الطفرات الجينية سلاح القوى الخارقة لدى البشر! الجزء الأول
كتبت : مها طـه
طبعًا أغلبكم عارفين سلسلة أفلام (X- men). السلسلة كلها بتتكلم عن بشر ليهم قوى خارقة، بتحصل لهم طفرات جينية، بتخليهم يتولدوا بالقوى دي. كمان حالة ”spider man“ تعتبر طفرة جينية، العنكبوت لدغه، فاختلط الـDNA بتاع العنكبوت بالـDNA بتاع البطل، وبقى ”spider man“ اللي إحنا عارفينه. وبصرف النظر عن إن ده طبعًا مش حقيقى ولا حاجة، وحتى الأساس العلمي اللي مبنية عليه الأفلام دي تقريبًا مش موجود، لكنها صورت حلم من أحلام البشر وهي امتلاك قوى خارقة.
في الجزء الأول من مقال ده بقى هنتعرف على 5 من قوى خارقة لكن ”حقيقية“ موجودة عند البشر، واللي السبب فيها الطفرات الجينية النادرة والموجودة في أنواع معينة من البشر وفي أماكن معينة كمان، واللي غالبًا هدفها الرئيسي هو التكيُف مع الظروف المحيطة بالإنسان.
5 من الطفرات الجينية المسئولة عن بعض من القوى الخارقة لدى بعض البشر:
1. حماية أبدية ضد أمراض القلب:
في الوقت اللي كان عندنا فيه خوف من الإصابة بأمراض القلب وارتفاع الكوليسترول بسبب نوعية أكلنا غير الصحي اللي بنعتمد عليه معظم الوقت، المشكلة مش بس في الأكل غير الصحي وبس، ده حتى البيض طلع بيزود الكوليسترول في الدم، ولازم يتاكل بكميات معينة، في ناس بقى مش بتخاف من الموضوع ده خالص، ممكن ياكلوا اللي على مزاجهم وفي بطنهم بطيخة صيفي! ليه بقى عشان الحياة غير عادلة وخلاص؟ لأ .. عشان الطفرة الوراثية.
بعض البشر بيتولدوا بطفرة جينية بتحافظ على مستوى الكوليسترول في الدم، وللي مش عارف الكوليسترول هو البروتينات الدهنية اللي كثافتها منخفضة، واللي لو زادت في الدم عن نسبة معينة بتترسب في الشرايين وتسدها، وتهدد بكل أمراض القلب والأوعية الدموية تقريبًا، الناس دول بقى مهما أكلوا أطعمة بترفع الكوليسترول، الطفرة دي بتخليه ولا كأنه موجود في الدم أصلًا.
وعشان نكون أوضح خلينا نقول إن البشر دول، فقدوا جين اسمه ”PCSK9“، وبالرغم من إنه في الطبيعي، لو الشخص اتولد ناقص جين، فده معناه وجود خلل ما، إلا إن في الحالة دي الأشخاص دول محظوظين، وفقدانهم للجين ده كانت آثاره إيجابية.
حاليًا شركات الأدوية بتشتغل على تصنيع حبوب هدفها وقف عمل الجين ده، بعد ما اكتشفوا الطفرة دي، واكتشفوا علاقة الجين بمستويات الكوليسترول في الدم. الدواء ده حاليًا في مراحل التجارب الأولية ويتوقع العلماء قريب إن الدوا هياخد موافقة ”إدراة الاغذية والأدوية – FDA“. المرضى اللي تم تجربة الدواء ده عليهم، انخفضت عندهم مستويات الكوليسترول بنسبة أكتر من 75%، الغريب بقى إن العلماء لقوا الطفرة دي موجودة أكتر في عدد من الأمريكين من أصول أفريقية، واللي بيتمتعوا بحماية من أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 90 %.
2. مناعة ضد الإيدز:
مرض الإيدز أو نقص المناعة المكتسبة، أكيد على الاقل سمعنا عنه، وعارفين مدى خطورته، وللي يحب يعرف أكتر ادخل هنا. بعض البشر بقى عندهم مناعة ضد مرض الإيدز، البشر دول عندهم طفرة جينية بتعطل نسخ بروتين معين اسمه ”CCR5“، فيروس الإيدز بيستخدم البروتين ده، عن طريق إنه بيرتبط بيه، وهو اللي بيخليه يدخل الخلية البشرية السليمة.
البشر اللي بيفتقدوا لوجود البروتين ده، لو حتى أُصيبوا بالفيروس، فالفيروس مش هيعرف يدخل خلاياهم من الأساس لكن العلماء قالوا إن البشر دول وبالرغم من مقاومتهم لمرض الإيدز، لكنهم مش في أمان تام يعني منه، لأن في منهم فعلًا اللي أُصيبوا بيه وماتوا كمان بسببه، وده لأن أحيانًا بتبقى فيه أنواع مختلفة ومش طبيعية من الفيروس، بتستخدم بروتينات تانية عشان تقدر تدخل الخلايا البشرية، وده السبب في إن الفيروسات عمومًا بتعتبر قدرتها على تغيير وتطوير نفسها مرعبة فعلًا، الطفرة دي موجودة عند 1% بس من القوقازيين وأقل من كده بكتير في باقي أنواع البشر.
3. مقاومـة الملاريـا:
حمى الملاريا من أخطر الأمراض اللي بتهدد حياة البشر على الكوكب، كفاية إننا نقول إنه بيهدد حياة حوالي 3.2 مليار شخص _نص سكان الأرض تقريبًا_ وللي يحب يعرف أكتر عن الملاريا من هنا. في ناس بتتولد بطفرة جينية تحميهم طول عمرهم ضد الإصابة بالملاريا حتى لو أسباب الإصابة موجودة كلها، لكن للأسف ده على حساب حياتهم فعليًا، لأن الطفرة دي بتخليهم يبقوا مصابين بمرض تاني، بيُعتبر من الأمراض المميتة هو كمان.
المرض ده هو ”أنيميا الخلايا المنجلية“، واللي بيصيب كرات الدم الحمراء بنوع من أنواع التشوه، وبيخلي شكلها زي المنجل _القوس أو الهلال_، لإن الملاريا بتعتمد على إن الطفيل المُسبب للمرض بيدخل جوا خلايا الدم الحمراء ويتكاثر ويؤدي لظهور أعراض المرض، ويكمل دورة حياته، ويا إما بيتم علاجه أو إنه يؤدي للوفاة في الأخر.
في حالة الأشخاص المصابين بـ”أنيميا الخلايا المنجلية“، كرات الدم الحمراء شكلها مختلف، فبتخلي الطفيل محتار كده مش عارف هي دي فعلًا كرات الدم الحمراء اللي هو عاوز يستوطنها ولا لأ، وعشان كده بيبقى صعب على الطفيل إنه يخترق خلايا الدم الحمراء.
الحقيقة إن الحماية ضد الملاريا ممكن تيجي بطرق كتير غير الإصابة بمرض تاني خطير زي ده، الجين المسئول عن الإصابة بالمرض ده بيبقى عبارة عن نسختين من الجينات اللي بتعمل خلل في إنتاج الهيموجلوبين ، اللي بيخلي كرات الدم الحمراء مش قادرة تنقل الأكسجين لخلايا الجسم، فلو كان الشخص واخد النسختين، واحد من الأب والتاني من الأم، فده معناه إنه هيموت قبل البلوغ أصلًا، ويبقى صحيح محمي من الملاريا لكنه مات بفقر الدم للأسف.
أما بقى لو الشخص ده خد نسخة واحدة بس من الجين من الأب أو الأم، فهو هيبقى عنده كمية كافية من الخلايا المتحورة اللي تخليه محمي من الإصابة بالملاريا، لكنه كمان عنده كميات كافية من كرات الدم الحمراء والهيموجلوبين الطبيعي اللي يخليه يعيش.
الطفرة دي منتشرة بشكل كبير في المناطق اللي بيهددها خطر الملاريا بشكل أكبر في العالم، في حدود من 10% – 40% من البشر في المناطق دي، عندهم الطفرة الجينية دي، واللي بتمنحهم حماية قوية ضد الملاريا.
4. الترموستات عندهم بايظة:
أول ما يدخل علينا الشتاء والأيام الباردة أوي، تلاقي ناس بتقولك هو إنتوا شوفتوا برد، ده الناس في روسيا بتعيش في درجات حرارة توصل لـ10 تحت الصفر مثلًا ، والحقيقة إن البشر اللي بيعيشوا في المناطق الباردة جدًا بالشكل ده، بيبقى عندهم طفرات جينية تخليهم قادرين على التكيُف مع درجات الحرارة المنخفضة دي، وده بيخليهم مختلفيين من الناحية الفسيولوجية والبيولوجية كمان.
والحقيقة إن التكيُف ده بيكون الشخص مولود بيه، فلو حتى حضرتك سافرت لصحراء سيبريا في روسيا مثلًا _بتعتبر من أكتر المناطق برودة في العالم_، وعشت هناك عشرات السنين، هتلاقي برضو إن قدرتك على التكيف على درجات الحرارة المنخفضة جدًأ دي، أقل من السكان الاصليين، والأكتر من كده إن العلماء اكتشفوا إن السكان الأصليين لصحراء سيبريا قدرتهم على التكيُف أكبر، لو قارنتهم بباقي السكان اللي عايشين في مناطق تانية في روسيا نفسها.
السر بقى في الناس دول، هو إنهم معدل التمثيل الغذائي عندهم أعلى (50% أكتر)، من الناس اللي عايشين في مناطق معتدلة الحرارة. معدل التمثيل الغذائي العالي بيمد الجسم طول الوقت بالطاقة الكافية للتدفئة، كمان بيكون عدد الغدد العرقية على الجسم عندهم أقل، وأكتر على الوجه لأن العرق في الأساس وظيفته هي ترطيب الجسم وتخفيض درجة حرارته.
5. الحياة على المرتفعات:
ناس كتير مننا بتحلم تطلع على قمة إيفرست، لكن الحقيقة إننا بنتعب أصلًا لو طلعنا السلم 7 أدوار، طب الناس اللي عايشين أصلًا في المناطق المرتفعة دي يا ترى إيه المختلف عندهم؟ وإزاي قدروا يتكيفوا مع كميات الأكسجين القليلة دي بالإضافة للضغط المنخفض.
بيعتقد العلماء إن الأشخاص اللي عايشين في مناطق جبال التبت ونيبال، واللي بيقدروا يعيشوا على ارتفاع 4000 متر فوق سطح البحر، أكيد عندهم اختلافات جينية بتخليهم قادرين على العمل بشكل طبيعي في ظل انخفاض نسبة الأكسجين في الجو بنسبة 40% عن الموجود على مستوى سطح البحر.
على مر القرون اللي فاتت، وعشان البشر دول يتكيفوا على الظروف دي، بدأ يحصل تطور في جيناتهم، يعني مثلًا الصدر بقى أعرض، وقدرات الرئة أكبر، وده بيخليهم يقدروا ياخدوا كميات أكبر من الأكسجين في كل شهيق. على عكس الناس اللي بيعيشوا في المناطق المنخفضة، واللي جسمهم بينتج كميات أكبر من كرات الدم الحمراء، في الوقت اللي بيحاولوا فيه يعيشوا في مناطق مرتفعة ونسبة الأكسجين فيها أقل، فالسكان الاصليين للمناطق المرتفعة، جسمهم بينتج كميات أقل.
لأنه على الرغم من إن كل ما زادت كرات الدم الحمراء كل ما كان الحصول على أكسجين أكتر للجسم، لكنه في نفس الوقت لما بيزيد عددها، بتخلي الدم تبقى كثافته أكبر، وبالتالي احتمالات تجلطه أعلى، واللي في الحالة دي ممكن يؤدي في النهاية للوفاة. التكيُف ده حصل عن طريق تغير جيني، في جزء من الحمض النووي اسمه ”EPAS1“، والجين ده هو اللي بيقيس نسبة الأكسجين في الدم، وبيتحكم في إنتاج كرات الدم الحمراء.
هنا إحنا اتكملنا بس عن 5 من الطفرات الوراثية أو الجينية عند بعض المجموعات من البشر، استنوا الجزء التاني من مقالنا بكره واللي هنتكلم فيه عن 5 أنواع تانية مختلفة من الطفرات.
المصادر: zuniv.net listverse nature nature sciencedaily pbs ncbi.nlm.nih evolution.berkeley