عن ”تغير المناخ “: ما بين الأدلة والكارثة المنتظرة!
كتبت: مها طه
من حوالي 3 سنين انعقد مؤتمر تغير المناخ بباريس، وتحديدًا في الفترة ما بين 30 نوفمبر و 12 ديسمبر 2015. ونتج عن مؤتمر باريس اتفاق تاريخى _ بحضور 196 وزير ممثلين عن دولهم _ تتعهد فيه الدول المتقدمة والنامية على حد سواء بتقليل الانبعاثات المؤدية للاحتباس الحرارى بحلول عام 2100.
وكان الاتفاق على تقديم تقرير كل 5 سنين عن ما تم إنجازه. تم الاتفاق على الحد من الاحتباس الحرارى بالعمل على خفض درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية لتفادى كارثة ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئوية.
إيه هو تغير المناخ أصلا؟ وإيه علاقته بالاحتباس الحرارى؟
تغير المناخ هو تغير ملموس ومؤثر فى أحوال الطقس؛ مثلا تغير درجات الحرارة، معدل سقوط الأمطار، تساقط الثلوج، وحركة الرياح. يتغير المناخ على المدى الطويل طبيعيًا نتيجة نواتج العمليات الحيوية (ثانى اكسيد الكربون)، واختلاف كمية أشعة الشمس التى تستقبلها الأرض، والثورات البركانية. أما تغير المناخ الحالى والذى قد يؤدى لكوارث بيئية، فهو نتيجة نشاطات الانسان والذى يتسبب عنه ظاهرة الاحتباس الحرارى .
اُكتشف فى منتصف القرن الـ19 طبيعة الاحتباس الحرارى الموجودة فى غاز ثانى أكسيد الكربون، وبعض الغازات الاخرى، والتى سُميت بغازات الاحتباس الحرارى. من هنا ظهر مصطلح (ظاهرة الاحتباس الحرارى )، وهى ظاهرة ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض نتيجة انبعاث تلك الغازات كغاز ثانى أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الوقود أو إزالة الغابات, فتحتبس الحرارة على سطح الأرض دون تسريبها للغلاف الجوى .
المناطق الجليدية كالقطب الجنوبى والأنهار الاستوائية المتجمدة أثبتت أثر زيادة غازات الاحتباس الحرارى على ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض, بالإضافة لكونها وضحت أن تغير المناخ ممكن يحصل على مدى قصير (عشرات السنين مثلًا) كما يقول علماء الجيولوجيا.
ورصدت وكالة ناسا للعلوم الفضائية بعض الأدلة المقنعة التى تثبت تغير المناخ السريع.
ايه هي الادلة ديه؟
1– ارتفاع مستوى البحر: يرتفع مستوى البحر لسببين، أولًا انصهار الجليد فى المناطق المتجمدة، وثانيًا تمدد مياه البحار نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، مما يؤدي لتعرض بعض المناطق للغرق كاملة.
ملحوظة: تتمدد المياه المالحة للبحار لا المياه العاذبة بالحرارة، لوجود الملح كمكون رئيسي بها يتمدد كغيره من المواد مع راتفاع درجة الحرارة.
2 – ارتفاع درجة الحرارة العالمية: تم رصد تغير درجات الحرارة خلال الـ134 سنة الماضية، وُجد أن أدفأ 9 سنين كانت منذ عام 2000 بالإضافة لعام 1998. كما سجلت سنة 2014 أعلى معدل للدفئ (طبقا لوكالة ناسا). ارتفاع درجات الحراره قد يؤدى إلى زيادة معدلات البخر والترسيب (تبخر المياه وترسب الأملاح)، وبالتالى ستصبح بعض المناطق أكثر رطوبة والبعض الآخر أكثر جفافا.
نتيجة لزيادة نسب غاز ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى iتستخدمه بعض المحاصيل والنباتات فى القيام بعملية البناء الضوئى، والنمو بشكل أكبر من الطبيعي مع استهلاك الكثير من المياه مما يؤدى لخلل التوازن البيئي نفسه. فى نفس الوقت مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية ستتغير المناطق المثالية لنمو المحاصيل المختلفة مما سيؤثر على كمية بعض النباتات الطبيعية والمحاصيل المهمة.
3 – ارتفاع درجة حرارة المحيطات: من المعروف أن المحيطات تمثل 70% تقريبا من سطح الأرض، ويمثل 97% من المياه على الكوكب. تلعب المحيطات دور كبير فى الاتزان البيئى لإنها تمتص درجة الحراره من الأرض وتعيد توزيعها مرة أخرى. قدرة الطبقة السطحية من المحيطات (تمتد لبعض الأمتار) على امتصاص الحراره تساوى تقريبا قدرة الغلاف الجوى كله، وبما إن درجة حرارة الغلاف الجوى ترتفع، فبالتالى فإن درجة حرارة المحيطات كذلك، وفى تلك الحالة ستضطر الكائنات الحية التى تعيش فيه إلى التكيف مع الظروف الجديدة أو الموت!
وُجِدَ مؤخرا أن نوعًا من القشريات البسيطة قلّ بنسبة 80% لإنه يعيش فى المياه الباردة ويتكاثر فيها, وبانخفاض أعداده سيحدث اضطراب فى سلسلة الغذاء ككل. وسلسلة الغذاء فى المحيطات عبارة عن عوالق أو هائمات (كائنات صغيره ونباتات مائية بسيطة وبكتريا) تتغذى عليها القشريات البسيطة (أنواع تشبه الجمبرى ولكن اصغر) لتتغذى عليها القشريات والأسماك والحيتان.
وللمحيطات قدرة كبيرة على امتصاص غاز ثانى اكسيد الكربون نتيجة وجود النباتات المائيه التى تمتصه للقيام بعملية البناء الضوئى ولإن حجم المحيطات أكبر فإنه يمتص تقريبا ربع كمية غاز ثانى اكسيد الكربون الناتج عن عمليات احتراق الفحم و البترول.
زيادة نسبة غاز ثانى اكسيد الكربون تؤدى لتغير الطبيعة القلوية للمحيطات (زيادة درجة الحموضة)،والطبيعة القلوية للمحيطات مهمة لتكوين الهياكل الخارجية التى تحمى الحيوانات المائية كالأصداف، القواقع، المحارات، بعض القشريات، وبعض الشعاب المرجانية.
مصر وتغير المناخ
وكما هو معروف أن مصر شاركت فى مؤتمر باريس لتغير المناخ، حيث إن مصر من الدول المتوقع تأثرها الكبير بتغير المناخ بسبب موقعها الجغرافى الذى يطل على البحر، ومع ارتفاع مستوى البحر المستمر فإن الدلتا قد تتعرض للغرق كليًا، وسيؤثر تغير المناخ على كمية الأمطار نتيجة زيادة البخر مما قد يؤدى لتناقص مياه النيل، وبالتالي هتؤدي لنقص إنتاج الحبوب (مصدر الغذاء الرئيسى فى مصر).
سيمتد التأثير للثروة السمكية فى مصر نتيجة زيادة ملوحة البحيرات نتيجة لتبخر الماء، وترسب الأملاح فيها مما قد يهدد البيئة المائية بالإضافة للتوابع الاقتصاديةالضخمة. لذلك يجب أن تسعى مصر للاتجاه لتقليل استخدام الوقود (فحم و بترول و غاز طبيعى) للتقليل من آثار احتراقه، ومحاولة تعديل المناخ طبقا لاتفاقية باريس.
المصادر:
- climate.nasa
- theguardian
- wikipedia
- wri