مراهق يفيق من غيبوبة ليتحدث الأسبانية بدلًا من الإنجليزية لغته الأم
كتبت: يارا كمال
أُصيب ”روبين نسيموه“، وهو مراهق يبلغ من العمر 16 عامًا ويعيش بأطلنطا في جوريجا، بارتجاج في المخ إثر إصابة أثناء مباراة كرة قدم، وعندما أفاق من الإصابة، أصبح قادرًا على تحدث الاسبانية بطلاقة كما لو كانت لغته الأم، وغير قادر على تحدث الإنجليزية –لغته الأم- بسهولة.
قال ”روبين“ أنه شعر أن له طبيعة ثانية، وإنه لم يكن يتحدث لغته الأصلية الإنجليزية، وفي كل مرة يحاول أن يتحدثها، يُصاب بنوبة. ووصف الحالة بأنها كانت غريبة، ولكنها لم تكن مخيفة على الإطلاق، فهو أحبها كثيرًا في الحقيقة، وكانت فريدة من نوعها بالنسبة له.
وفي الأسابيع التي تلت الإفاقة، استعاد قدرته على التحدث بالإنجليزية ببطء، وتضاءلت مهارات في اللغة الأسبانية، ولكن الأطباء يحاولون تفسير ما حدث بالضبط.
يبدو الأمر أغرب من أن يكون حقيقي، ولكن ”روبين“ ليس الشخص الوحيد الذي مر بهذه التجربة، فهناك عدد من القصص المتعلقة بمن عانوا من إصابات في الرأس وبدأوا يتحدثون لغة أخرى مثل الرجل الإنجليزي الذي بدأ التحدث بالويلزية بعد الإصابة بسكتة دماغية، بالرغم من أنه لم يتعلم هذه اللغة بشكل رسمي من قبل. وأيضًا من تلك الأمثلة المراهقة الكرواتية التي استيقظت من غيبوبته وهي قادرة على تحدث الألمانية بطلاقة، بالرغم من أنها كانت بدأت للتو فقط في دراستها. وفي 2013، استيقظ رجل أسترالي من حادث سيارة وهو لا يتحدث سوى لغة الماندرين (أو اللغة الصينية الشمالية)، وهي اللغة التي درسها في المدرسة ولكنه لم يتحدثها بطلاقة من قبل.
الشيء المشترك بين كل هذه الحالات هو أن جميعها تعرف اللغة التي تحدثت بها بعد الإصابة إلى حدٍ ما، حتى وإن لم يتحدثوها بطلاقة، وأنهم عانوا من إصابة رأس شديدة، وكلهم حاولوا جاهدين التحدث بلغتهم الأصلية عندما أفاقوا، وعادت إليهم قدرتهم على التحدث بلغتهم الأم مع الوقت.
ولكن من وجهة نظر العلم، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
في الحقيقة، إن الباحثين ليسوا متأكدين بشكل كامل، ولكن ظهور مهارات اللغة الجديدة تنتج عن إعادة تجديد المخ للروابط بين خلاياه بعد الإصابات البالغة، ومن المحتمل أن أغلب تلك الحالات هي فرع من الحالة النادرة وجيدة التوثيق التي تُدعى ”متلازمة اللكنة الأجنبية“. هناك على الأقل 200 حالة موثقة لهذه المتلازمة، والتي تحدث عندما يفيق أحدهم من إصابة في المخ ليجد نفسه يتحدث بلكنة أجنبية.
اعرفوا المزيد من الاضطرابات العقلية الغريبة من هنا.
من أولى الحالات الموثقة امرأة نرويجية أصابتها شظايا قنبلة أثناء غارة جوية في الحرب العالمية الثانية، أفاقت وهي تتحدث بلكنته ألمانية، لدرجة أن أصدقاءها وجيرانها تجنبوها ظنًا منهم أنها جاسوسة.
تنتج المتلازمة عن تلف في الجزء الذي يتحكّم في العضلات التي ينتج عنها الكلام في المخ. كتبت ”ليندسي نيكلز“ من جامعة ماكواري أن الكلام يحتاج إلى تحكم دقيق جدًا في عضلات الشفاه واللسان والفك والحنجرة، فإذا كانت حركة تلك الأعضاء أو سرعتها أو تناسق الحركات ليس متزامنًا قليلًا، سوف تتغيّر أصوات الكلام.
وبالتالي في تلك الحالات، لم يتحدث المصابون بلهجة جديدة، وإنما فقدوا السيطرة على الطريقة التي ينطقون بها الحروف المتحركة والساكنة، وهذا قد يجعلهم يبدون كما لو أنهم يتحدثون بلهجة معينة. في الحقيقة، قد لا يكون المرضى بهذه المهارة التي يبدون عليها في اللغة الجديدة، ولكن اللكنة الجديدة تجعلهم يبدون بهذه المهارة.
وهناك احتمالية أيضًا أن تكون القدرة على التحدث بلغة غير معروفة بشكل جيد بطلاقة بشكل مفاجئ قد تكون شيء أكبر من أن يفقد المرضى لغتهم الأصلية مباشرةً بعد حادثة.
قد يكون ذلك نتيجة لشيء يُدعى ”aphasia“، وهو ضعف شائع في اللغة والذي ينتج غالبًا عن السكتات الدماغية، ويمكن وصفها بأن تشعر بأن الكلمات على طرف لسانك طوال الوقت، ولكنك لا تستطيع الوصول إليها.
في الغالب، تؤثر تلك الحالة على كل اللغات التي يعرفها الإنسان، ولكن في تلك الحالات التي تُشبه ”روبين“، من الممكن أن تتأثر اللغة الأم فقط، مما يسمح بالوصول إلى أجزاء في اللغة الثانية لم يعرفوا حتى أنهم يعرفوه.
___________________________________________________________________________________
المصدر: sciencealert