العلماء يسعون للتنبؤ بالأطفال الذين سيصبحون مجرمين بالمستقبل
كتبت: يارا كمال
يأمل ”ريتشارد بيرك“، الباحث الإحصائي بجامعة بنسلفانيا، أن يتنبأ بمن سيرتكبون الجرائم في المستقبل، وذلك عن طريق العمل الذي أجراه هذا العام في النرويج.
تجمع الحكومة النرويجية كميات كبيرة من البيانات عن مواطنيها وتضمها في ملف تعريفي واحد. ما يأمله ”بيرك“ هو أن يستخدم ملفات الأطفال وآبائهم لمعرفة إذا كان سيستطيع التنبؤ من خلال ظروف الميلاد بارتكاب الطفل للجريمة قبل عمر الـ18 من عدمه.
المشكلة هنا أن الأطفال حديثي الولادة لم يفعلوا شيئًا بعد. إن النتيجة المتوقعة من هذه التجربة هو تصنيف بعض الأطفال مسبقًا باحتمالية أن يكونوا مجرمين ليس بناءًا على شيء سوى ظروف الميلاد.
يعتمد عمل ”بيرك“ على التعلم الآلي، والذي يتضمن أن يضع علماء البيانات الخوارزمية (نظام الحلول الحسابية) التي تعلّم أجهزة الكمبيوتر تحديد الأنماط في مجموعات البيانات الكبيرة. بمجرد أن يستطيع الكمبيوتر أن يحدد الأنماط، يستطيع تطبيق النتائج التي توصل إليها للتنبؤ بالمخرجات، حتى من مجموعات البيانات التي لم يرها من قبل.
على سبيل المثال، جمع ”تارجت – Target“، أحد عمالقة تجارة التجزئة في الولايات المتحدة، بيانات عن عادات التسوق لدى زبائنه واستخدم التعلم الآلي للتنبؤ بما سيشتريه زبائنه في الغالب ومتى. ما وضع ”تارجت“ في مأزق في عام 2012، هو استخدامه لنموذج تنبؤ بالحمل مما جعلهم يتكهنون بدقة بحمل طالبة في المرحلة الثانوية في ولاية مينيسوتا.
وبالفعل في مجال علم الجريمة، اتجهوا إلى استخدام التعلم الآلي كمحاولة للتنبؤ بالمجرمين المرجح عودتهم للجريمة.
إن تركيز ”بيرك“ ينصب منذ فترة طويلة على القدرة على استخدام التعلم الآلي حتى يستطيع نظام العدالة الجنائية تقييم المخاطر.
على سبيل المثال، في وقت سابق من هذا العام، كان يبحث عن إذا كان من المرجّح أن يرتكب شخص أُفرج عنه بكفالة في تهمة ارتكاب جريمة عنف منزلي، جريمة أخرى قبل موعد محاكمته القادم أم لا.
إن الخوارزمية المستخدمة في التعلم الآلي التي تستطيع أن تتنبأ بدقة بسلوك الإنسان، تعتمد على بيانات متصلة بهذا السياق قدر الإمكان. فبينما تستخدم ”تارجت“ بيانات وصفية مأخوذة من روتين التسوق، يستخدم ”بيرك“ منبئات مخصصة للجريمة والتركيبة السكانية. وذلك يتضمن عدد المرات السابقة التي أُلقي فيها القبض على الشخص، وعمره في أول مرة أُلقي فيها القبض عليه، ونوعية الجرائم التي ارتكبها، وعدد الإدانات السابقة، كما يتضمن أداء العمل في السجن، ومدى قربه من منطقة ترتفع بها معدلات الجريمة، ومعدل ذكائه ونوعه. في بعض دراساته، استخدم ”بيرك“ 36 منبئًا.
في كل تجربة لـ”بيرك“، استطاع اللوغاريتم أن يتنبأ بدقة إلى حد كبير بالأشخاص الذين لا يمثلون خطرًا كبيرًا. على سبيل المثال، حدد ”بيرك“ 89% من هؤلاء ليس من المحتمل أن يرتكبوا عنف منزلي، و97% من السجناء من غير المحتمل أن يرتكبوا سوء سلوك جسيم في السجن، و99% من الجناة السابقين من غير المحتمل أن يرتكبوا جريمة قتل.
المشكلة أن الخوارزمية لم تكن دقيقة البتة في التنبؤ بالأشخاص الخطرين، فبلغت دقة التنبؤ بالسجناء الذين من المحتمل أن يشاركوا في سوء سلوك خطير في السجن 9%، وبلغت دقة التنبؤ بأن يرتكب الجناة تحت الإفراج المشروط أو تحت المراقبة جريمة قتل 7%، بينما بلغت دقة التنبؤ بالمتهمين المفرج عنهم بكفالة في تهم عنف منزلي الذين من المحتمل أن يرتكبوا جريمة أخرى قبل ميعاد جلسة محاكمتهم القادمة 31%.
يمكن استخدام نتائج تجارب ”بيرك“ بتحويل الموارد بعيدًا عن الأشخاص قليلي الخطورة، مما يعني وضع ظروف راقبة أقل مشقةً على المتهمين بالعنف المنزلي اللذين من غير المحتمل أن يرتكبوا جريمة أخرى، واستهداف الأشخاص الأكثر خطورة بمزيد من هذه الموارد، على سبيل المثال وضع الأشخاص الأكثر قابلية لسوء السلوك الجسيم في سجون أكثر تأمينًا.
المصدر: