اضطراب الشخصية الهستيرية: ”أيوة أنا عندي نفس المشكلة دي“
كتب: أحمد حسين
زمان، كنت أسمع عن واحد قريبنا كانوا بيقولوا إنه ”موسوس“ أوي، يعني لو حس إن بطنه وجعاه يبقى يا إما اتسمم يا إما لازم يعمل عملية الزايدة، والموضوع بيكون لا يتعدى يعني المغص العادي اللي بيجي بعد أكلة تقيلة مش أكتر. وسمعت برضه إن عبد الوهاب (المطرب والملحن) كان بيخاف من كل حاجة تقريبًا، بس دول ممكن نقول عليهم نماذج لناس بيعانوا من الوسواس سواء قهري أو مش قهري.
اضطراب الشخصية الهستيرية واللي فيك ييجي فيّا!
في مجموعة تانية من البشر بقى، كل ما بيشوفوا أي أعراض لأي مرض يبدأوا يقولوا إن عندهم المرض ده، لدرجة إن في ناس منهم تقريبًا بيدعوا إن عندهم المرض وعكسه في نفس ذات الوقت، وبيحاولوا يسوّقوا لنفسهم على السوشيال ميديا ومواقع التواصل على إنهم مرضى نفسيين بقى وعندهم كل الأعراض دي، وللأسف ساعات بيكون التسويق ده مش من ناحية الأمراض النفسية بس.
من فترة، ظهر حساب لشخص ما مجهول على الفيس بوك، بيقول إن عنده سرطان، وكان بيدخل على إحدى مجموعات الدعم ضد المرض وكان من الشخصيات النشِطة والفعّالة. كان دايما يقعد يطلب من الآخرين إنهم يدعوا له وهو بيحارب السرطان وحاجات كده، وفجأة عمل إنه مات تقريبًا أو حاجة زي كده.
بعد تعاطف عظيم، الناس اكتشفوا في النهاية إن الحساب مزيف مش حقيقي، والشخص ده كان داخل يقول كده، علشان يكسب تعاطف البشر مش أكتر، زيه زي اللي كل ما يشوف أعراض مرض يقول ”أيوة أنا عندي نفس المشكلة دي“، وعرفت إن ساعتها إن الحالة دي بيُطلق عليها ”اضطراب الشخصية الهستيرية – Histrionic personality disorder“.
المصطلح ده مشهور بيننا باسم تاني وهو الـ(دراما كوين)، أو الشخصية اللي ببتميل للدراما وتهويل كل شيء. المصطلح ده مش بعيد عن معنى المصطلح الأصلي، لأن كلمة (Histrionic) معناها دراما أو مسرحي، يعني الشخص ده بيميل دايمًا للتهويل لأن المسرح في الأساس جزء منه التهويل وتضخيم الحدث للمشاهدين علشان يتعاطفوا مع الشخصيات. الاضطراب ده منتشر أكتر في الستات عن الرجالة، وبيبدأ في الأغلب من الطفولة أو من بداية سن الشباب.
اضطراب الشخصية الهستيرية بيختلف عما يصيب الأشخاص اللي اتكلمت عنهم في أول المقال، اللي بيهولوا الأعراض لأمراض كبيرة، أو بيتوهموا أمراض مش عندهم، وده بيطلقوا عليه ”اضطراب القلق المرضي – illness anxiety disorder“. مشكلة المرض ده، إن المصاب بيه بيكون مشغول بكونه مصاب فعلًا، وده شيء مُعطل للحياة، لأنه بيلغي كل شيء تاني في حياته، وبيبدأ يركز في إصابته بالمرض اللي مش عنده من الأساس.
أعراض الدرما الكوين أو اضطراب الشخصية الهيستيرية
نرجع بقى لكلامنا عن اضطراب الشخصية الهستيرية أو الدرامية. الاضطراب ده زيه زي أي مرض له أعراض _طبيعي يعني_ زي:
- المصاب بيه بيكون مش مرتاح إلا لو كان هو محور الحدث، ومش محور الحدث بس لأ محور الكون.
- ممكن _لو ست_ تلبس لبس ”استفزازي“ أو يعني فاضح شوية وتعمل سلوك غير لائق علشان تلفت الانتباه.
- المصاب برضه بيتصرف مع كل شيء بشكل درامي وأداء شديد الأفورة زي ما يكون بيأدي قدام جمهور، يعني كل تصرف بيعمله غالبًا بيكون مُبالغ فيه.
- بيهتم جدًا جدًا بمظهره قدام الناس، وخصوصًا المظهر المادي (الشكلي يعني).
- غالبًا بيتأثر بالناس بسهولة، وبشكل مبالغ فيه برضه.
- مفرط الحساسية للنقد أو الرفض.
- مابيفكرش قبل ما يتصرف وبياخد قرارات متهورة.
- على الرغم من تأثره بالناس، إلا إنه مابيلتفتش لغيره ولا بيتعاطف مع حد غير نفسه.. باختصار أناني يعني.
- ممكن ساعات يميل للابتزاز العاطفي والتهديدات بالانتحار علشان يحذب تعاطف البشر.
أسباب الاصابة بالاضطراب ده غير معروفة بشكل دقيق لحد دلوقتي، لكن العوامل الوراثية بيكون ليها يد في الموضوع. يعني لو حد من العيلة مصاب بيه، ممكن نتقل لحد من الأبناء أو أبناء الأبناء. زائد إن الإهمال الكامل لطفل ممكن يخلي مرض زي ده يطوّر عنده، وساعتها بتبقى هي دي طريقته الوحيدة في الحصول على الاهتمام. كمان الاهتمام الزائد بالاطفال بيخليهم يميلوا لتهويل كل حدث صغير، وده ممكن يخليهم برضه يطوّروا الجزء ده لحد ما يوصل لاضطراب.
طبعًا زي ما قولنا الشخصية المصابة بالاضطراب ده ممكن كل ما تشوف أي أعراض تنشر في كل مكان إن عندها نفس المشكلة دي، وإن العالم غير مكترث وماحدش بيسمعها وحاجات على الشاكلة دي، بس برضه ممكن ناس تعمل كده للبحث عن التعاطف مش أكتر.
طيب إيه ممكن يفصل في الموضوع ده؟ ببساطة اللي يقدر يحدد إذا كان الشخص مصاب باضطراب ولا لأ هو الطبيب النفسي، لذلك الأفضل لما حد يحس إن عنده أي أعراض أساسًا لأي مرض، يروح لطبيب نفسي علشان هو الوحيد اللي هيقدر يشخصه بشكل صحيح، وهو برضه اللي ساعتها هيقدر يعالجك لإن خطورة المرض ده تكمن في كونه بيتطور بسرعة في نفس المصاب بيه.
الاهتمام حلو وشئ لطيف بس لما طلب الاهتمام بيزيد عن حده بتبقى فيه مشكلة، وعشان كده لو أخدنا الموضوع من الأول مع أطفالنا لام نكون حريصين على اهتمامنا بيهم بقدر صحي مافيهوش زيادة ولا نقصان بدال ما يبقوا دراما كوينز صغنيين يطلعوه على الآخرين لما يكبروا.
المصادر: