروح لدكتور الأنف والأذن والحنجرة.

برع الزهراوي في علاج الأمراض بالكيّ، وده شيء ماكانش مشهور أوي وقتها، ده غير إنه تقريبًا أبرع أهل زمنه في تخصص التوليد، وكان بيعمل في الوقت ده عمليات ولادة قيصرية ودي حاجة ماكنتش منتشرة برضه ولا بيتحقق فيها عنصر الأمان في الأغلب، ده غير إنه قدر يعرف حالة اسمها ”الحمل خارج الرحم“، ودي حالة طبية شبه نادرة، بتحصل نتيجة وجود بويضة مُخصّبة في قناة فالوب بدل الرحم، والحالة دي يصعب التعامل معاها لأنها حالة خاصة جدًا، لكنه فعلًا كان عبقري لدرجة إنه كان بيقدر يتعامل معاها.

ممكن نقول كمان، إن هو أول من استخدم القسطرة، وعمل علميات تفتيت حصوة الكلى، عن طريق إدخال أنبوب حديدي كده من فتحة/قناة الإحليل (قناة إخراج البول أو المجرى البولي)، وبكده عوّض عن فكرة فتح الجسم بأي شكل زي ما كان الرازي أو ابن سينا بيعملوا مثلًا. كمان الزهراوي كان بيعمل عمليات خلع الأسنان وتركيب أطقم اسنان مصنوعة من العظم، ويقال عنه برضه حاجتين، أولًا إنه كان بيستخدم البنج الموضعي والفموي في العمليات كلها ودي حاجة أكيدة، الحاجة التانية هي إنه كان من أوائل الأطباء اللي بدأوا فكرة تعقيم الأدوات عن طريق الكحول، ودي الحاجة اللي مش أكيدة أوي.

عظمة الزهراوي دي اتسجلت في موسوعة من تأليفة قيل عنها إنها من أعظم ما كُتب في الطب على مر الزمن، الموسوعة دي اسمها ”التصريف لمن عجز عن التأليف“، وهي مكونة من 30 مجلد كبير، واتكتبت سنة 1000 ميلاديًا، وضع فيها الزهراوي كل خبرته بالطب والجراحة والأدوات اللي كان بيستخدمها (واللي وصلت تقريبًا لـ 200 أداة). فضلت الموسوعة دي مرجع لسنوات طويلة بل لقرون طويلة في أوروبا وباقي بلاد العالم وكانت بتدُرّس في جميع جامعات الطب في العالم.

توفى الزهراوي لكنة ترك أثر عظيم ساعد الناس لقرون، وده الشيء اللي بيطلبه كل شخص موهوب وعبقري في مجالة.


المصادر:

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى