علم النفس يجيب لماذا يزيد الإبداع في الفوضى؟
كتبت: مها طـه
أكيد في مرة رحت عند صاحبك أو دخلت أوضة أخوك لقيتها تضرب تقلب، مفيش حاجة في مكانها، الهدوم على السرير والكتب في الأرض، والكوبايات تحت الكومودينو، لكن أكيد أكيد الجزم في الدولاب! غالبًا الشخص ده لو حاولت ترتب له المكان اللي هو قاعد فيه، هتلاقيه معترض بشدة ومش بعيد يخانق معاك يقولك أنا كدة مش هاعرف ألاقي الحاجات بتاعتي، حضرتك ببساطة لخبطت له نظام أوضته العشوائية.
الأشخاص الفوضويين غالبًا بيكونوا مُبدعين، وفعلًا بيحسوا إن قدرتهم على الإبداع بتزيد لما الأوضة اللي قاعدين فيها تكون مكركبة، والسؤال هنا هل ممكن فعلًا يكون الكلام ده حقيقي؟ هل في تفسير علمي للإحساس ده عند بعض الأشخاص؟
في الوقت اللي فيه دراسات كتير في علم النفس بتتكلم على إن النظام والترتيب بيساعدوا على الوصول للأهداف أسرع، وكمان بيحفزوا النجاح في المهام اللي بيقوم بيها الشخص، لكن كمان في دراسات كتير جديدة وأخرهم الدراسة اللي قام بيها الباحثين في جامعة ”مينيسوتا“ الأمريكية، بتشير لنتايج مختلفة تمامًا، نتايج نقدر نقول إنها بتشجع على الفوضى.
العلاقة بين الإبداع والفوضى
فكرة إن الأشخاص الفوضويين بيكونوا مُبدعين، بتنبع من تمردهم على النظام والقوانين، يعني ببساطة لو حضرتك شخص فوضوي فإنت غالبًا بتحط كل حاجة في مكانها غير المناسب أو بترمي كل حاجة على بعضها وخلاص، وطبعًا طول الوقت بتكون محتاج حاجة من الحاجات دي، محتاج الكتاب اللي في الدولاب، أو البنطلون اللي على التسريحة، إلخ. وبالتالي عشان ماتبقاش مُلتزم بالنظام فإنت هتحاول تلاقيهم في الأوضة وهي بحالتها دي، وده اللي هيخليك تفكر أكتر وأسرع وتبتكر طرق للتفكير جوا مخك عشان تلاقي كل حاجة بشكل سهل.
لو في شخص غريب قرر يخوض الفوضى دي هياخد وقت طويل جدًا، لكن الشخص صاحب الفوضى هيعرف يوصل بمنتهى السهولة لكل حاجة، لأن مخه عامل طريقة لكل حاجة عشان يلاقيها. ”كاثلين فوهز“، أستاذة علم النفس في جامعة مينيسوتا، استخدمت نموذج مكوّن من أوضة فوضوية وأوضة منظمة، لإجراء سلسلة من التجارب، وكانت النتيجة إن الغرف الفوضوية كانت بتحفز التفكير الإبداعي أكتر، وقدمت الأدلة العلمية على الكلام ده.
التفكير الإبداعي هو التفكير خارج الصندوق
التفكير الإبداعي في أنقى صوره هو التفكير خارج الحدود والخطوط المنطقية، وعشان كدة بيُعتبر الشخص الفوضوي مُبدع. آينشتاين كان بيقول ”إذا كان المكتب الفوضوي دليل على تشتُت الذهن، إذًا فكيف نُفكر في المكتب الفارغ؟“.
آينشتاين مكتبه كان دايمًا غير مُنظم، وكأنه بيعمل خطة لغزو العالم، لكن مش آينشتاين لوحده، لكن كمان ”مارك توين“K الكاتب الأمريكي الساخر، واللي كان بيتميز بعقليته المُبدعة، مكتبه كان فوضوي أكتر من ألبرت آينشتاين بكتير.
مكتب آينشتاين يوم وفاته
لو مش عاجبك آينشتاين ومارك توين خليني أقولك إنك ممكن تضيف عليهم ”ستيف جوبز“، وطبعًا كدة بقى واضح هو ليه اخترع الكتب الإليكترونية عشان كان صعب يلاقيهم في وسط مكتبه الفوضوي، وده لأن كل اللي شاف مكتبه كان بيصفه بإنه كارثة فعليًا، لكن كمان يمكن ده كان سر عبقريته تميُزه.
هل ده بقى معناه إنك لو قمت فضيت الدواليب على الأرض، ورميت الكتب كل واحد في حتة وقلبت الأوضة على بعضها، ونمت بالليل هتصحى الصبح تلاقي نفسك عبقري؟! 😀
الحقيقة مش كدة بالظبط يعني. لو إنت شخص فوضوي بالفطرة، وشايف إنك ممكن تحافظ على فوضويتك المُعتادة وفي نفس الوقت تضمن مستوى نضافة كويس، فإنت على الطريق الصحيح وغالبًا هتكون مُبدع.
أما بقى لو كنت فوضوي وكمان مش مُهتم بمستوى النضافة، فيؤسفني أقولك إن ده هيقلل كتير من قدرتك الإبداعية، ده إن مقللش من قدرتك على التواصل مع الآخرين كمان بسبب الريحة القذارة، ده غير إنك بسهولة لو عايش في مكان قذر ممكن تُصاب بأمراض كتير تضعف مناعتك وبالتالي مش هتبقى ملاحق تكون مبدع ولا تعالج نفسك مثلًا.
في النهاية عندك طريقة واحدة بس عشان تقدر تقيس مدى إبداعك في الفوضى، وفي ظل الخروج عن النظام والطبيعي والمفروض، جرب تسيب نفسك براحتك وتعمل اللي تحبه وشوف هل يا ترى مخك هيقدر يتكيف يلاقي حلول سريعة وطرق جديدة للتفكير، ولا هتضايق وتتخنق وتحس إنك محتاج ترتب كل حاجة في مكانها عشان تكون مرتاح.
عمومًا مش شرط أبدًا يكون الشخص المُنظم غير مُبدع، ولا الفوضوي مبدع، معظم الأشياء في الكون نسبية أصلًا وبتختلف طبقًا لحاجات كتير، الأهم فيها إنك تدور على الطريقة الأسلوب الأمثل عشان تظهر إبداعك ده.
المصادر: