رواد الفضاء على القمر أكثر عرضة للوفاة بأمراض القلب
كتبت: مها طـه
أشارت دراسة جديدة بناءًا على ملاحظات رواد الفضاء على المريخ إلى أن الإشعاعات الناتجة من الفضاء السحيق قد تكون السبب في تعرض رواد فضاء القمر للوفاة نتيجة لأمراض القلب أكثر من غيرهم من رواد الفضاء في المدارات المنخفضة والمركبات التي تدور حول الأرض.
بحث مجموعة من الباحثين الأمريكين بقيادة ”مايكل ديل“، من جامعة ولاية فلوريدا كيفية موت رواد الفضاء، ووجدوا أن ثلاثة من السبعة الذين زاروا القمر توفوا بسبب مرض في القلب والأوعية الدموية، أي أعلى بأربع مرات من رواد الفضاء على متن المحطة الفضائية الدولية أو على الأرض.
قال ”جوردون كابيل“ عضو الجمعية الأسترالية لطب الفضاء، والذي لم يشارك في الدراسة، أنه فوجئ بأن الدراسة كانت قادرة على رسم دلالة إحصائية منخلال عدد قليل من الحالات ومع وجود تحيُز جنسي، حيث لم يسبق لإمرأة أن وضعت قدمها على القمر من قبل، لكنه أضاف أن هذا البحث مثير للاهتمام حيث يرتبط الإشعاع دومًا بالإصابة بالسرطان أو المشاكل الإنجابية.
وأضاف “كابيل“ أنه يعتقد أن هذا النوع من الدراسات يحتاج إليه العلماء حتى يستطيعوا استكشاف الفضاء السحيق وأثر البعثات طويلة المدة إلى القمر والمريخ على رواد الفضاء. على الأرض يقوم المجال المغناطيسي بحماية الكوكب من الجسيمات المشحونة _الإلكترونات والبروتونات_ التي تهبط على الأرض من الشمس أو من خارج النظام الشمسي، وذلك عن طريق جعلها تنحرف، لكن خارج هذا الدرع، يتعرض وراد الفضاء لهذه الجسيمات.
تحتوي المركبة الفضائية في الوضع العادي على دروع لمنع الإشعاع ولكنها لا تحجب كل شئ. رواد الفضاء على متن المحطة الفضائية في عام 2002 كانوا يتعرضون لحوالي 1 ملليمتر من الإشعاع يوميًا، وهو ما يُعادل مقدار ما يصل للأرض في سنة كاملة.
كما يذهب رواد الفضاء على القمر إلى ما هو أبعد من محطة الفضاء الدولية، وبذلك يكونون أقل حماية من غيرهم فيتعرضون لحوالي 1.2 ملليمتر يوميًا، ولذلك قام “ديلب” وزملاؤه بمقارنة سبب الوفاة سبعة رواد فضاء ذهبوا إلى القمر، بـ35 رائد فضاء في مدرا الأرض المنخفض، و35 رائد فضاء آخر لم يغادروا الأرض.
وأتضح أن ثلاثة من أصل سبعة رواد فضاء توفوا نتيجة لأمراض القلب والأوعية الدموية، مما يجعل خطر الإصابة أكثر بأربع مرات من رواد الفضاء الذين لم يذهبوا بعيدًا عن الأرض. قال الباحثون أن الأشعة الكونية هي السبب الرئيسي في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كما أنه يضر الخلايا المُبطنة للأوعية الدموية.
ولزيادة التأكد من نظريتهم، قام الباحثون بعمل محاكاة لنفس كمية الإشعاع التي يتعرض لها رواد الفضاء على القمر، وعرضوا مجموعة من الفئران لها، فلاحظوا أنها بعد ستة أشهر _أي ما يعادل 20 عامًا في الإنسان_ قد تطورت لدى الفئران حالات خطيرة من تلف الشرايين، والمعروفة بأنها تؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
لكن الإشعاع الفضائي مُتقلب، حيث تنفث الشمس في بعض الأحيان ومضات مفاجئة من الطاقة في صورة توهجات شمسية، وهو ما يعقبه في كثير من الأحيان انفجار ضخم بشكل غير عادي من البلازما، وهو ما يصعُب التنبؤ به. قال ”كابيل“ أن حدوث مثل هذه الومضات المفاجئة من الشمس في أثناء سفر رواد الفضاء، قد يؤدي لمشاكل صحية خطيرة.
أضاف ”كابيل“ أن محاولة التخفيف من مخاطر الإشعاع في المركبة الفضائية يُعتبر أمر صعب، وذلك لأن مشكلة إضافة دروع للمركبة الفضائية سيُحملها بوزن إضافي، ومن المعروف أن كل كيلوجرام زائد يُعد تكلفة كبيرة، كما قال أنه يعتقد أن وكالة ناسا عليها أيضًا أن ترى ما يمكن فعله طبيًا لعلاج هؤلاء المرضى، وزيادة مناعتهم للإشعاع.
المصادر: