بكتريا التربة المعدّلة وراثيًا تعمل كأسلاك كهربائية
كتبت: يارا كمال
عدّل علماء برعاية مكتب البحوث البحرية (ONR) بكتريا تربة شائعة وراثيًا لصناعة أسلاك كهربائية والتي لن تنقل الكهرباء فقط، ولكنها أرفع آلاف المرات من شعرة الإنسان.
بما أن الأجهزة الإلكترونية تلمس كل جوانب حياة الناس بشكل متزايد، تزداد الرغبة في التكنولوجيا الأصغر والأسرع والأكثر قابلية للحمل والأكثر قوة من ذي قبل. بفضل تقدم تكنولوجيا النانو، يمكن صناعة مواد يُقاس سمكها بمليارات الأجزاء من المتر.
قال الباحثون، الذين يقودهم عالم الأحياء الدقيقة د. ديريك لوفليي من جامعة ماساتشوستس في أمهيرست، لإن أسلاكهم المهندَسَة تلك يمكن أن تُنتج باستخدام موارد الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وثاني أكسيد الكربون ومخلفات النبات، وتُصنع من مواد طبيعية غير سامة، ويُمكن تجنب العمليات الكيميائية القاسية التي تُستخدم عادةً في صناعة المواد الإلكترونية النانوية.
قالت د. ليندا كريسي، مسئولة في قسم أداء المحاربين في مكتب البحوث البحرية، إن بحث كهذا قد يقود إلى تطور مواد إلكترونية جديدة ليفي بالطلب المتزايد على أجهزة الكمبيوتر الأصغر والأكثر قوة، إن القدرة على إنتاج أسلاك رفيعة للغاية باستخدام مواد مستدامة يمنحنا نطاق ضخم من التطبيقات المحتملة كمكونات الأجهزة الإلكترونية مثل أجهزة الاستشعار والترانزستورات والمكثفات.
يعتمد عمل ”لوفليي“ على بكتريا ”Geobacter“ التي تُنتج أسلاك نانوية ميكروبية، وهي خيوط بروتينية تشبه الشعر بارزة من الكائنات، تسمح بعمل توصيلات كهربائية من خلال أكسيدات الحديد تدعم نموها في الأرض. بالرغم من أن تلك البكتريا تحمل طبيعيًا كهرباء كافية لبقائها، فإن التيار الكهربائي ضعيف جدًا بالنسبة للاستخدام البشري، ولكنه ملحوظ بالنسبة للأقطاب الكهربائية.
عدّل فريق ”لوفليي“ التركيبة الجينية للبكتريا لاستبدال حمضين أمينيين الموجودين بشكل طبيعي في الأسلاك بحمض أميني آخر وهو التربتوفان، إلا أنه جيد للغاية في نقل الإلكترونات على نطاق النانو.
قال ”لوفليي“ إنه بمعرفة المزيد عن الكيفية التي تعمل بها الأسلاك النانوية الميكروبية، يمكنهم أن يفهموا أنه من الممكن تحسين تصميم الطبيعة، وإنهم أعادوا تنظيم الأحماض الأمينية لإنتاج سلك نانو اصطناعي، والذي يظنون أنه سيكون أكثر توصيلًا للكهرباء، وإنهم تمنّوا أن تظل البكتريا تكوّن أسلاك نانوية مع مضاعفة توصيلها للكهرباء.
تجاوزت النتائج توقعات الفريق، فكانت الأسلاك النانوية المعتمدة على التربتوفان أكثر توصيلًا للكهرباء من نظائرها الطبيعية بألفي مرة، كما كنت أكثر متانة وتحملًا وأصغر بقطر 1.5 نانومتر أي أرفع من شعرة الإنسان بـ60 ألف مرة، ما يعني أن آلاف الأسلاك النانوية يمكن تخزينها في أصغر المساحات.
يمكن استخدام هذه الأسلاك النانوية في عدة تطبيقات منها الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الكمبيوتر التي تستمر في الانكماش حجمًا ، كما يمكن تركيبها في أجهزة الاستشعار الطبية، حيث يمكن متابعة معدل نبضات القلب ووظائف الكلى عن طريق حساسية الأسلاك لتغيرات درجة الأس الهيدروجيني أو درجة الحموضة.
ومن المنظور العسكري، يمكن للأسلاك النانوية تغذية الميكروبات المهندَسَة خصيصًا لإنتاج البوتانول، وهو وقود بديل، بالتيار الكهربائي. قد يكون ذلك مفيدًا في المناطق البعيدة مثل أفغانستان، حيث تُهاجم قوافل الوقود مما يتكلف مئات الدولارات للجالون الواحد لنقل الوقود إلى المحاربين.
قد تلعب تلك الأسلاك النانوية دورًا حاسمًا أيضًا في توفير الطاقة للميكروبات عالية الحساسية، والتي يمكن وضعها على شريحة سيليكون وإرفاقها بمركبات غير مأهولة، والتي يمكنها استشعار وجود الملوثات والمواد السامة والمتفجرات.
المصدر: