الداتورة في الأسطورة الإغريقية بين الخيال والعلم!
كتب : أحمد حسين
“ما تفوق يا ابني إنت واكل تاتورة؟” غالبًا لو عشت فترة كبيرة من حياتك في مصر، فإنت سمعت الجملة دي من جدتك أو والدتك أو مدرسينك في المدرسة أو غيرهم لما يلاقوا متنح كده ومش مركز 😀 بس هل ييجي في بالك بقى إن التاتورة دي ليها أصل إغريقي!
الداتورة والعلم في الأسطورة الإغريقية
يُحكى أن القائد “أوديسيوس” ملك إيثاكا وصاحب فكرة حصان طروادة، كان راجع من الحرب فتوقّف هو وطاقم السفينة كله عند جزيرة اسمها “لوسين” في البحر المتوسط علشان يرتاحوا. على الجزيرة، كان في ست اسمها “سيرسي” استقبلتهم وعرضت عليهم يرتاحوا في قصرها وقدمت لهم أكل كمان. بس أوديسيوس وواحد من رجالة الطاقم ما أكلوش بس بقية الطاقم كله أكل.
أوديسيوس طلع من القصر يتمشى شوية، فلقى إن الشخص الوحيد اللي ماكلش ده جاي بيجري عليه، وبيقول له إن رجالة الطاقم تحوّلوا لحيوانات وبقوا يتصرفوا تصرفات غريبة. ساعتها اكتشف أوديسيوس إنهم اتخدعوا، وإن سيرسي دي ساحرة وهما وقعوا تحت سحرها، وفي طريقه علشان ينقذ طاقم سفينته جاله الإله “هيرمس” رسول الآلهة الإغريق، وأدى له نبتة اسمها “مولي” وقال له إنها هتحل المشكلة، وبالفعل السحر اللي عملته سيرسي اتفك، وأوديسيوس قدر ينقذ طاقم السفينة بحسب كلام هوميرس في قصة الأوديسية.
بحسب القصة الكاملة، ذكر هوميرس إن سيرسي خلطت نبات مع الأكل، هو اللي خلّى الطاقم يتصرف كدة، لما العلماء حللوا القصة دي، وعددوا النباتات اللي موجودة على جزر البحر المتوسط، لقوا إن ده ممكن يكون من الأعراض الجانبية لنبات اسمه “عشبة جيمسون – Jimson weed”، واللي بتنتج مواد بتأثر على ناقل عصبي اسمه “استيل كولين”، وده بيخلي المُتعاطي يهلوس ومايقدرش يفرّق بين الواقع والخيال، لدرجة إنه يفتكر نفسه اتحول لحيوان ويتصرف على الأساس ده. والـ”جيمسون وييد” ده بقى طلع إيه؟ أيوه هو الداتورا الصفراوية أو بالعامية المصرية التاتورة.
صيدلي روسي رحّالة اسمه “ميشيل ماسكوفسكي”، قال إن النبات التاني المذكور في الأسطورة اللي أداه هرميس لأوديسيوس واللي بحسب وصف هوميرس كان “نبتة جذرها أسود ووردتها شديدة البياض” هي نبتة “زهر اللبن”، واللي بتُستخدم في إحدى قرى جبال الأورال في مقاومة شلل الأطفال، واللي لما حللوها لقوا إنها بتحتوي على مادة “الجلانتامين” اللي بتمنع تأثير نبتة الداتورا الصفراوية، عن طريق مقاومة اضطراب الناقلات العصبية في المخ فيعود لحالته الطبيعية.
ومن هنا فكّر العلماء إن الفرضية اللي قايمة عليها القصة هي فرضية علمية، وإن سيرسي مش ساحرة ولا حاجة وإنما خيميائية وفاهمة تأثير المواد على البشر، ودي حاجة في الغالب مش هتطلع من دماغ حد مش فاهم العلوم، فلو هوميرس هو فعلًا اللي كتب الأوديسة فده دليل على فهمه واستيعابه للعلوم، وده برضه معناه إن تحليل الأساطير ممكن يفيدنا في إيجاد علاجات لأمراض يمكن مالهاش علاج لحد دلوقتي.
المصادر: greecehighdefinition discovermagazine TED-Ed