مغامرة «سولار امبلس 2» حول العالم بلا وقود!
كتب: أحمد حسين
امبارح، اللي هو الأربعاء 13 يوليو، وصلت الطائرة “سولار امبلس 2” إلى مطار القاهرة الساعة 7:10 صباحًا بعد استعدادات كبيرة للحدث ده، وكان في استقبالها وزيرا الطيران والبيئة. طبعًا واضح من الكلام إنه في حاجة مهمة بتحصل رغم إن ممكن البعض مننا يستغرب كل ده لاستقبال طيارة ولا الطيارة دي عليها رئيس كده.. وزير كده مثلًا؟
بس الكلام حقيقي، اللي كان مطار القاهرة ومسئوليه في استقباله هي طائرة ”سولا امبلس 2 – Solar impulse 2“.طيب إيه علاقة مصر بالحدث؟ هل مصر مؤثرة في الحدث مثلًا؟ وليه الوزير يروح يستقبلها؟ طيب هي إيه طائرة ”سولار امبلس 2“ دي أساسًا؟!
” سولار امبلس 2 “ طيارة بتعمل بالطاقة الشمسية، مش بتستخدم ولا مللي لتر من الوقود الأحفوري (زي السولار والبنزين مثلًا). الطيارة دي كانت حلم شخصين في الحد من استهلاك كميات كبيرة من الوقود، الشخصين دول هما الطيّار والباحث ”برتراند بيكار – Bertrand Piccard“ والطبيب النفسي والطيّار في نفس الوقت ”أندرية بوشبيرج – Andre Borschberg“.
«سولار امبلس 2» رحلة بلا وقود
هدف بيكار وبوشبيرج إنهم يلفوا العالم بالطيارة ” سولار امبلس 2 “ بدون استخدام أي نقطة من أي وقود أحفوري، علشان أولًا يقدموا رسالة للعالم، تحمل نَص مشروعهم وحلمهم في نفس الوقت وهي ”مستقبل نظيف“. ودي الفكرة اللي جات لهم سنة 2004، إنهم يلفتوا نظر العالم لإمكانية الحد من استخدام الوقود اللي بنستهلك منه كميات مهولة أو التخلي عنه خالص، في مقابل استخدام الوقود الطبيعي، وساعتها ننقذ الأرض من نفاذ الوقود.
سولار امبلس 2 في مصر وفوق أهرامات الجيزة
الهدف التاني من رحلة ” سولار امبلس 2 “ كان إنهم يحققوا حلمهم في الريادة، بإنهم يكونوا أول من استطاعوا الطيران حول العالم من غير ولا نقطة وقود أحفوري، وبمساعدة وقود طبيعي فقط وهي الطاقة الشمسية. وده هيخليهم بشكلٍ ما قادرين على توجيه العالم نحو استخدام جديد للطاقة والوقود، عن طريق إقناع القادة اللي هيجتمعوا في مؤتمر تغير المناخ في باريس في ديسمبر القادم، بإن الطيران لعدة أيام بشكل متواصل دون استخدام وقود أحفوري أمر ممكن ومش مستحيل.
المحاولة دي هي المحاولة التانية، بعد نجاح المحاولة الأولى، واللي تمت سنة 2015، من اليابان لحد هاواي. المرة دي المحاولة مختلفة، الرحلة هتكون من مدينة نانجينج الصينية لهاواي لمدة خمس أيام بخمس ليالي متصلة، بس هيسبقها لفة صغيرة حول العالم، ودي اللي كان من ضمنها الهبوط في مصر، وبعدها هيروحوا أبو ظبي علشان يبدأوا الرحلة الفعلية للطيارة، اللي هتطير مسافة حوالي 8000 كيلومتر بلا توقف.
محاولات إنقاذ الكوكب الأزرق وصعوباتها
طيب إيه أهمية الكلام ده؟ ببساطة هيكون سبب في إننا نحافظ على الوقود الأحفوري من النفاذ. حاليًا، معظم مصادر الوقود الأحفوري (البنزين وغيره) بدأت تنفذ، وده مش هيكون في مصلحة كوكبنا خالص، لأننا بنستمد الطاقة للنور والعربيات والطيارات وكل حاجة بالأساس من هذا النوع من الوقود، يعني لو نفذ كل ده هيتوقف فورًا، فلازم نلاقي طريقة، نقدر عن طريقها نستمد طاقة من الوقود الطبيعي.
البعض وارد يربط بين كون الطيارة بتعتمد في الأساس على الطاقة الشمسية كمصدر طاقتها عشان تطير وبين وقت الطيران ده بيكون الصبح بس يعني ولا الصبح وبالليل، وعليه خلينا نوضح أكتر إن الطيارة مزودة ببطاريات تخزن الطاقة علشان تقدر الطيارة تطير بليل، والطاقة دي بتتخزن على مدار اليوم، عن طريق الـ 17248 خلية شمسية الموجودين على جناح الطيارة اللي بيبلغ طوله حوالي 72.3 متر.
مطار القاهرة .. إحدى المحطات
مطار القاهرة كان من المطارات اللي تم اختيارها بعد الكثير من البحث، والموضوع نفسه له علاقة بالمسافات اللي عايزين يقطعوها جغرافيًا، علشان يعرفوا الطيارة بتقدر تطير لمدة قد إيه الصبح، ونفس الشيء بالظبط بليل. كل ده علشان يستعدوا لإتمام رحلتهم لمدة 5 أيام و5 ليالي، الرحلة اللي لو نجحت فعلًا، هتقربهم خطوة كبيرة في اتجاه حلمهم.
إيه المغامرة في إن شخص يقود طيارة لمدة 5 أيام بشكل متواصل يعني؟ المغامرة ببساطة إنهم هيطيروا فوق المحيط، وبطيارة بتقطع المسافة دي لأول مرة، ومفيش فيها وقود أحفوري، يعني معتمدة على مخزونها من الطاقة الشمسية في البطاريات فقط. زائد كمان إنهم هيبقوا طايرين فوق المحيط الهادي، يعني مفيش أي فرصة للهبوط الاضطراري، ودي لوحدها مغامرة كبيرة خاصة بذاتها.
اللي نافع الطيارة في ظروف زي دي، إنها مصنوعة من ألياف الكربون (Carbon Fibers)، ووزنها قليل (حوالي 2300 كيلوجرام بس)، وكابينة الطيران فيها ماتساعش غير طيّار واحد، بيقعد في كرسي موضوع في مساحة ماتزيدش عن 3.8 متر مكعب، والطيارة مفيش فيها أجهزة تكييف ولا حاجة تسحب الطاقة، علشان يقدروا يحافظوا على الطاقة المخزنة في البطاريات. فالموضوع أسهل إلى حد ما _من ناحية الطاقة_ من الطيارات العملاقة الاعتيادية. بس طبعًا لا تزال الرحلة خطرة ومليئة بالتشويق زي ما بيقول قائد الطيارة برتراند بيكار.
كمان الطيارة أكيد مرت بتجارب كتير جدًا على مدى الـ 12 سنة اللي فاتوا (عمر المشروع). بس كل ده جاي عليهم بإيه؟ يعني هيفيدهم في إيه؟ هي الحقيقة إذا نجحت التجربة، فهي هتفيد البشرية كلها مش هتفيدهم هما بس، يعني هنقدر نستخدم الوقود الطبيعي النظيف غير المضر بالبيئة، ونحد من استخدام _أو نستغني عن_ الوقود الأحفوري، اللي بعيدًا عن مساهمته في الإضرار بالبيئة، فهو في النهاية ممكن جدًا يخلص وينتهي تمامًا، وساعتها دي هتكون مشكلة كبيرة.
يعني باختصار، الموضوع مش عايد عليهم بشيء، على الأقل حاليًا، وبيكلفهم مبالغ ضخمة، وبيشارك فيه حوالي 80 شركة كمان، يعني فرص عمل متاحة لعدد كبير من البشر مطلوب منهم يشتغلوا وياخدوا مرتبات نظير شغلهم ده، لكن في النهاية كل ده مش مهم بقدر أهمية الحدث نفسه، في توفير مستقبل نظيف للبيئة وللبشرية وللكوكب كله بشكل عام.
المصادر: