.
الملف

غشاء البكارة : المتهم ”مش“ بريء حتى تثبت بكارته!

كتبت: مها طه

”كنت متأكد كنت متأكد مع إنى كنت شاكك“ مشهد عمرو عبد الجليل الشهير في فيلم كلمني شكرًا، اللي بالرغم من الطريقة الهزلية اللى بيتقدم بيها إلا إنه بيجسد معتقد موجود بالفعل فى المجتمع وعن ”غشاء البكارة“ دليل العفة الرباني كما يراه البعض!

يرتبط غشاء البكارة عند العقل الجمعي لمجتمعنا بعذرية البنت وشرفها وعدم الوقوع فى المحظور، والحقيقة إن ده بيمثل حالة خوف وتساؤل عند أغلب البنات عن إيه هو غشاء البكارة؟ دوره إيه فى الجسم؟ وهل هو فعلًا مرتبط بالعذرية والشرف؟

غشاء البكارة ما هو إلا غشاء رقيق من الأنسجة المخاطية اللي بتحيط بفتحة المهبل، وبتقوم بتغطيتها جزئيًا. غشاء البكارة له أشكال مختلفة، بعضها رقيق ومرن، وفى منها أكثر سُمكًا وأقل مرونة،

غشاء البكارة له أربع أشكال رئيسية وهى :

  • الغير مُثَقّب: أو المعروف بالغشاء المطاطي، في الحالة دي الغشاء بيكون رقيق لكنه بيغطي فتحة المهبل بشكل كامل. فى الحالة دي دم الحيض مش بيتدفق من المهبل، وعادة الدم بيرجع تانى للمهبل، وفي الحالة دي ممكن يتحول لكتل من الدم فى البطن، مع وجود ألم فى الظهر، و فى بعض المراهقات ده ممكن يسبب ألم مع حركة الأمعاء، وصعوبة فى التبول. بيتم علاج النوع من الحالات بإجراء جراحة بسيطة لإزالة الأنسجة الزائدة، وبكده يبقى حجم فتحة المهبل طبيعى بحيث يتدفق من خلالها دم الحيض.
  • المفصول: فى الحالة دى الغشاء بيكون فيه أنسجة زائدة فى المنتصف، وكأنها بتقسمه لجزئين، وده بينتج عنه فتحتين مهبل صغيرين بدل واحدة بس.  التدخل الجراحي البسيط بيكون الحل عشان يرجع شكل فتحة المهبل للشكل الطبيعى.
  • المُثَقّب: وده غشاء رقيق بيغطى فتحة المهبل بشكل شبه كامل، لكن بيكون فيه ثقوب ومن خلالها بينزل دم الحيض، لكن مش بالشكل الطبيعى اللى من المفروض يتدفق بيه. في الحالة دي كمان فتحة المهبل بتبقى ضيقة وصغيرة جدًا، فى الحالة دى كمان ممكن يحصل تدخل جراحى بسيط عشان يزيل الأنسجة الزائدة، لو كان مسبب مشكلة صحية للبنت.
  • الهلالي: وده الشكل الأكثر انتشارًا فى البنات، والشكل ده بيسمح بتدفق دم الحيض من المهبل.

غشاء البكارة

إيه فايدة غشاء البكارة؟

فى مرحلة التكون الجنيني بتبقى في فتحة واحدة، وفي الأسبوع السادس بيتحدد جنس المولود، ولو أنثى بيتكون حاجز عشان يفصل ما بين الجيب البولي التناسلي والمستقيم. فى الأسبوع التاسع بتبدأ تتكون القناة الرحمية ومهبل بدائي، فى الشهر الخامس بيبقى الرحم والمهبل اكتملوا وبيتكون غشاء البكارة بعد المهبل، فى المرحلة دي الغشاء بيكون قافل فتحة المهبل تمامًا، وقبل الولادة أو بعدها بفترة قصيرة، بتتكون الثقوب فيه وياخد شكله.

غشاء البكارة مش متصل بأعصاب، وفى الأطفال حديثي الولادة، بيبقى لسه تأثير هرمونات الأم موجود، فالغشاء بيبقى سميك، لونه وردى وفيه زوائد، وبيفضل بالشكل ده لحد سن سنتين أو أربعة، و بيكون شكله أميل للشكل الحلقى.

غشاء البكارة مش بس موجود فى أنثى الإنسان لكنه موجود فى كتير من إناث الحيوانات الثديية، زى الشمبانزى، الأفيال، الدلافين، الحيتان، والخيول، ومثلًا فى الأفيال الغشاء مش بيتفض إلا مع عملية الولادة، بس هل معقول يكون سبب وجوده وظيفته إنه يبقى دليل على العذرية مش أكتر من كده مثلًا، طب ما هو موجود فى الحيوانات، وطبعًا مستحيل ينطبق الكلام ده على الحيوانات، أكيد الشمبانزى مايفرقش معاه إنه يتأكد إذا كان هو أول واحد فى حياتها و لا لأ. ومن هنا بدأ علماء الحيوان والفسيولوجى يبحثوا عن أهمية ووظيفة غشاء البكارة.

أهمية ووظيفة غشاء البكارة:

العلماء لحد دلوقتى مقدروش يتوصلوا لرد قاطع فى الموضوع ده، لأنه لو له وظيفة حيوية و مهمة فهو أصلًا بيُفقد عادى وبدون ما فكرة عدم وجوده تسبب أي ضرر أو خلل، لكن فى نظريات كتير حاولت تفسر أهمية وجوده،

(1) أقوى النظريات دي بتقول إن وجود الغشاء ده بيحمي المهبل من تكوّن البكتريا ودخولها للمهبل. من المعروف طبعًا إنه فى خلال فترة الطفولة بيبقى الطفل وعيه بالنظافة الشخصية قليل، فكان وجوده فى مرحلة الطفولة مهم عشان يحمى من الالتهابات والعدوى اللي من السهل جدًا توصل للمهبل وتسبب حدوث أمراض، ووجوده فى إناث الحيوانات بيكون لنفس السبب ده.

(2) في تفسير تاني لوجوده تبناه بعض العلماء لكنه غير مبنى على نظريات، بيقول إن عملية فض الغشاء بتكون غالبًا مؤلمة فى أول ممارسة للجنس، ولأن الأنثى _سواء فى الإنسان أو الحيوان_ لازم تطمن وتاخد وقت كافي للتأكد من إن الذكر متحمل لمسئولية الإنجاب وقادر على رعايتها و رعاية الصغار، فكان وجوده بالشكل ده وارتباطه بالألم ضروي عشان يخلى الأنثى تتمهل شوية فى الاختيار، وتبقى ممارسة الجنس مبنية على نشأة رابطة عاطفية بينها وبين الذكر.

وما بين التفسيرات العلمية أو حتى التحليلات والفرضيات، بيفضل غشاء البكارة مرتبط عمومًا فى مجتمعات كتيرة بالشرف والعفة والعذرية، وطبعًا سمعنا كتير عن جرائم ممكن تحصل وحالات طلاق و غيره، لمجرد فقدان الأنثى للغشاء ده، وكأن التفسير الوحيد لعدم وجوده هو إن الإنثى قامت بعلاقة جنسية بشكل غير شرعى وفقدته، وهنا العلم بيقول إن فض الغشاء ممكن يحصل كنتيجة لأى صدمة عنيفة، سقوط من على سلم، ركوب الخيل أو الدراجات، أو حتى إنه يكون بالعكس غشاء من النوع المطاطي اللى غالبًا لا يمكن فضه إلا عن طريق التدخل الجراحي.

فقدان البنت لغشاء بكارتها يُعتبر هاجس عظيم فى مجتمعنا بالنسبة لكتير من البنات والشباب للأسف، حتى مع وجود حالات طبية تستدعى التدخل الجراحي سواء لفض الغشاء اللي ممكن يكون بيسبب ألم وضرر وعدم نزول لدم الحيض، وهنلاقي مثال في القصة الشهيرة المتداولة عن الأب اللي فضل إن بنته تموت عذراء على إنها تعمل العملية _البسيطة_ دي، وتحل مشكلة احتباس دم الطمث داخل رحمها واللي ممكن يؤدي لوفاتها.

كمان فى مرة من المرات وفى أثناء متابعتي لصفحة طبيب نساء وتوليد مشهور، لقيته بيتكلم عن بنت فى أواخر العشرينات، مازالت مخطوبة، لكنها فوجئت بآلام شديدة فى البطن فعملت تحاليل وفحوصات من خلالها عرفوا بوجود أورام ليفية في الرحم عندها، الغريب إن خوف الطبيب ماكنش من إن البنت عندها أورام ممكن تهدد حياتها، وتهدد حلمها وحقها الطبيعى فى إنها تكون أم، لكن كان همه الأكبر هو إزاى هايقدر يخرج الأورام دى من غير ما يمس غشاء بكارتها، حفاظًا على عذريتها وعلى حياتها مع خطيبها بعد كده كزوجة، وكأن كل ده مش كفيل لعدم التفكير بالشكل ده لوجود غرض طبي من الفض في المقام الأول، وعليه اضطر الدكتور إنه يقوم بالعملية بشكل أشبه بإجراء عملية الولادة القيصرية عن طريق فتح البطن وإخراج الأورام دي!

غشاء البكارة جزء من جسم الأنثى، مش من المفترض إنه يكون هاجس ولا يسبب خوف أو قلق، وخصوصًا مع بداية مرحلة جديدة في حياة البنت والشاب، بيتنقلوا فيها من العزوبية للارتباط والجواز والمسئولية والتفكير فى بناء بيت. غشاء البكارة بيختلف من بنت للتانية ومش دايمًا فضه مصحوب بألم، ولا حتى بيرتبط بحدوث نزيف دموي، لأن في منه اللي متصل بشعيرات دموية بسيطة جدًا.

وفي أغشية بيكون الإمداد الدموي فيها أكتر، لا يصح أبدًا إنه يكون نزول نقطتين دم هو الحكم فيما يتعلق بالعذرية، وعدم الوقوع فى الزنا، لأن الدين والتربية هى اللى بتحمي البنت وكذلك الشاب من أى ممارسة جنسية خارج إطارها الشرعي والطبيعي، مش وجود غشاء للبكارة أو حتى عدم وجوده.


المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى