إعداد: فريق نيون
من حوالي 15 سنة، كانت الفسحة المفضلة بالنسبة لجيلنا كله تقريبًا هي جنينة الحيوانات، وقتها كان الاهتمام بالحديقة واضح، وكانت تُعتبر فسحة لطيفة للعيلة كلها، كان بيبقى في قعدة رايقة في جزيرة الشاي، وصور كتيرة مع الحيوانات وإحنا بنأكلهم، ومساحة للجري واللعب وركوب البسكلتة.
متحف الحيوان بالجيزة: الأقدم في أفريقيا
ولحد لما كبرنا دلوقتي، وبالرغم من زيارتنا للجنينة مرات كتيرة، إلا إن ماحدش فينا لاحظ وجود مبنى أبيض في وسط الجنينة بنعدي له عن طريق كوبري مشاه صغير زي اللي موجود في المُنتزة كده، غالبًا اعتبرناه مبنى إداري أو غيره. اللطيف إن المبنى العظيم ده هو أقدم متحف للحيوان في أفريقيا، ويمكن سبب عدم ملاحظتنا له هو إنه فضل مقفول لمدة 18 سنة بداعي إنه موضوع على قائمة التجديد، وطول الـ18 سنة ابوابه لم يتم فتحها لاستقبال أي زوّار.
فضل الوضع على ما هو عليه لحد ما أخيرًا تم إفتتاحه في شهر أغسطس سنة 2015، لكن للأسف ما أخدش خبر افتتاحه حظوة لأنه كان قبل افتتاح قناة السويس الجديدة بـ 3 أيام. يرجع تاريخ إنشاء متحف الحيوان لسنة 1906، يعني من أكتر من 100 سنة، وفضل على حاله لحد ما تم تطويره وتجديده 3 مرات، أولهم سنة 1962، والتانية 1988، وآخر مرة كانت سنة 2015.
يرجع الفضل في عودة افتتاح المتحف للدكتور أسامة سليم، الرئيس السابق للهيئة العامة للخدمات البيطرية، والدكتورة فاطمة تمام الرئيس السابق للإدارة المركزية لحديقة الحيوان. طول مدة الـ 18 سنة اللي المتحف اتقفل فيهم، كان بيتم رش الحيوانات المُحنطة اللي متخزنة بمواد خاصة للحفاظ عليها من التلف.
في اعتقاد سائد بين معظمنا إنه المتاحف أماكن مملة، فهي في النهاية بتعرض تماثيل، لوحات،و غيره من معروضات أغلب جمهورها متخصصين أو مهتمين بالضرورة. الموضوع مفيش فيه تسلية بالنسبة لنا. لكن وبافتراض إن الكلام ده حقيقي، فالأمر مختلف تمامًا مع متحف الحيوان، فالزيارة مستحقة والمتعة هناك مضمونة!
يا ترى هنشوف إيه؟
المتحف بيضم حفريات وحيوانات مُحنطة يرجع تاريخها لأكتر من 300 سنة قبل الميلاد، ومش موجودة في أي متحف تاني في العالم، دة غير إنه أول ما تدخل المتحف هتشوف في الدور الأول حفريات لحيوانات منقرضة، منها حوت مصري من دمياط، وحفريات تانية لحيوانات زي الأسد والتابير (حيوان بري شبه الخنزير بس أكبر) والنمر والثور الأمريكي وصدفة سلحفاة الفيل والتمساح النيلي بكل أحجامه.
كل دة غير عرض رائع لحيوانات برية وبحرية في منها اللي كان موجود في مصر، وفي منها اللي موجود في أفريقيا وغيرها من القارات الأخرى. زائد كمان عرض لرؤوس أنواع كتير من الغُزلان والثيران والجاموس وغيرهم بمختلف أنواع وأشكال وأحجام القرون اللي ممكن تشوفها في حياتك.
وانت بتتحرك في إتجاه السلم علشان تطلع الدور التاني، هتلاقي مجموعة من الطيور المُحنطة بشكلها الحقيقي، زائد مجموعة تانية من الحيوانات النادرة اللي مابنشوفهاش حتى في التليفزيون، راحت فين أيام عالم الحيوان بتاع القناة التانية صحيح؟! ذكريات.
في الدور التاني هتلاقي مجموعة كبيرة من الحيوانات البرية والزواحف، في الجزء ده انت هتشوف حيوانات كانت عايشة في مصر وانقرضت، وهتتعرف على أصول شتايم زي ”جربوع“ و”حلّوف“ و”أم قويق“. بيكون معاهم كمان مجموعة من الطيور اللي كانت عايشة في مصر زي ”الغراب النوحي“ وأنواع كتير من الصقور. في الدور التالت هتتعرف على حيوانات بحرية أول مرة تشوفها، وفراشات بكل الأنواع، وطيور بكل تصنيفاتها وتقسيماتها والفصايل المختلفة منها.
من أكتر الأشياء المميزة في المتحف هو وجود جزء خاص بحفريات تخص الإنسان العادي (الحالي) وإنسان الغاب والإنسان البدائي والقرد، الجزء ده مميز لأنه بيبين الفروق البسيطة جدًا بين حفريات كل واحد فيهم وقد إيه هما فعلًا متشابهين بشكل كبير. في جزء تاني مميز برضه موجود قبل باب الخروج، الجزء دة موجود فيه شرح بسيط لفكرة التطور، وده شيء وجوده كان مميز بالنسبة لنا بشكل خاص.
المتحف جميل فعلًا ويستحق كل اهتمام، بس في اقتراح واحد ممكن يخلّي الجولة داخل المتحف أحلى زي إن مثلًا يكون في حد بيتمشى معانا، ويحكي لنا عن كل جزء في المتحف بشرح يثري الرؤية، ممكن برضه يكون فيه كُتيب صغير يشرح للناس كل جزء في المتحف بشكل بسيط. رغم إن المتحف اتكتب عنه في أكتر من جورنال لكن ما اتعرفش بالمعنى غير لما مجموعة من الشباب بينطموا رحلاته راحوا وواحد منهم أخد صوركتير جدا ونزلها على الفيسبوك، تواصل إدارة المتحف مع جمهور مش قليل نهائي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي هيجع كتير إنهم يروحوا المتحف ، ده في حالة إنهم كانوا سامعين عنه أصلًا، والحقيقة هو يستاهل وكل الشكر للقائمين عليه.
موجود بالمتحف 1352 طائر مُحنّط، و555 نوع من الثدييات، و259 نوع من الزواحف، و49 نوع من الجماجم، و35 هيكل عظمي. المتحف فيه قتعة للمؤتمرات والمحاضرات، وقاعة تانية بتضم مجموعات علمية نادرة تعتبر من المجموعات المرجعية الضخمة في تقسيم وتصنيف المملكة الحيوانية، والمجموعة دي موجودة في مصر بس.
أول ما بتطلع الدور التانى بتلاقى قدامك يافطة مكتوب عليها حيوانات البيئة المصرية، وبما إنه فعليًا معظمنا مش بيقدر يعمل سفاري ويشوف الحيوانات على الطبيعة ولا عندنا حدائق حيوان مفتوحة بالمعنى، فدي فرصة عظيمة عشان نتعرف على حيوانات تخص بيئتنا، لكن بسبب الزحف العمرانى وغيره من مظاهر تعديل و تغيير البيئة، الحيوانات دى بقت غير موجودة فى محيطنا أو حتى فى منها اللى انقرض، فمثًلًا هتلاقى جثة مُحنطة للنمر السيناوى، وده من الحيوانات اللى كانت موجودة فى البيئة المصرية وإنقرضت، وزى كمان ثعلب الفنك اللى مازال موجود لكن أعداده قلت بنسبة كبيرة.
في الدور الأرضي في عرض مبهر لمجموعة كبيرة من الحيوانات ذات القرون، زى الغزلان والوعول والثيران والخنازير وحتى الزرافة، العرض فعلًأ رائع لأنه بيوضح فروق كبيرة جدًا في أشكال القرون دى واختلافها عن بعضها، ومن الحاجات الملفتة للنظر إن فى أحد الحيوانات دى اصطاده يوزباشى فى الجيش المصرى سنة 1937 بالرغم من حجم قرونه المرعب الحقيقة، وده خلانا نتخيل رحلات الصيد اللي زي دي كانت بتحصل إزاي من هول حجم القرون ومنظرها اللي فيها جمال مهيب رغم كل ده.
في المتحف فيه جثة تمساح نيلى محنط والحقيقة إن حجمه كبير جدًا وتم اكتشافه داخل مقبرة فرعونية، بالنظر لحجم التمساح النيلى ده و حجم التماسيح النيلية الموجودة حاليًا، هنلاقى إن الفرق كبير، وده بسبب تعديل البيئة اللى حصل مع إنشاء السد العالى واللى حول مسار نهر النيل.
الخلاصة، الجو جميل والشمس بدأت تطلع تاني، الجنينة اليومين دول حلوة هتنبسطوا فيها عمومًا، بس لازم تشدوا الرحال للمتحف على الأخص، لأنها هتكون تجربة لطيفة جدًا ويا سلام لو معاكوا حد عنده شغف بالحيوانات ويقعد بقى يشرح لكم وهو عينيه بتلمع من فرط الحماسة والدهشة!