وده حيوان ولّا نبات ولا حكايته إيه؟!
كتب: أحمد حسين
تقريبا أغلبنا عارف لعبة «أتوبيس- كومبليت» واللي كانت في الأساس بتعتمد على معرفتنا بأسامي حاجات كتير. ساعتها، كنا على قدنا ومانعرفش أسامي حيوانات ونباتات كتير، وبالذات النباتات طبعًا لأننا ماكُناش مهتمّين بيهم أساسًا، فكان آخرنا يعني لما يتقال حرف الجيم نكتب النبات جرجير والحيوان جاموسة مثلًا، ولما يتقال حرف الواو نكتب النبات وردة والحيوان وطواط، وشكرًا على كده.
لكن الحقيقة، إن الطبيعة أكثر تعقيدًا من كده بكتير، وفيها مجموعات من الكائنات الحية مش مصنفين لمجموعة بعينها أو تصنيف بعينه، يعني تلاقي كائن شكله يقول إنه نبات لكن سلوكه يقول إنه حيوان (ودي مش شتيمة ده تصنيف) والعكس صحيح، ودول بيكون صعب على أي حد يصنفهم كنباتات بشكل صرف أو كحيوانات.
يعني، إحنا بنصنّف النباتات على أساس إنها الكائنات اللي بتقدر تعمل عملية التمثيل الغذائي علشان تُنتج طاقة من ضوء الشمس، وبنصنّف الحيوانات على إنها الكائنات اللي بتتحرك بسرعة وبتتغذى على الكائنات الأخرى علشان تُنتج الطاقة اللي هي بتحتاجها، لكن في بعض الكائنات صعب تتصنف بالتصنيفات دي.
اعرف أكتر عن: الكائنات الخضراء المفترسة “ما ذنب النباتات”؟!
مثلًا، كائن زي خنّاق الذباب أو مصيدة فينوس ده ممكن أصنّفه إزاي؟ يعني هو شكله يشبه كتير لشكل النباتات، لكنها برضه بتقدر تتحرك وتصطاد الحشرات وتتغذى عليهم علشان تنتج طاقة. وفي بعض الحيوانات ماعندهاش القدرة على الحركة، زي الإسفنج والمرجان وبلح البحر والبرنقيل، ودي كلها مجرد أمثلة للكائنات اللي يصعب تصنيفها، واللي حابين نتكلم عن أربعة منهم.
خناق الذباب وهو فاكر نفسه بابانويل 😀
شقائق النعمان البحرية الجائعة
شقائق النعمان البحرية تعتبر من الناحية التقنية والعملية حيوان، لكنها بتشبه النباتات بشكل كبير، حتى إنها سُميّت على اسم نبات وهو شقائق النعمان. زمان خالص أيام الحقبة اليونانية الأولى والفلاسفة الإغريق، أرسطو كان أول واحد يحاول يعمل تصنيف للكائنات الحية، والكائن ده بالذات كان من الكائنات المُحيرة بالنسبة له، فوضعه تحت تصنيف «الزوفيّات – Zoophytes»، ودي الكائنات اللي بتحمل صفات حيوانية ونباتية.
الحقيقة إن الكائن ده ممكن يتصنف تحت تصنيف الحيوانات، لأنه بيقدر يتحرك ببطء شديد، وكمان بيتغذى على الكائنات الأخرى اللي بتعلق بالمجسّات بتاعته. كائن شقائق النعمان ده بيتم تصنيفه تحت مجموعة يُطلق عليه اسم «الكائنات المجوفة – Cnidarians» واللي بتضم كمان قنديل البحر، والكائنات دي بتحمل بداخلها مكونات لجهاز عصبي قريبة جدًا من مكونات الجهاز العصبي للبشر على الرغم من اختلاف تشريحهم.
الأغرب من كده بقى، وجود نوع من الكائنات المجوفة دي اسمه «خنّاق الذباب شقائق النعمان»، واللي شكله يشبه فعلًا الكائنين مع بعض، وده مثال عبقري على شيء يُسمى «التطور التقاربي – Convergent evolution»، واللي بيوصف اكتساب بعض الكائنات صفة حيوية من أنساب غريبة قريبة منها وراثيًا، زي إن الطيور اكتسبت الجناحات، لكن أجداد الطيور دول ماكانش عندهم جناحات، وفي الحالة دي، حيوان شقائق النعمان البحرية اللي شكله شكل نبات اكتسب صفة من حيوان تاني أكل للحوم شبه النباتات، لكنه بيتغذى على الكائنات الأصغر حجمًا منه زي الحيوانات.. سهلة؟
الرخويات البحرية الورقية
الكلوروفيل هو الصبغة الخضراء اللي موجودة في الخلايا النباتية، واللي بتمكنهم من عمل التمثيل الضوئي اللي بينتجوا عن طريقه الطاقة، ودي إحدى السمات المميزة للنباتات. في بقى بعض الحيوانات بيستخدموا حيلة أو خدعة ذكية جدًا، وهي إنهم يسرقوا الكلوروفيل اللي بيعتبر مصانع إنتاج الطاقة اللي بتشتغل بالطاقة الشمسية ويستخدموه لصالحهم، واللي بيُطلق عليها عملية «الكليبتوبلاستي – Kleptoplasty».
وصفت الرخويات البحرية الورقية من قبل على أنها «ورقة يمكنها أن تزحف»، واللي بإمكانها الحصول على البلاستيدات الخضراء من الوجبات الخفيفة اللي بتتناول فيها الطحالب، وبتقدر تمتصّهم عن طريق شيء يشبه الشفّاطة أو الشاليموه، وهي في الأساس عندها خلايا خاصة تقدر تحتفظ بالبلاستيدات الخضراء دي لعدة أشهر، وممكن كمان يستخدموا الكلوروفيل المسروق ده للتمويه.
المخلوقات اللي بتكون مش حيوانات ولا نباتات دي غالبًا بيُطلق عليها بشكل غير رسمي «الطلائعيات – Protists»، عندهم القدرة على سرقة البلاستيدات من الطحالب أو إخضاع الكائنات الحية الأخرى وحيدة الخلية. يعني نقدر نقول إن الكائنات دي عندها القدرة على استخدام سلوك حيواني زي إنهم يتغذوا على الكائنات الحية الأخرى للحصول على صفة أو سلوك نباتي زي التمثيل الضوئي وإنتاج الطاقة من ضوء الشمس.
غابات الطحالب
الطحالب هي الكائنات البحرية اللي غالبًا بنفتكرها كائنات أحادية الخلية، بتظهر نامية فوق المسطحات المائية في مجموعة من الألوان المختلفة، بس مش كلها كذلك، وفي أنواع منها متعددة الخلايا وتبدو كالنباتات على الرغم من إنهم ما يمتلكوش جذور وأوراق، وعلى الرغم من تطوّرهم بشكل منفصل عن النباتات، فالطحالب كمان ماعندهاش القدرة على الحركة، لكنها قادرة على عمل عملية التمثيل الضوئي.
زي إيه مثلًا؟ زي خس البحر (Ulva)، اللي على الرغم من اسمه لا يمكن تصنيفه كنوع من الخضروات فهي عبارة عن مجموعة طحالب خضراء، لكنها بتُستخدم في الأكل في اليابان، بس مابتتاكلش، هي بتستخدم لتقديم السوشي والرز، وفي نوع منها صالح للأكل اسمه «الدلسي الأحمر» بيستخدم كوجبة خفيفة في أيرلندا وأيسلندا، وهي في الأساس بعيدًا عن الأكل والكلام ده دي في النهاية طحالب حمراء مش أكتر.
مثال آخر هو «عشب البحر – Kelp» واللي بيشكّل غابات مذهلة وضخمة تحت الماء، وبعض عيّناته بيوصل طولها ل80 متر وأكتر، وتعتبر عنصر أساسي في بعض الوجبات الأسيوية، وعلى الرغم من حجمها وشكلها وكده، إلى إنها تنتمي للطحالب البُنيّة ومالهاش أي علاقة بالنباتات.
فِطر بحجم المُدن
الفِطر غالبًا بيتعامل على إنه خضروات، لكنه بيتصنّف في الحقيقة كفطريات (واللي بتشمل الخميرة والعفن)، والفطريات بتكون أقرب في الواقع للحيوانات من النباتات، وبتشكّل مملكة منفصلة تمامًا عن النباتات، على الرغم من إنها مابتمتلكش القدرة على الحركة، إلا إنها مابتقدرش تعمل عملية التمثيل الضوئي، وبتعتمد على كائنات أخرى في إنتاج الطاقة، بس بدل ما يصطادهم زي الحيوانات، هو بينمو عليهم سواء تربة أو شجر أو حتى بشر، وبينمو كمان على الميتين أو المتحللين منهم زي جذع الشجرة الميت والحيوانات النافقة وحتى الخبز اللي بتسيبه فترة كبيرة مع نفسه ده.
اعرف أكتر عن الفطريات من مقالاتنا هنا.
وكمان عندهم ميزة عن الحيوانات والنباتات، وهي إنهم بيقدروا ينمو على مساحات ضخمة جدًا، زي مثلًا فطر العسل اللي قدر يغطي مساحة حوالي 9 كيلومترات، ووزنه – كله على بعضه كده- ممكن يوصل لحوالي 35 ألف طن، وممكن كمان يعيش لعمر طويل جدًا 2400 سنة مثلًا. المشكلة إن فيه بعض الفطريات ممكن تتسبب في موت الأشجار ببطء، عن طريق مرض بيُطلق عليه اسم «العفن الأبيض».
في النهاية، ممكن نقول إن الطبيعة متنوعة وجميلة ومُعقّدة وبتتحدى دائمًا التعريفات البيسطة اللي بنحاول عن طريقها نصنّف الكائنات اللي عايشة حوالينا وعايشين حواليها، وعلى الرغم من إن إدراكنا البشري بيم خداعه كتير عن طريق تعقيد الكائنات الحية دي، إلا إن ده كل لم يمنعه من إنه يصنع أكل لذيذ من معظم الكائنات الحية، حيوانات بقى نباتات ولا بتفرق معانا، بالنسبة للإنسان كله بيتّاكل.
المصادر: iflscience theconversation