.
الملف

تحويل ثاني أكسيد الكربون لطاقة: هتضرب عصفورين بحجر واحد

كتبت: مها طه

في نفس الوقت اللي الكوكب بيعاني فيه من الاحتباس الحراري بسبب انبعاثات الكربون، كان في نقص بشكل كبير في مخزون الطاقة غير المتجددة، وبالتالي بدأ العالم كله يتجه لأساليب جديدة لتوليد الطاقة، من كل حاجة ومن أي حاجة، وياسلام بقى لو عرفنا ناخد حاجة مُضرة، ونحولّها ببساطة لحاجة مفيدة. وهنا الدور كان على غاز ثاني أكسيد الكربون.

”ثاني أكسيد الكربون“ أحد أشهر المواد في العالم، غالبًا مش هتلاقي حد مش عارف الغاز ده، من أول طفل في رابعة ابتدائي لحد الجامعة. وأغلبنا كمان عارف إن ثاني أكسيد الكربون هو ناتج عملية التنفس المهم، واللي بيدخل في عملية البناء الضوئي لتحقيق حالة من التوازن. لكن الحقيقة إن ثاني أكسيد الكربون، بدأ يتراكم في الجو وتبقى معدلاته اعلى من المطلوب والطبيعي، وينتُج عنه آثار سلبية، وعلى رأسها الاحتباس الحراري!

تحويل ثاني أكسيد الكربون لطاقة

فريق من الباحثين الصينين، حاولوا يقدموا حل للمشكلتين ويضربوا عصفورين بحجر واحد، البحث بتاعهم قام على ابتكار مادة جديدة مصنوعة من طبقات ميكروسكوبية من الكوبلت تقدرتحول غاز ثانى أكسيد الكربون لنوع من الوقود اسمه “فورمات– أ”، نوع من الوقود بيحترق لكن من غير ما تنتُج عنه أي مواد سامة، وبكده يصبح ممكن استخدامه كمصدر للطاقة النظيفة.

المادة دي هتكون طريقة جيدة للتعامل مع 36 جيجا طن يعني (36 ألف مليون طن) من غاز ثانى أكسيد الكربون، ده مش مجرد رقم دي كمية غاز ثاني أكسيد الكربون اللي البشر بيطلقوها في الغلاف الجوي سنويًا كنتيجة لاستخدامهم للوقود الحفري (بترول وفحم وغازطبيعي) كمصدر للحصول على الطاقة.

العلماء بقى لهم سنين بيكافحوا عشان يقدروا يوصلوا لحل للمشكلة دي، وبالتالي الاختبارات المبدأية للمادة الجديدة بتُنبئ  بأنها ممكن تكون من أهم الخيارات الواعدة اللي توصل ليها العلماء السنين اللي فاتت.

المادة دي بتُمثل إنجاز علمي مهم طبقًا للي قاله ”كارتيش مانثيرم“، المهندس الكيميائي فى معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، واللي ماكنش ضمن الفريق المشارك فى البحث، وأضاف أنه بالطبع ستتطلب عملية استخدام هذه المادة فى جهاز تجارى ناجح سنوات طويلة من العمل والتطوير، لكن وبكل المقاييس هتكون دي خطوة إيجابية فى هذا المجال.

المادة الجديدة سُمكها فقط أربعة ذرات، وتتكون من طبقات رقيقة جدًا الكوبلت النقى ومزيج معدن الكوبلت مع أكسيد الكوبلت. عندما تخضع  المادة دي لعملية الاختزال الكهربي_ وهى عملية تتم بمرور تيار كهربى صغير خلال المادة لتغيير التركيب الجزيئى لغاز ثانى أكسيد الكربون الموجود داخلها_، بينتج عن العملة دي وقود قابل للاحتراق ونظيف فى نفس الوقت.

عند تمرير تيار كهربى على مادة الكوبلت النانوية، بتتفاعل جزئيات الكوبلت مع جزيئات غاز ثانى أكسيد الكربون، اللى بتتحرك بحرية خلال المادة الجديدة. نتيجة التفاعل ده هيحصل ارتباط لذرات الهيدروجين بذرات الكربون الموجودة فى غاز ثانى أكسيد الكربون، وده اللي هيدفع إلكترون إضافى لواحدة من ذرات الأكسجين الموجودة فى الجزئ، وبكدة يتحول CO2 لـCHOO أو الفورمات.

الاختبارات المعملية للمادة أكدت إنها تستطيع إنتاج كثافات مستقرة للفورمات من تيار قوته 10 مللي أمبير لكل سم مربع لأكثر من 40 ساعة، مع ما يقرب من 90% من الفورمات الذى يمكن استخدامه بفرق جهد 0.24 فولت فقط.

طبعًأ كل الكلام اللي فات ده مُعقد، صح؟! خلينا نشرح بشكل أبسط، فرق الجهد هو كمية الطاقة المفقودة بسبب بطئ التفاعلات الكهربائية- الكيميائية اللي بتحصل عند أقطاب البطارية، وبالتالى كلما قل فرق الجهد، كل ما ده كان أفضل لإنتاج طاقة بكفاءة عالية، وعشان كدة لازم نحافظ على فرق جهد صغير مع الحفاظ فى نفس الوقت على معدل إنتاج الوقود، وده كان السبب الرئيسى لفشل المحاولات السابقة لاستخدام ثانى أكسيد الكربون فى عمليات الاختزال الكهربى.

”مانثيرم“ بيعمل بشكل منفصل على حلول لاستخدام ثانى أكسيد الكربون فى عمليات الاختزال الكهربى، شايف إن المادة الجديدة مش بس بتوفر فرق جهد صغير وبتحقق معدل مرتفع لإنتاج الفورمات لكنها كمان بتحافظ على كل شئ مستقر جدًا. وإن اجتماع الثلاث مميزات دول فى مادة واحدة يعتبر إنجاز كبير في المجال ده، ولذلك بتُعتبر المادة دي هى أفضل المواد المستخدمة لهذا الغرض حتى الآن.

فريق البحث التابعين لمختبر هيفى الوطنى للعلوم الفيزيائية قاموا بوصف المادة فى دورية نيتشر للعلوم، والخطوة التالية هي شرح كيفية دمج هذا وتطبيقه فى مجال التكنولوجيا التجارية، وبكدة يوصل البحث للأهداف الرئيسية له، وهي محاولة إيجاد حل لمشكلة انبعاثات الكربون وفي نفس الوقت حل لمشكلة الطاقة غير المتجددة.

المصادر: popularmechanics  nature

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى