.
ليه وإزاي؟

ليه بنفتكر حاجات ماحصلتش أصلًا؟

كتبت: مها طه

حاجات غريبة ممكن تحصل لنا فى ذاكرتنا لما نتشارك نفس الذكرى مع ناس تانيين، زى مثلًا لما حد يبقى معاك فى حدث معين و يفتكره بطريقة مختلفة، فتبدأ إنت كمان تفتكر نفس اللى هو بيقوله وكأنه حصل فعلًا، اللى بيحصل ده كأنه حالة من المشاركة الجماعية فى الذكريات، وكأننا بنخلق عقل جمعى اللي هيكون أكثر تعقيدًا بالتأكيد من ذاكرة كل فرد على حده.

صحفى فى ”Hope&Fears“ قرر إنه يسأل مجموعة من الخبراء هل فعلًا الكلام ده حقيقة؟  السؤال بدأ يتم طرحه بجدية بناءًا على تأكيد دونالد ترامب _المرشح الرئاسي فى أمريكا_ واللى قال إنه آلاف المسلمين خرجوا يهتفوا فى شوارع نيوجيرسى بعد 11 سبتمبر، والغريب إنه واحد من كل 3 من الجمهوريين _حزب دونالد ترامب_ بدأو يحكوا نفس الرواية دى وكأنهم عاشوها!

استعان ”ستيفن سيسى“، الأستاذ بجامعة كورنيل، بدراسة اتعملت سنة 1954 على مجموعة من لاعبى الراجبى من فريقين مختلفين لعبوا مبارة مع بعضهم، الغريب إن كل فريق قال إن الفريق التانى كان عنيف فى لعبه أكتر! نفس الشئ لما يسألوا طفل تعرض للتحرش الجنسي، فيلاقوه بيحكي تجارب أطفال تانيين تعرضوا لنفس الشئ، وغالبًا ده بيكون نتيجة للضغط المجتمعى عليه عشان مايحكيش تجربته.

فى بعض الدراسات بتثبت إن الناس ممكن تتكون عندها ذكريات مشوهة عن أحداث عامة، زي الدراسة اللى اتعملت على مجموعة من الأمريكان والألمان والأستراليين واللي فيها لقوا إن الأمريكان بيعتقدوا فى وجود أسلحة دمار شامل فى العراق أكتر بكتير من الباقيين، والحالة دى مش بس ممكن تحصل مع مجموعة من البشر لكن ممكن تحصل على مستوى شخصين بس. لو إنت وشخص تانى مثلًا حضرتوا نفس الحدث، وبعده بدأتوا تتناقشوا فيه مع بعض فغالبًا ذاكرتكم هتخزن اللي كل واحد فيكم قاله، وتبدأوا تحكوه وكأن كل كل واحد منكم شاف اللي اتحكى له.

ساعتها إنت مش هتكون بتكدب، لإن إنت فعلًا هتكون مصدق وبتحكى اللى الشخص التاني شافه وحكى لك عليه، وإنت مؤمن إنك إنت اللى شوفته_ والحالة دي فى الأدب بتتسمى ”مطابقة الذاكرة“، والغريب إن الذاكرة دى بتكون قوية جدًا وموثقة وممكن استحضارها فى اى وقت.

أوقات كتير إحنا نفسنا ممكن نكدب كدبة ونصدقها جدًا، ونحكيها كتير لحد ما تتحول لجزء من ذاكرتنا الحقيقةـ وننسى تمامًا إنها كدبة. غالبًا العقل بيخزن الذكريات دي عشان نرضي نفسنا، ونحس إننا أحسن أو نحقق منها مصلحة شخصية أو حتى نصلح بيها علاقتنا باللى حوالينا.

الغريب إنه حتى لو حد صحح لك المعلومة أو الذكرى الغلط دي، إنت هتدافع عن ذكرياتك_المزيفة_ وتتمسك بيها إنها الحقيقة، وده السلوك اللى فسره عالم النفس ”ويليام هيرست“ بإن الذاكرة أشبه بمُخطط ثابت، فلو فى شئ تم تخزينه وهو مناسب تمامًا لنفسية الشخص، هيبدأ يرفض أى حقيقة غيره مهما كانت قوتها، ولأنه مش من السهل  إعادة النظر فى ذكرياتنا وتغييرها بعد ما إتشكلت بالشكل ده لسنين طويلة.

لو إنتوا شخصين وواحد قرر يقول الحقيقة وبشكل قوى، ممكن إن التانى يبدأ يفتكر الحقيقة ويحاول ترتيب ذاكرته تاني، أما فى المجموعات فالموضوع أصعب بكتير لأن الذاكرة هنا ذاكرة جمعية متكونة من أكتر من شخصين، وبالتالي بتكون قوية و التأثير فيها أو محاولة تعديلها بتكون صعبة جدًا.

فعليًا إحنا لما بنتكلم مع غيرنا عشان نثبت أو ننفى شئ معين، فإحنا بنتشارك ذاكرتنا معاهم، وبنبدأ نكون ذكريات جديدة ممكن تكون مش حقيقية أو جزء منها حقيقى والباقى لا، وعشان كدة اوعى تصدق أى حاجة بتسمعها أو تفتكرها مثلًا.


المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى