حوا اللي نزّلت آدم من الجنة وطلعته الفضاء!
كتبت: يارا كمال
كل حاجة وحشة في الدنيا سببها الستات! الستات سوّوا .. الستات عملوا .. الستات همّا اللي طلعوا آدم من الجنة. ده اضطهاد والله! طبعًا احنا مش هنناقش مين طلع مين من فين. بس خلونا نتكلم عن الإيجابيات والإنجازات يا جماعة مش كده.
أنا هحكيلكم قصة لمكان الستات اخترقوه وقدروا يحققوا فيه إنجازات حتى لو مكانش حد عارف هما ازاي أفادوا العلم والبشرية. القصة دي مش أنا اللي بحكيها. اللي بتحكيها كاتبة علمية اسمها ”ناتاليا هولت“ في كتابها ”Rocket Girls: The Women Who Propelled Us, From Missiles to the Moon to Mars“ أو فتيات الصواريخ: السيدات اللاتي دفعونا من الصواريخ إلى القمر إلى المريخ. الستات دول اللي جمعهم مكان اسمه ”مختبر الدفع النفاث – Jet Propulsion Laboratory“، وده المركز الرائد في الولايات المتحدة الأمريكية للاستكشاف الروبوتي للنظام الشمسي.
قبل تطور الكمبيوتر، المختبر كان محتاج ناس يشتغلوا فيه يظبطوا الحسابات المطلوبة للبعثات والاكتشافات والذي منه. المختبر نشر إعلان مطلوب فيه ناس يشتغلوا ”كمبيوترات“: computers urgently needed to apply. الإعلان كان مثير جدًا بالنسبة للستات، رغم إنهم ماكانوش عارفين إيه المقصود بإنهم يشتغلوا كمبيوتر، بس هما كانوا موهوبين جدًا في الرياضيات والحسابات، وكان وقتها صعب الستات يلاقوا فرص عمل في المجال العلمي، وكان المتوفر وقتها إن الست تشتغل ممرضة أو مدرسة أو سكرتيرة، ففكرة أصلًا إنهم يلاقوا فرصة شغل في المختبر ده، فرصة عظيمة أساسًا.
الستات بدأوا يلعبوا أدوار فعّالة في بعثات المختبر من الأربعينات. يعني مثلًا ”باربرا بولسون“ اشتغلت في المختبر سنة 1948. في الأيام دي، كان المختبر بيصمم صواريخ لجيش الولايات المتحدة الأمريكية، وباربرا هي اللي كانت بتحسب مسارات الصواريخ، دي كمان لعبت دور في إطلاق ”Explorer 1“، أول قمر صناعي أمريكي، لإنها كانت مكلّفة تقعد في مركز العمليات، وتتعامل مع البيانات اللي جاية من القمر الصناعي ومن محطة التتبع.
المستعمرة النسائية:
مع الوقت، بقى فيه مجموعة من الستات بتعمل الحسابات الخاصة بالمسارات، وكان فيه اتنين مشرفات عليهم ماكي روبرتس وهيلين لينج. المشرفتين دول كانوا بيعينوا ستات بس، لإن كان فيه اعتقاد وقتها إن فيه وظايف مناسبة أكتر للستات، ووظايف مناسبة أكتر للرجالة (والصراحة لحد دلوقتي الاعتقاد ده موجود)، وعشان الرجالة مايكسروش الطبيعة المتماسكة للمجموعة، زائد إن رجالة ماكنوش هيبقوا مرتاحين تحت إدارتهم ولا هما كمان كانوا هيبقوا مرتاحين. كمان كانوا حاسين إن دي الفرصة الوحيدة للستات لشغل زي ده. من الآخر، عملوا مستعمرة نسائية في الشغل. أيوه، هو اضطهاد باضطهاد وبالبادي أظلم.
الأم الحنون:
وهيلين كانت بترجع تعيّن الستات اللي بيمشوا من المختبر، لإن في الستينات، كانت اللي تجيب عيال، تمشي من المكان، حتى واحدة بأهمية باربرا بولسون لما جابت أول طفلة ليها سابت المكان ورجعت سنة 1961، وستات كتير رجعوا بفضل هيلين.
هيلين كانت بتشغّل الستات اللي كانوا نفسهم يبقوا مهندسات بس معاهمش الشهادات اللازمة لده، وكانت بتشجّعهم إنهم يروحوا مدرسة ليلية، وكانت نتيجة ده إن المعمل اتملى ستات مهندسات.
هنطلعها سلمة سلمة:
وبرضه من القصص الملهمة في المكان ده قصة ”جانيز لاوسون“، ودي شابة أمريكية من أصل أفريقي، خدت أشهادتها في الهندسة الكيماوية من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. جانيز كانت عارفة إنها مستحيل تبقى مهندسة، بس قدّمت في الوظيفة دي اللي طلبها المختبر: إنها تشتغل ”كمبيوتر“، وده اللي حط رجلها على أول الطريق. جانيز كانت أول شخص أمريكي من أصل أفريقي ياخد وظيفة تقنية في المختبر، وكانت حكاية كبيرة ساعتها، وبالفعل تميزت هناك لدرجة إنها كانت واحدة من شخصين راحوا مدرسة تدريبية استثنائية تابعة لشركة ”IBM – آي بي أم“، وبالفعل بقت جزء من بعثات مهمة كتير، وبقت مهندسة كيميائية وكانت مسيرتها المهنية هايلة.
الجنديات المجهولات:
فريق الستات ده كان ليه إنجازات كتير من ورا الأبواب المغلقة. كانوا جنود مجهولين. يعني مثلًا بعثة ”Voyager“ كانت هيتم اختصر المسافة اللي هتقطعها نتيجة تخفيضات في الميزانية، المهم الستات دول حاولوا يوصلوا لأحسن مسار تمشي فيه البعثة، ولولاهم كانت وصلت لحد زحل بس، وماكنتش اكتشفت كل المجموعة الشمسية.
مايجيبها إلا ستاتها:
مع تطوّر الكمبيوتر، المهندسين الرجالة اللي في المعمل كانول مقلقين منه ومش حابينه، وحاسين إن دي وظيفة الستات مش وظيفة المهندس، فالستات هما اللي تحمسوا للبرمجة عشان يحسبوا المسارات للكواكب على الكمبيوتر.
كل شوية الكمبيوترات تتطور، وبالتالي مجموعة الستات دول بقى مطلوب منهم يبرمجوا أكتر، ومع الوقت، مابقوش بيعملوا الحسابات دي بإيدهم. مع الوقت، المهندسين الرجالة بقوا محتاجين أفلام رسوم متحركة بالكمبيوتر عشان تساعدهم يطوروا المهمات بتاعتهم. الأفلام دي هتوريهم المسارات والكواكب أثناء تحليق المركبة الفضائية. قامت ”ليندا لي“، خريجة جامعة كاليفورنيا في بيركلي – برنامج علوم الكمبيوتر، حوّلت تحليل المسار اللي بيعمله المختبر للمهمة اللي هتقابل مذنّب هالي لواحدة من أوائل الرسوم المتحركة لمهمة فضائية.
مكملين:
اللطيف في الأمر إن من الستات دول اللي كانت مسيرتهم المهنية طويلة، زي ”سوزان فينلي“، واللي اشتغلت من سنة 1958، ودي الست اللي خدمت أطول مدة في ناسا، ولسه بتشتغل لحد دلوقتي. وباربرا تقاعدت سنة 1993، بعد 42 سنة شغل.
الستات دول غيروا في ثقافة التحيز ضد المرأة، وساعدوا في إن المرأة تخترق مجالات الرجالة كانوا مسيطرين عليها، وبرضه كان ليهم لمساتهم الأنثوية، حتى في الأنشطة الاجتماعية في المختبر زي مسابقات الجمال، واللي كانت بتقرّبهم من زمايلهم الرجالة.
وبرضه كانوا مظبطين نفسهم، وكانت ساعات عملهم مرنة، وممكن يظبّطوا مواعيدهم مع حياتهم، بس برضه أزواجهم ماكانوش دايمًا سهل يتعاملوا مع طبيعة عملهم، بس فيه منهم الصراحة اللي كانوا واقفين جنبهم.
بس المشكلة، إن الستات دول ياخدوا التقدير المناسب لإنجازاتهم. سوزان فينلي كانت بتقول إنها كانت بتشتغل على قياس بعثة اسمها ”Ranger 3“ بإيدها مش على الكمبيوتر، ولما الكل عرف إن البعثة دي مش هتقدر توصل للقمر، رجعت البيت. لما روّحت، لقت جوزها بيتفرّج على الأخبار، وكان طالع في التليفزيون سبورة مكتوب عليها الأرقام اللي هي حسبتها، فقالت وقتها: ”دي أرقامي. تقريبًا مفيش حد يعرف إن الستات هما اللي عاملين الشغل ده“.
من الآخر، الستات دول يمكن كانوا أجدع من ستات دلوقتي. ناتالي اللي كتبت عنهم بتقول إن 37% من الشهادات في علوم الكمبيوتر كان بياخدها ستات سنة 1984، دلوقتي النسبة دي وصلت لـ18%. يمكن كان مشجعهم إنهم يتحدوا ويدخلوا مجال محصور على الرجال، بس بدل هما قدروا يوصلوا للإنجازات، يبقى أكيد سهل علينا احنا كمان نقدر.
المصادر:
