كتر الوجع أحيانًا موت!
كتبت: يارا كمال
الأستاذ مصطفى حجاج بيقول في مرثيته اللي علم علينا كلنا بيها : ”الوجع من قدي في الدنيا دي شافه وجربه“، على الجانب الآخر تغني الفنانة دينا الوديدي وتقول: ”كتر الوجع هيبة“! بس معلش يا أستاذة دينا كتر الوجع ضار ويسبب الوفاة! وهنا تحديدًا أنا بتكلّم عن الوجع المادي مش المعنوي طبعًا. فيا ترى إحنا ممكن نموت من الألم؟ أيوه ممكن بس ده يحصل إزاي؟
إزاي بنحس بالألم؟
خلينا نشرح الأول عملية الإحساس بالألم بتحصل إزاي. في الأول، بنتعرّض للمثير أو العامل يعني اللي بسببه هنحس بالألم زي حاجة سخنة محطوطة على النار مثلًا. تاني حاجة، هنستقبل الإحساس بالألم من خلال نهايات أعصابنا. الأعصاب بتغطّي كل بوصة في جسمنا. ولما بتعرف إن بيحصل تلف لنسيج ما في الجسم أو فيه احتمال إنه يحصل تلف، بتوصل رسالة للمخ تنبّهه عشان يوقف التلف ده بتصرف معيّن، ودي تالت حاجة إن العصب ينقل الإشارة للجهاز العصبي المركزي.
الخطوة الرابعة والأخيرة هي معالجة الألم (بمعنى التعامل معاه مش تخفيفه). الجهاز العصبي المركزي بتاعك دلوقتي وصل له إشارة الألم، تقوم الخلايا العصبية بتاعتك تتواصل مع بعضها عشان تحدد التهديد ده يستاهل إن الجسم ياخد رد فعل ولا لأ. يعني مثلًا لو إنت ماسك حاجة سخنة، ممكن تستحملها لحد ما تنقلها من غير ما تلسع إيدك، لكن لو هي سخنة أوي هترميها من إيدك غصب عنك. المخ هو اللي بيحسب كم الألم اللي المفروض تحس بيه عشان تحمي جسمك، وقتها بتحس بالألم.
ممكن لما المخ يلاقي الألم غير محتمل، يقفل نفسه، فالإنسان يفقد الوعي، يعني ضحايا التعذيب ممكن يغمى عليهم لإن جسمهم ماستحملش الألم. في العمليات الجراحية زمان، قبل ما يخترعوا البنج، كان عادي جدًا إن المرضى يغمى عليهم أثناء العملية.
مفيش مستوى معين للألم يخلي الإنسان يغمى عليه، لإن المسألة فروق فردية، وكل واحد ليه قدرته على الاحتمال. في الأربعينات، حاول جراح اسمه ”جيمس هاردي“ يعمل مقياس للألم اسمه (Dolorimeter)، بس الفكرة دي منفعتش لإن كل واحد بيحس بالألم بمستوى معين وطريقة معينة. طيب، نرجع للسؤال الأصلي: ممكن الألم ده يتجاوز الحد لدرجة إننا نموت من الألم؟
هل الألم يؤدي إلى الموت ؟
بصوا، مفيش حد هيموت من كتر إشارات الألم اللي بتوصل له لإن ساعتها المخ هيقفل نفسه، والشخص ده هيغمى عليه. بس ممكن الواحد يموت من الصدمة، ومش مقصود بيها الصدمة العاطفية بتاعة قلبي قلبي والكلام ده، لأ، فيه حالة طبية اسمها ”صدمة الدورة الدموية – Circulatory Shock“ بتحصل نتيجة زيادة حادة في مستوى الألم.
لما بتتعرض لصدمة زي الألم الشديد، الدم والأكسجين اللي بيوصلوا لخلايا جسمك مابيبقوش كافيين، وده بينتج عنه تلف سريع ودائم في الأنسجة. لو الصدمة دي ما اتعالجتش بسرعة ممكن تسبب تلف في الأعضاء والمخ، وده ممكن يسبب الوفاة.
في الحروب، المسعفين لقوا إن مسكنات الألم، المورفين مثلًا، ممكن تحمي حياة الجنود لإنها بتحميها من الصدمة الناتجة عن الألم، وكل ما لحقوا الجنود بالمورفين، كل ما معدل البقاء بين الجنود المصابين زاد. عشان كده الجنود في الحرب العالمية التانية، كانوا بيشيلوا معاهم مورفين.
المصدر