كتبت: مها طـه
كل يوم بيمر بيزيد فيه تعداد السكان في العالم. في نفس الوقت اللي المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية فيه تقريبًا ثابتة، وأحيانًا كمان بتقل. ولأن العلماء دورهم هو إيجاد الحلول للمشكلات، فكان فيه حلول زي اللي اقترحتها منظمة الـFAO بإننا في المستقبل هنضطر نتجه لأكل الحشرات كبديل للبروتينات الحيوانية التقليدية واللي ممكن تعرف عنه أكتر من هنا. من ضمن الحلول لأزمة الغذاء اللي ممكن تصيب العالم، هو اللجوء للمحاصيل المعدلة وراثيا لتعويض النقص في المحاصيل الأساسية.
السلام الأخضر تعارض المحاصيل المعدلة وراثيا من أجل البيئة
منظمة السلام الأخضر Greenpeace، وهي منظمة غير ربحية ومهتمة بشئون البيئة، وتُعتبر من أكبر المنظمات في المجال ده، وليها أكتر من 40 فرع على مستوى العالم كله، اتخذت قرار مُعادي لفكرة استخدام أي من المحاصيل المعدلة وراثيا وإدخالها للبيئة، لإنهم شايفين إن الكائنات دي ممكن تنتشر داخل البيئة بشكل كبير وتتكاثر، وبالتالي ممكن تتسبب في خلل في التوازن وسبب في احتمالية كبيرة لحدوث طفرات جينية على الكائنات الطبيعية الموجودة في البيئة، واللي ممكن تكون نتيجته في النهاية هي تدمير للبيئة بكائناتها.
مظاهرات لمنظمة السلام الأخضر في اسبانيا سنة 2010، بتطالب الحكومة بعدم السماح بالمحاصيل المُعدلة وراثيًا
الموقف المعادي ده دفع أكتر من 100 عالم من الحاصلين على جايزة نوبل _تحديدًا 110 عالم _ للتدخل في الجدال القائم ده، عن طريق رسالة مفتوحة بعتوها لمنظمة السلام الأخضر وغيرها من المعارضين لفكرة استخدام المحاصيل المعدلة وراثيا، وخصوصًا محصول الأرز الذهبي، وده للي ميعرفوش هو واحد من المحاصيل المُعدلة وراثيًا، واللي ليه القدرة على إنقاذ حياة ملايين الأرواح كل سنة، عن طريق خفضه لنسبة الأشخاص المصابين بنقص فيتامين A في الدول النامية الفقيرة زي دول أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
الرسالة المهمة لعلماء نوبل
العلماء كتبوا في الرسالة اللي بعتوها، إن منظمة السلام الأخضر انحازت ضد المحاصيل المعدلة وراثيا من حيث تأثيرها وأخطارها حتى منافعها، إلى جانب تقديمها الدعمّ للتدمير الإجرامي للتجارب الميدانية المعتمدة، ووقوفها في طريق المشاريع البحثية في المجال ده. وكان التساؤل يا ترى في كام شخص فقير في العالم المفروض إنه يموت من الجوع قبل ما يُعتبر الفعل ده كجريمة ضد الإنسانية؟
الباحثين أشاروا في العديد من الدراسات والأوراق البحثية على مدى السنين اللي فاتت إن المحاصيل المعدلة وراثيا آمنة ومش مختلفة كتير عن المحاصيل العادية، كمان تُعتبر فرصة لمضاعفة الإنتاج الغذائي بحلول عام 2050، واللي هيكون حل لأزمة الغذاء اللي مُتوقع إنها تحصل في الدول المتنامية السكان بسرعة.
الأرز الذهبي والأرز الأبيض
لكن فضل موقف المنظمة عدائي تجاه استخدام المحاصيل المعدلة وراثيا. العلماء في رسالتهم قالوا إن كتير من الوكالات العلمية والتنظيمية في جميع أنحاء العالم وبعد تجارب وأبحاث كتيرة، تأكدوا من إن المحاصيل المعدلة وراثيا باستخدام التقنيات الحيوية آمنة تمامًا زيها زي المحاصيل الناتجة بأي شكل تاني، ده غير إن مفيش ولا حالة واحدة حتى تؤكد خطر استهلاك النوع ده من المحاصيل على صحة البشر أو الحيوانات.
الرسالة دي بتُعتبر جزء من حملة بعنوان ”دعم الزراعة الدقيقة“، واللي نظمها ”فيليب شارب“ الحاصل على جازة نوبل في علم الفيسيولوجي لسنة 1993، و”ريتشارد روبرتس“ كبير المسئوليين العلميين في مؤسسة “New England Biolabs”.
وقع على الرسالة لحد دلوقتي 110 من العلماء الحاصلين على جايزة نوبل ومن ضمنهم، ”إليزابيث بلاكبيرن“ الحاصلة على نوبل في الطب لسنة 2009، و”توماس ليندال“ و”بول مودريتش“ الفائزين بنوبل للكيمياء لسنة 2015. صرح ”ريتشارد روبرتس“ للواشنطن بوست، بإن كلهم علماء وفاهمين كويس منطق العلم، ومن السهل جدًا عليهم إنهم يعرفوا إن اللي بتقوم بيه منظمة السلام الأخضر بيُعتبر شئ مُدمر ومناهض للعلم نفسه، وأضاف إن المنظمة في البداية وبعدها مجموعة من مؤيدينها روجوا لإشاعات لتخويف الناس، وإن دي كانت وسيلة من خلالها قدروا يجمعا مبالغ مادية من أجل قضيتهم دي.
نقص فيتامين A خطر يهدد حياة الملايين
الرسالة هدفها الرئيسي هو حث المنظمة على إعادة التفكير في موقفها ضد المحاصيل المعدلة وراثيا بشكل عام، لكنهم قلقانين بشكل خاص من الموقف تجاه الأرز الدهبي. الأرز الدهبي عبارة عن مجموعة من مختلفة من الأرز، واللي تم العمل عليه طبقًا لتقنيات الهندسة الوراثية، عشان يتحول لـ”بيتا كاروتين“ مُخلق بيولوجيًا، ودي المادة اللي بتُعتبر مقدمة لفيتامين A.
منظمة الصحة العالمية (WHO) بتقول إن عدد الأطفال اللي بيعانوا من نقص فيتامين A في العالم حوالي 250 مليون طفل، منهم 40% أعمارهم أقل من 5 سنين، النقص ده ممكن يؤدي للإصابة بالعمى عند الأطفال، وحاليًا توفى 50% من الأطفال في خلال 12 شهر من إصابتهم بالعمى كنتيجة للنقص ده.
وفقًا لليونيسيف، حوالي من 1 لـ2 مليون حالة وفاة ممكن منعها سنويًا، في حالة وجود وسيلة لتعويض نقص فيتامين A، وعشان كدة هما شايفين الأرز الذهبي كمحصول رئيسي في كتير من بلدان العالم ممكن يكن طريقة كويسة لتعويض النقص ده، لو تم إدخاله في نظام الأكل اليومي للناس.
العلماء في نهاية الرسالة وجهوا دعوة قوية جدًا للعمل على حل الخلاف ده، الرسالة دي ممكن نعتبرها بداية الجولة الأخيرة في معركة المحاصيل المعدلة وراثيا. العلماء قالوا إنهم بيوجهوا الدعوة لكل حكومات العالم، عشان يقوموا بكل ما في وسعهم لمعارضة الإجراءات اللي بتتخذها منظمة السلام الأخضر، والتسريع من وصول المزارعين لكل الأدوات البيولوجية الحديثة، وخاصةً البذور المُعدلة من خلال التكنولوجيا الحيوية.
في النهاية الصراع مازال لم يتم حسمه، ومحاولات العلماء واختلافاتهم هي دايمًا السبب في التقدم واكتشاف الجديد، لكننا في نفس الوقت لازم نفهم علاقة كل ده بينا إحنا، للأسف هنا في مصر ومن فترة قصيرة _أقل من شهرين_ حصل بوار لعشرة آلاف فدان من الأراضي اللي بيتزرع فيها الأرز، وبالتالي مصر نفسها ممكن تكون من الدول اللي مُحتمل إنها تاجه أزمة غذاء مستقبلية، وطبعًا للأسف الفلاحين عندنا ميعرفوش أي حاجة عن الكلام ده خالص أصلًا للأسف.
المصادر:
supportprecisionagriculture vox.com goldenrice greenpeace sciencealert