الذبابة التي لا تلمع عينها
كتبت – يارا كمال
كان يا مكان، كان فيه دبّانة من 45 مليون سنة. كانت طايرة وفيه شجرة صادتها في العصارة بتاعتها، فالدبّانة ماتت وفضلت الشجرة محتفظة بجسمها جوه عصارتها لحد دلوقتي، كإنها حنطتها.
وفي أيامنا دي، العلماء فحصوا هذه الذبّابة التعيسة بميكروسكوب قوي جدًا. لقوا إن عينين الدبّانة دي فيها تمويجات دقيقة جدًا ومنتظمة، كل تمويجة فيهم طولها 250 نانومتر (النانومتر هو واحد على مليون من الملليمتر). التمويجات دي بتخلي العين تمتص كل الضوء اللي داخل لها، وماتعكسوش خالص.
طيب إحنا إيه علاقتنا بكل الكلام ده؟
العلم مابيعديش أي معلومة بسيطة إلا لما يستفيد منها. يعني إحنا مثلًا ممكن نستفيد من عين الدبّانة دي في الألواح اللي بتمتص الطاقة الشمسية. إحنا كمان ممكن نطلّع منها 10% طاقة زيادة عشان الألواح دي بتعكس جزء من أشعة الشمس.
العلماء جابوا صمغ شفاف وبيكسر الضوء زي الإزاز ويقدر يستحمل أشعة الشمس، وجابوا بلاستيك برضه فيه نفس الصفات ويقدر يستحمل لسنين، وعملوا بيه تمويجات دقيقة زي اللي في عين الدبّانة. لكم أن تتخيلوا كم الحرارة والضغط والعمليات الصعبة اللي بتحصل عشان يقدروا يطلّعوا بشكل التمويجات ده، في حين إن ده بيحصل في الطبيعة من خلال عمليات بيولوجية في درجة الحرارة العادية.
فيه أشكال تانية لتقليد الطبيعة ممكن تساعدنا في حياتنا. مثلًا خنفسة الصحراء اللي بتعيش في صحراء ناميبيا في أفريقيا، اللي من أكتر الأماكن حرارة وجفاف في العالم كله. الخنفسة دي وقت شبورة الصبح بترفع الجزء الخلفي من صدفتها بـزاوية 45 درجة. الجزء الخلفي ده عندها فيه زي مطبات صغيرة كدة بتحب الميه (Hydrophilic). المطبات دي بتاخد قطرات الميه الصغيرة من الشبورة، والقطرات دي بتتجمّع وتكوّن قطرات كبيرة. وتتدحرج في قنوات مبتحبّش الميه (Hydrophobic)، فالميه متلزقش فيها، وتنزل في بوء الخنفسة بفعل الجاذبية.
فيه عالم اسمه ”د. أندرو باركر“ بيشتغل في متحف التاريخ الطبيعي في لندن بيعتقد إنه يقدر يبني هياكل تقدر تجمّع لتر ميه في المتر مربع في الساعة، بنفس الطريقة بتاعة الخنفسة. وبكده الكائنات اللي بنقرف منها دي غالبا بتكون هي المصدر اللي بنتعلم منه إزاي نطلّع طاقة نضيفة وميه نضيفة، وغيره من حاجات ومحتاجات.