لماذا يميل الأذكياء إلى العزلة؟
كتب: أحمد حسين
الناس اللي مابيحبوش يخرجوا بشكل عام بيلاقوا صعوبة في إنهم يوجدوا مبرر لده قدام أصحابهم وكده، لأن وخلينا نكون واقعيين ماحدش بيحب إنه يطلب من حد حاجة والتاني يرفضها. يعني ماحدش بيحب يقول لحد ما تيجي نخرج، فالتاني يقول لأ من غير ما يبقى في سبب.
علشان كده، في ناس كتير بيزعلوا من بعض، وبيكون في بينهم مشاكل. بس إيه رأيكم لو اقترحنا سبب مثلًا؟ إيه رأيك لو مش عايز تخرج تقول إنك ذكي شوية؟ يعني حد يقول لك ها هتيجي معانا؟ فتقول له “معلش، أصلي ذكي شوية مش هينفع أنزل”.
لماذا يميل الأذكياء إلى العزلة ؟!
الكلام ده اتعملت عنه دراسة، في جامعة سنغافورة للإدارة وكلية لندن للاقتصاد، عن طريق بعض علماء النفس في الجامعتين دول. الدراسة دي اسمها ”نظرية السافانا للسعادة“، اسمها غريب شوية، واللي اكتشفت إن الناس بشكل عام بيحبوا يخرجوا ويقعدوا مع صحابهم وقرايبهم، باختصار بيحبوا يكونوا اجتماعيين، ماعدا الناس الأذكياء اللي في الغالب بيميلوا للعزلة وعدم الاختلاط بالبشر.
الباحثين وصلوا للنتيجة دي بعد ما عملوا دراستين عن الموضوع، والاتنين اعتمدوا على بيانات من دراسة وطنية طويلة المدى اللي اتعملت عن صحة المراهقين الشباب، واللي تضمنت لقاءهم بـ15 ألف شخص، أعمارهم تتراوح بين 18 و28 في 2001 و2002.
في الدراسة الأولى، ركز الباحثين على تلات حاجات: نتيجة المشتركين في اختبارات الذكاء، والكثافة السكانية في المكان اللي هما ساكنين فيه، وإلى أي مدى هما راضيين عن عيشتهم.
نتائج المحور الأول من الدراسة أظهرت إن الناس بشكل عام، بما فيهم الأذكياء، بيكونوا سعداء في المناطق اللي عدد السكان فيها قليل.
في المحور التاني من الدراسة، ركز الباحثين أكتر على الرابط بين مستوى الذكاء العالي والأداء الاجتماعي للمشتركين.
واكتشفوا إن معظم الناس بيميلوا لقضاء وقت لطيف مع الأصدقاء والعيلة لأنهم يُعتبروا _حسب وصف البحث_ من المكونات الأساسية للسعادة، وبيكونوا أكثر سعادة لو بيعملوا كده بشكل دوري كمان، أما الأذكياء، فماكانوش راضيين عن فكرة الخروجات والمناسبات الاجتماعية ولا حتى إنهم يتكلموا في التليفون سواء لوقت طويل أو وقت قليل.
الباحثين والعلماء، ماكانوش متأكدين أوي من السبب الأساسي اللي بيخلي الناس يميلوا عمومًا للصحبة لكنهم اقترحوا سبب من وجهة نظر التطوّر، وهو إن أسلافنا كانوا بيكوّنوا مجموعات من 150 شخص على الأقل علشان يفضلوا مع بعض. المجموعات دي كانت مهمة لأن تكوين صداقات في الوقت ده معناه احتماليات أكبر في بقاءك حي فترة أطول على سطح الأرض.
حاليًا في ظل تضخم رقم التعداد السكاني، البشر لسه بيتضايقوا ويحسوا بحزن كده وعدم راحة لما يبقوا معزولين عن أصدقاءهم وعيلتهم. الكلام ده ينطبق على الناس بشكل عام، بس الأذكياء خالفوا القاعدة دي كالعادة، بإنهم بيكونوا أقل ناس مستعدين يكوّنوا صداقات أو يعملوا علاقات مع أشخاص تانيين.
السبب في ده، بحسب اقتراح الباحثين، إن الأذكياء غالبًا بيكون عندهم هدف مُحدد شغّالين عليه، لو فرضنا مثلًا إنه الشخص الذكي ده كاتب، فأكيد بيشتغل على رواية أو مجموعة قصصية، وفي الأغلب بيكون شايف إن التواصل مع البشر والمناسبات الاجتماعية ممكن يكونوا سبب في تعطيله عن تحقيق هدفه ده علشان كده بيميل للعزلة أكتر بكتير من صُحبة البشر لأن سعادته في تحقيق هدفه مش في التواصل مع البشر. يعني غالبًا بيحسوا إنهم محتاجين مساحة خاصة بيهم ووقت أطول مع نفسهم.
وجدت الدراسة أيضًا إن في عدد قليل من الأذكياء، مش عارفين إيه اللي بيفرحهم بالظبط، وعلى الرغم من ده كانوا بيميلوا للعزلة برضه، إلا إن الميل للعزلة كان بشكل أقل بكتير من اللي الأذكياء اللي كانوا مدركين إن سعادتهم في تحقيق هدفهم. النوع ده من المدركين إن سعادتهم في تحقيق هدف معين ليهم بيكونوا بُعاد عن البشر، واللي مش مدركين ده أو حتى لهم منظور خاص للسعادة إنها موجودة في التواجد مع البشر، فكانوا بيحاولوا يكوّنوا صدقات ودواير إجتماعية، علشان مايحسوش بالوحدة.
المصادر: businessinsider ncbi.nlm.nih