زراعة الأعضاء: قلبي وذاكرتي معاك والله!
كتب: أحمد حسين
يمكن مصطلح ”التبرع بالأعضاء“ أو ”زراعة الأعضاء“ يكون غريب علينا أو لما بنسمعه بيثير الخوف في نفوسنا من صعوبة العملية نفسها، لكنه شيء منتشر بشكل كبير في بعض البلاد التانية ومنهم أمريكا مثلًا. بحسب إحصائيات التبرع بالأعضاء 2011، تم التبرع بـ8127 عضو من أشخاص متوفيين، و6017 عضو من أحياء.
في أمريكا، وصل رقم عمليات زرع الأعضاء لـ 28,535 عملية، وكانت أكثر العمليات دي بتتم لزراعة القرنية والكبد والقلب. يمكن كانت عمليات زرع القلب هي الأكثر بينهم في أخر 5 سنين، بنسبة نجاح 74.9%. وهي دي العلميات اللي حابين نركز عليها شوية، لأنه في الأغلب بتكون مرتبطة بتغيرات، مش بس تغيرات مادية في الجسد، لكن كمان تغيرات معنوية، وفي الأغلب بتكون تغيرات غريبة، زي مثلًا تغيرات في الذاكرة، وكمان في تفضيلات الشخص الفردية.
زراعة الأعضاء: ازرع قلب وعليه ذاكرة!
سنة 1988، في ست اسمها ”كلير سيلفيا“ _صاحبة كتاب (تغيّر القلب)_ عندها 47 سنة، كانت بتعاني من ”ارتفاع ضغط الدم الرئوي – Primary Pulmonary Hypertension“، فقرروا إنهم لازم يعملوا لها عملية زرع قلب، طبعًا العملية دي ساعتها كانت جديدة عليهم، بس قالوا هيخوضوا التجربة لخطورة الحالة. وفعلًا عملت العملية وخرجت سليمة بنجاح.
بس مش دي المشكلة، المشكلة إنهم لما سألوها يعني نفسها في إيه بعد ما العملية نجحت، قالت إن نفسها تشرب بيرة وتاكل فراخ مقلية. الموضوع طبيعي صح؟ للأسف لأ، كلير عمرها ماكانت بتحب الحاجات دي، لا بتحب البيرة، ولا بتحب تاكل الفراخ المقلية، فاللي عارفينها استغربوا من الطلبات دي، لكنهم في النهاية حققوا لها رغبتها.
بعد فترة، لقوا إن كلير نفسها تركب موتسيكلات، وده غريب جدًا لأنها عمرها ما ركبت موتوسيكلات، ولا كان عندها رغبة في ده أصلًا. الموضوع بعدها تجاوز الشيء الطبيعي، لأشياء فيها جزء من الميتافيزيقا وما وراء الطبيعة. اللي حصل إيه بقى؟ إن كلير في أحد الأيام حلمت بشخص اسمه ”Tim“ جاي يديها قلبه.
لما صحيت كلير، راحت اتصلت بالمستشفي اللي عملت فيها العملية، وأخدت رقم الشخص اللي نسق عملية التبرع بالقلب، وسألته إذا كانت ينفع تعرف اسم المتبرع، فهو رفض، وبعدها قالت له إنها عايزة تعرف إن كان اسمه ”تيم” ولا لأ، فالراجل استغرب جدًا وسألها هي عرفت منين، فقالت له إنها ماتعرفش فعلًا، والموضوع كله كان عبارة عن حلم.
الكلام كان غريب عليه، يعني إيه حلم ويطلع صح، يعني المفروض إنك بتحلم في الأغلب بشخصيات تعرفها، إنما دي حلمت بشخص هي ماشافتهوش في حياتها كلها، وقامت من النوم عارفة اسمه وشكله كمان. ساعتها قامت الدنيا، والمستشفى طلبتها مرة تانية علشان أبحاث، اكتشفوا من خلالها ظاهرة أطلقوا عليها ”ظاهرة ذاكرة الخلايا – Cell memory phenomenon“.
الظاهرة دي لحد دلوقتي لم تُثبت بشكل علمي، لكن في بعض النظريات العلمية اللي بتدعم وجودها، زي حالة كلير كده، وحالات تانية كتير. ظاهرة ذاكرة الخلايا بتتكلم بالأساس عن فكرة إن الأعصاب الموجودة في كل خلية، عندها قدرة على تخزين مواقف في ذاكرة ذاتية، فلما العضو ينتقل من شخص لشخص، ممكن يغير أشياء في ذاكرته وتفضيلاته الشخصية.
ذاكرة الخلايا والتفضيلات المختلفة
في دراسة اتنشرت في جريدة (Quality of life research)، اتعملت على 47 مريض عملوا عمليات زراعة قلب، 79% منهم قالوا إنهم ماحسوش بأي تغيرات معنوية بعد العملية، و15% اختبروا تغيرات نتيجة لحوادث هددت حياتهم، و6% اختبروا تغيرات في الشخصية نتيجة لعمليات زراعة القلب فقط، دون أي تدخل خارجي، سواء عن طريق أحداث مؤثرة أو غيره.
في بحث تاني اتعمل في مدرسة التمريض بجامعة هاواي في هنولولو، على 10 مرضى عملوا عمليات زرع قلب، اكتشف الباحثون إن المرضى اتغير فيهم عدد من الصفات والتفضيلات (من اتنين لخمسة)، وأصبحت الصفات/التفضيلات دي في المرضى مماثلة للأشخاص اللي اتبرعوا لهم بالأعضاء. الصفات/التفضيلات دي كانت بتخص الأكل والموسيقى والفن والشغل وغيرهم.
في نفس الدراسة دي، الباحثون وجدوا أمر غريب جدًا. شخص من المشاركين في الدراسة، أخد القلب من متوفى، المتوفى ده مات بسبب طلق ناري في الوجه. المريض اللي عمل زرع قلب أصبح بيشوف أحلام كتير، عبارة عن وميض ضوء عالي بيضرب في وشه، في إشارة لأنه بيحلم بلحظة موت المتبرع من تاني.
في حالة أخرى، غريبة برضه، من حالات وظواهر ذاكرة الخلايا، كانت لبنت أسترالية اسمها ”ديمي لي“، البنت دي عملت عملية زرع كبد، وبعد حوالي 9 شهور، الدكاترة عملوا لها فحوصات واكتشفوا إن فصيلة دمها اتغيرت، زائد إنها اكتسبت الجهاز المناعي اللي كان عند المتبرع كمان.
طبعًا كل ده جميل، بس لحد دلوقتي العلم ماوقفش على موقف محدد من الظاهرة دي، هل هي حقيقية فعلًا؟ ولو مش حقيقية، يبقى إيه تفسير اللي بيحصل ده؟ يعني إيه تفسير إن واحدة تعمل عملية قلب، فتحب الفراغ المقلية والبيرة وهي عمرها ما كانت تتحبهم في حياتها، وهل الموضوع مرتبط بزرع الأعضاء فقط؟. عمومًا لازالوا العلماء في بحث دائم عن تفسير علمي صحيح للموضوع وربنا يقدم اللي فيه الخير.
المصادر: