النابلم الكامن الذي تحايلنا عليه في خط بارليف!
كتبت: يارا كمال
وأنا صغيرة كان عندي كراسة صغيرة كده كاتبة فيها اللي بابا حكاهولي عن حرب 6 أكتوبر، وكان الحدث اللي واخد الأهمية الأكبر فيها هو عبور القناة وخط بارليف، وكان الجزء المثير في القصة بالنسبة لي هو موضوع أنابيب النابلم اللي عند خط بارليف، واللي لو الجيش المصري حاول يضربه بالمدفعية، ممكن الأنابيب دي تطلّع النابلم اللي جواها واللي هيطلع على سطح القناة، وبالتالي الجنود المصريين ماكانوش هيقدروا يعبروا القناة من الأساس وعشان كده الضفادع البشرية المصرية كان لازم ينزلوا في الخباثة ويقفلوا الأنابيب دي بحيث يمنعوا إن النابلم يطلع أصلًا.
طب إيه هو النابلم أصلًا؟
النابلم عبارة عن جل حارق بيلزق في الجلد وبيحرق لحد العضم، توصلوا له يوم الفلانتاين سنة 1942 (شفتم الرومانسية في اليوم؟) في مختبر هافارد السري لأبحاث الحرب. وسنة 1945، قتل أكتر من 87.5 ألف في طوكيو، يعني أكتر من اللي ماتوا في الانفجارات الذرية في هيروشيما أو ناجازاكي. كمان النابلم حرق 64 من أكبر مدن اليابان.
الخبراء العسكريين اعتبروا النابلم فعّال ضد المواقع المحصّنة زي المخابئ والأنفاق والمركبات .. إلخ. النابلم بيمسك في أي حاجة بيلمسها، وبيعمل منطقة محترقة كبيرة حوالين الهدف بدرجة حرارة عالية جدًا، عشان كده الجيوش اللي بتستخدمه مابتخافش من إن قنابل النابلم ماتصيبش الهدف بالظبط، عشان كده كده النابلم هيحرق منطقة كبيرة في الغالب هتشمل الهدف بشكلٍ ما. ولما النابلم بيشتعل، بيتحرق لدرجة حرارة أكبر من 2760 درجة مئوية.
طب إيه اللي خلّانا كبشرية نستخدم الاختراع المؤذي ده؟
القوات الأمريكية والألمانية في الحرب العالمية الأولى كانوا بيستخدموا مواد تانية في قاذفات اللهب غير النابلم، بس حسّوا إن المواد دي مش فعّالة لإن الجازولين اللي كان بيستخدم وقتها كان بيبعد عن الهدف لإنه سائل.
المهم فيه فريق من العلماء بقيادة ”لويس فيزر“ وصلوا للنابلم. الفريق ده صنعه من صابون الألمونيوم الممزوج بحمض النفتالين المستخرج من النفط الخام، والحمض النخليك أو حمض البالمتيك المستخرج من زيت جوز الهند، ومن هنا جت كلمة نابلم: ”na“ من naphthenic اللي هو النفتالين، و”Palm“ من palmitic اللي هو البالمتيك.
لما النابلم ده بقى يتحد مع الجازولين يبقى سلاح فعّال ورخيص. مش عارفين من غير حضرتك يا د. لويس كنا هنعمل إيه الحقيقة؟ كمان النابلم ممكن يترمي من مسافة بعيدة ويبقى آمن على الجنود اللي بيستخدموه. بالنسبة لنا إحنا بقى كبني آدمين، النابلم بيسبب لنا حروق رهيبة يصعب على الأطباء علاجها، مجرد تلامس بسيط مع المادة دي ممكن يسبب حروق من الدرجة التاني، واللي بتسيب في الآخر علامات اسمها الجدرات (Keloids).
النابلم ممكن يسبب الموت بالحروق أو بالاختناق. قنابل النابلم بتولّد أول أكسيد الكربون، اللي بشكل تلقائي بتزيل الأكسجين من الهوا. يعني الهوا في المنطقة اللي بيحصل فيها الانفجار بيبقى نسبة أول أكسيد الكربون فيه 20% أو أكتر، وده لإن النابلم بيحوّل ثاني أكسيد الكربون لأول أكسيد الكربون. والمكونات الخام للنابلم برضه مضرّة، هيجيبه منين يعني، يعني مثلًا البوليسترين، وده أحد مكونات النابلم، لما بيتحرق في درجات حرارة عالية بيتحوّل لستايرين، ودي مادة سامة.
تخيلو بقى لو الضفادع البشرية المصرية اللي نزلوا يسدوا أنابيب النابلم، كانت حصلت أي حاجة والأنابيب اتفتحت والنابلم صابهم، كان بقت إيه النتيجة؟ في بعض حالات استخدام النابلم في العالم، فيه ناس اتغلوا حتى الموت في أنهار نتيجة الحرارة اللي اتسببت فيها قنابل النابلم.
في النهاية، أحب أوريكم الصورة دي:
دي صورة مشهورة أوي لبنت من الناس اللي اتصابوا بالنابلم في الهجوم الأمريكي على فيتنام، وهي كانت ظاهرة في الصورة عريانة لإنها قطّعت هدومها اللي كانت بتتحرق من عليها، ولحد وقت قريب كانت بتتعالج من إصابتها، ودي صورتها بعد ما اتعالجت بالليزر:
أنتوا متخيلين كم الألم والدمار اللي بيسببه النابلم؟
المصادر: books.google howstuffworks howstuffworks1 theguardian hup.harvard