.
النشرة

خلط المادة بالضوء في درجة حرارة الغرفة لأول مرة

كتبت: مها طـه

قام مجموعة من علماء الفيزياء في جامعة كامبريدج بخلط جزئ من المادة بالضوء في درجة حرارة الغرفة لأول مرة. دائمًا ما كان الضوء والمادة منفصلين ويحمل كلًا منهما خصائص مختلفة عن الآخر، لكن حاليًا استطاع العلماء خلط جسيم ضوئي (فوتون) مع جزئ في قفص ذهبي صغير من المرايا.

ويعد هذا حدث ضخم، لإنه يخلق وسيلة جديدة تمامًا للتعامل مع الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمادة، ويمكنها أن تُغير طريقة معالجة معلوماتنا عن الكم. هذا الخلط المثالي للضوء بالمادة سُمي بـ”الترابط القوي“، وهو ما تحقق سابقًا ولكن في ظروف معملية صعبة في درجات حرارة منخفضة للغاية.

من خلال تحقيق هذا في درجة حرارة الغرفة، أصبحت هذه العملية سهلة كيميائيًا، ما يعني أنه أصبح باستطاعة العلماء استخدامها في الكثير من التطبيقات. قال ”أورتين هيس“، الباحث من الكلية الملكية في لندن، أن العلماء الآن يستطيعون عمل مجموعة من التجارب الكاملة على المادة والضوء، والتي كانت قبل ذلك صعبة ومُكلفة، وأضاف أن الضوء يمكن استخدامه لتغيير التركيب الكيميائي، جزئ ثم جزئ، وأنه من الممكن استخدام هذا الإنجاز في تكنولوجيا الكم، فيمكن استخدام كمات الضوء لنقل المعلومات للمادة واسترجاعها مرة أخرى، وبعيدًا عن التطبيقات فإن هذا الإنجاز يعد أمرًا مذهلًا لمعرفة تأثير كميات الضوء.

جزيئات المادة تستطيع بث الفوتونات _ومضات ضوئية صغيرة_ عندما تتغير حالتها لتتحول إلى طاقة، لكنها بمجرد أن تبث هذه الفوتونات فإنها لا تعود أبدًا مرة أخرى لما كانت عليه، ولا يمكن خلطهم مرة أخرى.

قام فريق الباحثون بعمل فخ صغير داخل المادة، بحيث تبث الفوتون وفي نفس الوقت لا يستطيع الهرب منها، وهو ما أدى لتأرجح الطاقة بين الجزئ والفوتون ذهابًا وإيابًا، خالقًا حالة جديدة يمثل فيها الفوتون جزءًا والمادة الجزء الآخر.

هذه الفخ يعمل وكأنه قاعة ذهبية من المرايا، والمعروف باسم ”ثقب النانو“، وهو تجويف قطره جزء من المليار من المتر، والذي تشكل بين كرة صغيرة وشريط كلاهما من الذهب، الشريط الذهبي يصنع صورة طبق الأصل من الكرة. قام الباحثون بوضع جزئ صبغة داخل الكرة، بحيث تبدأ في بث الفوتون، وفي نفس الوقت تمسح بمحاصرته.

قال ”هيس“ أن حجم التجويف صغير جدًا بحيث لا يصبح للضوء خيار سوى التداخل مع المادة. بتحقيق هذا الإنجاز تمكن الباحثون من التأكد من أن الترابط القوي تم تحقيقه من خلال النظر في نمط الإشعاع الكهرومغناطيسي، والذي يتم تشتييته من خلال جزئ المادة.

عندما تم بث الفوتون وتشتييته، انقسم إلى جزئين، وتأكد العلماء من أن الفوتونات أخذت أقل من جزء من التريليون من الثانية لتعود مرة أخرى إلى الجزئ. والآن بعد أن تمكنوا من تحقيق هذه العملية في درجة حرارة الغرفة، فإن هذا الإنجاز يفتح مجالًا جديدًا لاستكشاف تركيب المادة وطبيعة بعض العلميات كالبناء الضوئي، والتي تستطيع فيها النباتات تسخير الطاقة الضوئية لتوليد طاقة.

المصادر:

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى