الجمبري يمكنه الكشف عن السرطان حتى قبل ظهور أعراضه
كتبت: مها طـه
يحاول الباحثون الآن بناء كاميرات يُمكنها أن تُحاكي القدرة العظيمة على الرؤية والتي يتمتع بها الـ”Mantis shrimp“ أو جمبري السرعوف، الذي يمكنه أن يرى الخلايا السرطانية ويكشف عن وجودها، وبذلك يمكن الكشف عن السرطانات بشكل مبكر وحتى قبل ظهور الأعراض، كما يمكن التعامل مع الأورام وتحديد موقعها بجميع أنحاء الجسم بشكل أكثر دقة.
لطالما أبهر جمبري السرعوف الباحثين نظرًا لقدرته العظيمة على تسديد اللكمات القوية باستخدام مخلبه القوي، ولكن أدرك الباحثون أن تسديد هذه اللكمات الدقيقة للفرائس يحتاج إلى بصرٍ حاد لدرجة لا تُصدق.
في عام 2014، خرج فريق بحث استرالي بنتائج تُشير غلى القدرة البصرية العظيمة له، والتي تبين أنه من خلالها يمكن رؤية السرطان. وككل المفصليات الأخرى، فإن الجمبري السرعوف لديه عيون مركبة تتكون من آلاف المُستقبلات الضوئية التي تُسمى بالعوينات، الفريد من نوعه في هذا الكائن هو أن قدرته البصرية تفوق ما نراه نحن كبشر، فما يُعد غير مرئيًا لنا ببساطة يدخل ضمن نطاق رؤيته، حيث أن عيونه تعمل على استقطاب الضوء.
الضوء العادي يتكون من خليط من الموجات التي تتحرك في كل الاتجاهات في وقتٍ واحد، لكن بعض الأسطح يمكنها استقطاب الضوء بحيث تغير من الضوء الذي تعكسه أو تنقله، تنظمه في شكل يجعله يتحرك كوحدة واحدة.
العين البشرية لا يمكنها التفريق بين الضوء المُستقطب وغير المُستقطب، بينما يستطيع الجمبري السرعوف فعل ذلك، وهو ما يُعد مهمًا، نظرًا لأن الباحثين أظهروا أن النمو المتسارع للخلايا السرطانية غير المنتظمة يجعلها تعكس الضوء المُستقطب بشكل مختلف عنه في الأنسجة السليمة، وهو ما لا يُمكننا كبشر إدراكه، في حين يُدركه الجمبري السرعوف.
اكتشف الباحثون أن هذا الفرق في عكس الضوء المُستقطب بين الخلايا السليمة والمُصابة يظهر مبكرًا وحتى قبل ظهور باقي أعراض المرض، حاليًا يعمل مجموعات من الباحثين على بناء كاميرا يُمكنها أن تُحاكي ما يحدُث في عين الجمبري السرعوف، بحيث تكون شبيهة بالعيون المركبة للمفصليات والحشرات.
قال ”فيكتور جرويف“، قائد فريق البحث بجامعة إلينوي، أن النظر للطبيعة يُمكنه أن يُساعد في تصميم وتطوير تقنيات أفضل وأكثر حساسية للتصوير. وقد صمم فريقه كاميرات لا يُمكنها فقط رؤية أنماط الاستقطاب المختلفة على أسطح الأنسجة البشرية والحيوانية، ولكنها أيضًا صغيرة بما يكفي لاستخدامها في المناظير الطبية ومناظير القولون.
استخدم الباحثون هذه الكاميرات في واحدة من دراساتهم على سرطان القولون في الفئران، وهو ما كان يعتمد فيه الكشف على إدخال المنظار والنظر لشكل الخلايا التي تبدو مختلفة وبالتالي تحديدها وتشخيصها (تظهر الصور أبيض وأسود)، ولكن اتضح أن بعض الخلايا السرطانية لا تبد مختلفة كثيرًا عما يحيط بها، وهو ما ساهم في الكشف عنه هذه الكاميرات الجديدة المستوحاه من الجمبري السرعوف، حيث تعطي هذه الكاميرات صور ملونة، يمكنها المساعدة بشكل أكبر في التشخيص.
المثير للاهتمام أن الأنواع المختلفة من الخلايا السرطانية، لها درجات استقطاب مختلفة أيضًا. حاليًا يجري استخدام هذه الكاميرات في التجارب السريرية على المرضى الذين يعانون من سرطان الثدي بهدف إزالة هذه الأورام.
المصادر: proceedings npr sciencealert