نموذج معملي من الثقب الأسود يدعم فرضية ”هوكينج“
كتب: أحمد حسين
الثقوب السوداء واحدة من أكبر أسرار الكون حيث أنه ليس معروفًا لأحد حتى الآن ما يحدث للشيء الذي يسحبه الثقب الأسود إلى الداخل، فالمعلومات في نهاية المطاف لا يمكنها أن تتحرك أسرع من الضوء، لذلك لا يمكنها الهروب من الثقب الأسود لكننا نعلم أن الثقوب السوداء تتقلص وتتبخر مع مرور الوقت وينبعث منها إشعاع هوكينغ. وهذا ما أزعج العلماء لمدة 40 عامًا، لا يمكن للمعلومات أن تختفي بهذه البساطة.
الآن، تمكن علماء الفيزياء ”كامل برادلير“ و”كريس أدامي“، من جامعة أوتاوا وجامعة ولاية ميشيجان على التوالي، من إظهار أن المعلومات لا تُفقد بل يتم نقلها من الثقوب السوداء إلى إشعاع هوكينغ المذكور سابقًا، ويحتمل أن يكون هذا هو حل أحد أهم أسرار علم الكونيات.
منذ أكثر من 40 عامًا، وضع ستيفن هوكينغ فكرة أنه على الرغم أنه لا يمكن لأي شيء الهروب من الثقب الأسود إلا أنه ينبغي أن يكون هناك قدر معين من الجسيمات المنبعثة من الحافة الخارجية لأفق الحدث الخاص بالثقب الأسود. وهذه الانبعاثات من شأنها سرقة الطاقة من الثقب الأسود بمرور الزمن، الأمر الذي يؤدي إلى تبخره وتقلّصه.
لم يكن هذا الانبعاث من الثقب الأسود نفسه لذلك بدأ علماء الفيزياء في التساؤل عما يحدث للمعلومات داخل الثقوب السوداء عندما تختفي. إذا كانت المعلومات غير قابلة للاسترجاع، فسيكون هناك انتهاك لقوانين ميكانيكا الكم، وهذا ما أدى إلى ما يسمى بمفارقة معلومات الثقب الأسود.
قال ”أدامي“ أن القضية لم تنتهي لأن حسابات هوكينج لم تكن قادرة على التقاط تأثير الإشعاع، والذي سُمي إشعاع هوكينج. افترض الفيزيائيون أن الثقب الأسود سوف يتقلص في الوقت الذي يحمل فيه إشعاع هوكينج كتلة الثقب الأسود بعيدًا لكن لا أحد يمكنه التأكد من هذه الفرضية عن طريق العمليات الحسابية.
وضعت عدة حلول مطروحة لحل التناقض لكن العديد من الفيزيائيين يفترض أن المتناقضة سيتم حلها بمجرد اكتمال نظرية الجاذبية الكمومية (Quantum Gravity). على الرغم من أن النسبية العامة وميكانيكا الكم من أعظم إنجازات البشرية إلا أنهم لا يعملان معًا بشكل جيد لكن الثقوب السوداء هي واحدة من تلك الحالات التي يلزم فيها تطبيق كلتا النظريتين.
النموذج الذي طرحه برادلير وأدامي يبحث في تأثير الكم الذى ينتجه إشعاع هوكينج. استخدم العلماء المحاكاة الحاسوبية لينشأوا الثقوب السوداء، ولاحظوا أن إشعاع هوكينج يُخرِج الطاقة والمعلومات من الثقب الأسود.
قال أدامي أنه كان عليهم أن يحاولون معرفة كيفية تفاعل الثقب الأسود مع حقل إشعاع هوكينج الذي يحيط به حتى يتمكنوا من عمل حساباتهم بشكلٍ صحيح، وذلك لأنه لا توجد أي نظرية للجاذبية الكمومية يمكنها أن تشير إلى مثل هذا التفاعل. ومع ذلك، يبدو أنهم قد خمنّوا نموذجهم بشكل مدروس جيدًا لأنه يعادل نظرية هوكينج في حدود عدد من الثقوب السوداء ثابتة لا تتغير.
عمومًا يعتبر ما توصلوا له خطوة مثيرة للاهتمام في فهم الثقوب السوداء، وخطوة أيضًا في طريق إظهار أن أي تفاعل كمّي بين الثقوب السوداء وإشعاع هوكينج من المرجح جدًا أن يكون له نفس خصائص هذا النموذج.
المصادر