.
نوّرها

الدنف.. الضربة القاضية

كتبت: يارا كمال

المرض بيهد. ده مش كلام مجازي على فكرة. الأمراض المزمنة  والسرطانات مش بس بتسبب المضاعفات اللي المعروف عنها إنها بتسببها، لأ دي كمان بتهد الجسم كله، ومن ضمن الأمراض دي مرض اسمه غريب شوية وهو مرض ”الدنف“.

فيه مرض اسمه ”الدنف“ أو (Cachexia) وده عبارة عن اضطراب في التمثيل الغذائي، واللي هو العمليات الكيميائية اللي بتحصل جوه الجسم عشان يستفيد من المواد الغذائية اللي في الأكل.

الدنف بيؤدي لفقدان 5% من وزن الجسم أو أكتر خلال 12 شهر، وضعف في قوة العضلات. ضعف مش طبيعي، فيه واحد كان بيحكي إنه عشان يأكّل مراته اللى السرطان انتشر في جسمها كان بيضطر يمسك أنفها ويدخل المعلقة في بوءها، يعني حتى الأنشطة الروتينية بتكون صعبة.

 المشكلة إن المرض ده مالوش علاج لحد دلوقتي، وفكرة إننا نزوّد أكل للمريض بإنه ياكل زيادة حاجات فيها سعرات حرارية، ده مش هيعمل أي حاجة.

الدنفأحد المصابين بمرض الدنف

فيه 9 مليون إنسان حول العالم مصابين بالمرض ده، منهم حوالي 80% مصابين بالسرطان في مراحل متأخرة، 16- 42% مصابين بقصور في القلب، 30% من المصابين بالانسداد الرئوي المزمن، وحتى 60% من المصابين بأمراض الكلى.

المرض ده اكتشفوه من قبل الميلاد، بس ماتحطلوش تعريف رسمي لحد سنة 2006. المشكلة إن العلماء لسنين طويلة كانوا مركزين على الأمراض اللي بتسبب المرض ده زي السرطان، بس دلوقتي بقى فيه تجارب عشان نلاقي علاجات للمرض ده.

في العشر سنين اللي فاتوا، بدأ الباحثين يشتغلوا على أسباب الدنف. لقوا إنه سببه انهيار البروتين اللي بيكوّن العضلات، ده غير إن تمثيل البروتين بيكون ضعيف. فيه دراسات اتعملت في سنة 2001 عملت نقلة كبيرة في فهم المرض. في الدراسات دي، قدروا يحددوا إن فيه جينات بتبقى نشطة أكتر في العضلات اللي فيها ضمور أكتر من العضلات العادية.

الجينات دي بتخلي إنزيمات اسمها (E3 ubiquitin ligases) تتفرز وده بيؤدي لضمور العضلات، واكتشفوا إن الفيران اللي معندهاش الإنزيمات دي بتقدر تقاوم ضمور العضلات. الفكرة إن خلايا العضلات بتفرز الإنزيمات دي أكتر لما بتجيلها إشارات بتدل على التهاب بسبب ورم سرطاني أو خلايا المناعة اللي بتهاجم السرطان.

فيه جهود اعتمدت على جين اسمه ”مايوستاتين“، وده مسئول عن إنه يمنع العضلات تكبر زيادة عن اللزوم، ففيه باحثين اعتمدوا على إنهم يمنعوا الإشارات اللي جاية من الجين ده وبالتالي ده يقل فقدان العضلات، وده بيكون من خلال عقار.

بس المشكلة إن الدنف مش مجرد مرض بيصيب العضلات، ده كمان بيأثر على تنظيم المخ للشهية وللتغذية، ويمكن كمان الكبد بيشارك في عدم توازن الطاقة في الجسم، لدرجة إن الجسم ممكن يحرق الأنسجة بتاعته عشان يقدر يعيش.

في 2011، طلعوا علاج بيعتمد على مادة اسمها (Enobosarm)، بتعمل نفس فكرة هرمون التيستوستيرون (هرمون الذكورة)، في إنها بتحفّز العضلات إنها تكبر، وفعلًا بدأوا يجربوا ده على الناس وزوّد كتلة جسمهم وحسّن وظايفه، وكمان اتقاس تأثيره بسرعة طلوعهم على السلالم، بس لما جربوه على ناس عندهم سرطان رئة في مراحل متأخرة، الفوايد بتاعته دي مبقتش موجودة.

الشركة اللي كانت عاملة الدوا ده بطّلت تشتغل على ضمور العضلات، واستخدمت جرعات أكبر من الـ(Enobosarm) لعلاج سرطان الثدي.

فيه دراستين لسه ماتنشروش اتعملوا على الناس اللي عندهم دنف وسرطان رئة. فيه الدراستين دول اختبروا مادة اسمها (Anamorelin) بتقلّد هرمون اسمه الجريلين، محفّز للشهية. المفروض إن وكالة الأدوية الأوروبية بتدرس الدوا ده عشان توافق عليه أو لأ، بس التجارب اللي اتعملت على ناس استخدموا معاهم الدوا ده لما قارنوهم بمجموعة ناس تانية أخدوا دوا وهمي، بتقول إن قوة قبضة الإيد ماختلفتش.

على العموم فيه مشكلتين بتواجه الدراسات اللي عن علاج المرض ده: أولًا، ازاي نقيسه على الناس اللي بنجرب عليهم الدوا، يعني مثلًا فكرة إن الناس لما تطلع السلم أسرع ده مش دليل كافي، لإن هيفرق إيه لو طلع بسرعة أزيد ثانية؟ ثانيًا، المعلومات اللي بنوصلها من خلال التجارب على الحيوان مش بالضرورة نقدر نطبقها على الإنسان. وعشان كدة تجميع عينات من دم وعضلات المرضى، ودراستها في حد ذاته شئ كويس.


المصادر: scientificamerican  nih.gov  National Cancer Institute

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى