.
نوّرها

أشهر 10 نظريات علمية ثبُت خطأها – الجزء الأول

كتبت: مها طه

الظواهر الطبيعية الموجودة حوالينا بتجذب العلماء لوضع نظريات علمية لتفسيرها، فى نظريات أثبت العلم صحتها بعد سنين طويلة زى ما حصل مؤخرًا مع نظرية آينشتاين عن النسبية، واللى تنبأ فيها عن وجود موجات الجاذبية قبل 100 سنة من دلوقتى، لكن كمان فى نظريات تانية العلم أثبت خطأها، وكان تفسيرها للظواهر مخالف للحقيقة، وهنا لازم نقول إن العلم مفيهوش حقايق مطلقة، العلم كل يوم ممكن يتغير ويقول جديد وينفى أو يثبت النظريات اللى بيتم وضعها طول الوقت.

هنا هنتعرف على أشهر 10 نظريات علمية خاطئة، واللي قدر العلم يوضح كونها خاطئة ليه؟

1. الأثير المضئ

الأثير كان معروف كمادة غامضة بيتنقل الضوء عن طريقها فى الكون، الفلاسفة الرومان زمان أوى قالوا إن الضوء محتاج نظام توصيل، بطريقة تخليه مرئي، وفضلت الفكرة دى موجودة لحد القرن الـ19. لو كانت النظرية دي صح، كانت هتعيد النظر فى فهمنا للفيزياء ككل، ولو كان الأثير مادة فيزيائية موجودة حتى فى الفراغ، كانت دراسة الفضاء وقياسه ومعرفة حجمه أسهل بكتير،.

التجارب العلمية تعارضت مع نظرية الأثير لكن فى القرن الـ18 النظرية دى انتشرت بشكل كبير، لأنه كان بيتم التعامل معاها كمعطى فى التجارب العلمية أو كأمر مُسلم بيه. بعدين لما النظرية دي تم تجاهلها، جه الفيزيائى ”ألبرت ميشيلسون“ أشار لوجود أثير مضئ واعتبره واحد من أكبر المُسلمات فى العلم الحديث!

بالشكل العلمي التقليدي، كانت محاولة فهم الأثير المضئ تعتبر من أكتر النظريات المعقدة فى العلم. تجارب إثبات حيود وإنكسار الضوء قضت تمامًا على نظرية الأثير المضئ فى تفسير انتقال الضوء، لكن ده حصل كمان بظهور نظرية آينشتاين ”النسبية الخاصة“، واللى أعادت تشكيل الفيزياء، وبظهورها فقدت نظرية ”الأثير المضئ“ أخر أتباعها، وعلى الرغم من ده إلا إن النظرية مازالت موجودة بأشكال مختلفة.

مقولة للفيزيائي "نيكولا تيسلا" عن الأثير المضئ
مقولة للفيزيائي “نيكولا تيسلا” عن الأثير المضئ

2. نظرية اللائحة البيضاء

واحدة من أقدم وأكتر النظريات المثيرة للجدل في الفلسفة وعلم النفس. النظرية بتقول إن الناس اتولدوا من غير أى سمات شخصية ولا ميول معينة. المؤيدين للنظرية دي، وهم كتير بدايةً من أرسطو، أصروا على إن كل المحتوى العقلى بيبقى عبارة عن تراكم للخبرات ونتاج للتعليم. بالنسبة للمفكرين دول مفيش أي محتوى عقلي بيبقى موجود كده بشكل طبيعى.

أكبر تأييد للنظرية دى كان من خلال أفكار ”سيجموند فرويد“ فى علم النفس، واللى نظرياته بتأكد إن اللاوعي عند الشخص بيتكون نتيجة للتجارب اللى بيعيشها الشخص فى طفولته المبكرة. تم إثبات خطأ النظرية دي نتيجة لوجود شكوك عند العلماء، هل معقول إن خبرات الشخص والسلوكيات اللي اتعلمها ليها كل التأثير الكبير ده على بنيته الشخصية؟

في الوقت الحالي طبعًا، أصبح من المعروف إن الجينات والصفات الموروثة اللي الشخص بيتولد بيها، بالإضافة للغرائز الفطرية اللي بتلعب دور حاسم في بناء الشخصية. طبعًا ده تم إثباته بعد سنين طويلة من الأبحاث، واللي درست طرق البشر في التعبير واللي ممكن تكون متشابهة جدًا زي الابتسامة في بعض المواقف أو بعض الظواهر اللغوية المنتشرة حوالين العالم بشكل غريب بالرغم من اختلاف الثقافات. في نفس الوقت اتعملت دراسات اعتمدت على الأطفال والتوائم فى بيئات مختلفة، وكان الاستنتاج إن نفس الصفات موجودة ومتشابهة وده يدل إنها موروثة وإن الشخص إتولد كده.

سيجموند فرويد
سيجموند فرويد

3. علم فراسة الدماغ

طبعًا دلوقتى مفيش حد يسمع عن علم إسمه ”فراسة المخ“ لكن فى وقته كان العلم ده من أشهر وأكبر فروع علم الأعصاب. المؤيدين للعلم ده كانوا بيعتقدوا إن السمات الشخصية زي الذكاء أو العدوانية أو حتى امتلاك أذن موسيقية، كلها بتقع فى منطقة حساسة جدًا فى المخ، وعليه بدأ المؤيدين للعلم ده واللى بيدرسوه يعتبروا إن كل ما الأجزاء دي كبرت فى المخ، كل ما كان الشخص ده أميل لأنه يتصرف بشكل معين.

الدكاترة الممارسين كانوا بيدرسوا حجم وشكل الرأس عشان يقدروا يحددوا نوع الشخصية، برسم خرائط تفصيلية لقوا إن المخ بيتكون من 27 منطقة مختلفين، وإن الناس اللى عندهم نتوء كبير فى الجمجمة فى المنطقة المسئولة عن الألوان، بيبقى عندهم ميل أكبر لإنهم يبقوا رسامين، حتى أيام انتشار العلم ده فى القرن الـ19، إلا إن عدد من العلماء كانوا بيتريقوا على الكلام ده، وبيعتبروه نوع من أنواع الشعوذة لكن انتقاداتهم دي كان بيتم تجاهلها لحد القرن الـ20.

لما العلم الحديث قدر يقدم أدلة ساعدت فى إنها توضح إن السمات الشخصية والميول مالهاش علاقة بمناطق معينة فى المخ، أو على الأقل مش بالطريقة دي، العلم ده لسة موجود لكن بيُعتبر على الهامش لكن فى القرن الـ21 بقى يعتبر استخدام العلم ده شئ مشين، خصوصًا بعد ما تم استخدامه لتبرير أفعال عنصرية، أشهرها أفعال النازيين.

خريطة للدماغ
خريطة للدماغ

4. الكون الثابت لآينشتاين

قبل ما العلماء يتبنوا فكرة إن الكون نشأ نتيجة للانفجار الكبير، كان المعتقد السائد هو إن حجم الكون ثابت مفيهوش تغير، وعمره ما كان أصغر من حجمه ولا هيبقى أكبر منه أبدًا. النظرية دي قالت إن الحجم الكلي للكون ثابت تمامًا، وإنه بيُعتبر نظام مغلق على نفسه. النظرية دي كان أكبر أنصارها هو ”ألبرت آينشتاين“ فى نظريته المعروفة باسم ”كون آينشتاين“ أو الكون الثابت، واللى تبنى الفكرة دى وضمها لحساباته الخاصة بنظرية النسبية العامة.

النظرية دي من الأول كانت مليانة مشاكل، أولًا لو الكون حجمه محدود _له نهاية معينة_، فنظريًا هتبقى كثافته كبيرة، وده ممكن يخليه يدخل فى ثقب أسود عملاق، واللي حاول آينشتاين يتغلب عليها بمبدأ ”الثابت الكوني“.

إلى جانب اكتشاف ”إدوين هابل“ للعلاقة بين ”التحول للأحمر“ والمسافة، أو بمعنى آخر الطريقة اللي بيتغير بيها لون الأجرام السماوية فى أثناء حركتها بعيد عننا، واللي وضحت بشكل قاطع إن الكون بيتمدد.

آينشتاين تخلى بعد كده عن فكرته دي، وأشار ليها على إنها ”أكبر خطأ“ فى مسيرته كلها، لكن لحد دلوقتى نظرية تمدد الكون _زيها زي كل نظريات علم الكونيات_، مازالت مجرد نظرية جاري بحثها و التأكد منها، ولحد دلوقتي مازال فى بعض العلماء المؤمنين بالنظرية القديمة.

ألبرت آينشتاين
ألبرت آينشتاين

5. الانصهار البارد لبونز وفليشمان

فى الوقت اللي كان معروف إن الظروف اللى لازم تتوفر لإنتاج طاقة نووية عادةً بتبقى إن درجة الحرارة تكون عالية جدًا _نفس اللى بيحصل فى الشمس_، نظرية الانصهار البارد قالت إن النوع ده من التفاعلات ممكن يحصل فى درجة حرارة الغرفة (250).

طبعًا ده مبدأ بسيط أوى، لكن آثاره كانت مذهلة، لو كان من الممكن إن التفاعل النووى يحصل فى درجة الحرارة دي، ده معناه إننا ممكن نحصل على طاقة كبيرة جدًا مع تفادى خطر المخلفات الخطيرة للعملية دي.

النظرية العظيمة دى كانت على وشك إنها تبقى حقيقة سنة 1989، لما ”مارتن فليشمان“ و ”ستانلى بونز“_ أساتذة الكيمياء الكهربية_ نشروا نتايج تجاربهم المعملية، وقالوا إنهم وصلوا للانصهار البارد، وحصلوا على ”الطاقة المهولة“ اللى كانوا بيحلموا بالحصول عليها، عن طريق تجربة تمرير تيار كهربى فى مياه بحر ومعدن الـ”بالاديوم“. وقتها كانت استجابة الإعلام والمجتمع العلمي لكلام فليشمان وبونز عظيمة جدًا.

اعتبر الخبراء الاكتشاف ده نقطة تحول كبيرة فى تاريخ العلم، وكانوا معتقدين تمامًا إن الطاقة الناتجة عن الانصهار البارد هتكون رخيصة ونضيفة ومتوفرة. بس الحماس ده كله انتهى بمجرد ما حاول علماء تانيين تكرار التجربة، ومعظمهم فشلوا فى الحصول على أى نوع من النتائج المماثلة.

بعد الدراسة الدقيقة للبحث اللي عمله فليشمان وبونز، بقوا فعليًا فى نظر المجتمع العلمي أشخاص قاموا بفعل قذر وغير أخلاقي وادعوا نتايج مش حقيقية وأعلنوها. وبالرغم من إنها بيتم اعتبارها نظرية مش موجودة أصلًا وبالرغم من وصمة العار اللي التصقت بيها، إلا إن العلماء لسه بيجادلوا فى إن اللى حصل مش دليل على إن النظرية نفسها غلط، وحاليًا بيحاولوا يعيدوا التجربة تانى باستخدام طرق جديدة لتحقيق ما يسمى بالـ”tabletop nuclear reaction“ وبيتمنوا إنها تحقق نجاح مدهش.

غلاف مجلة التايمز وقتها
غلاف مجلة التايمز وقتها

المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى